الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

الصين سلمت روسيا تقارير للاستخبارات الأمريكية قبل الحرب الأوكرانية

الصين سلمت روسيا تقارير للاستخبارات الأمريكية قبل الحرب الأوكرانية

أمريكا طالبت الصين بتحذير الرئيس الروسي من مغبة التدخل العسكري في أوكرانيا.

بايدن أهدر 3 أشهر في إقناع بكين بحتمية عدول موسكو عن قرار التصعيد العسكري

بينغ لبوتين: واشنطن تسعى لخلق خلاف بين الدولتين الصينية والروسية

أزاحت معلومات سريَّة الستار عن محاولة الإدارة الأمريكية شق صف العلاقات بين روسيا والصين قبل غزو أوكرانيا بثلاثة أشهر؛ وعزت إلى مسؤولين دبلوماسيين واستخباراتيين في واشنطن محاولات الوقيعة بين موسكو وبكين لتحقيق هدفين رئيسيين: عزل الصين عن روسيا، والانفراد بالأخيرة حال إصرارها على الصدام مع معسكر الغرب؛ لكن حكومة بكين التي هادنت المساعي الأمريكية، أحبطت عمليات استقطابها وإبعادها عن موسكو، وأطلعت الاستخبارات الروسية الـKGB على النوايا الأمريكية، وهو ما عزَّز العلاقات الصينية – الروسية بشكل فاق كل التوقعات، وخلق تلاقياً في المواقف بين الجانبين حول الملف الأوكراني ضد الولايات المتحدة ومعسكر الغرب. وأهدرت إدارة بايدن 3 أشهر في محاولة إقناع الصين بتحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مغبة التدخل العسكري في أوكرانيا؛ وبعد إطلاع الأجهزة المعنية في بكين على تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الـCIA في هذا الصدد، لم تبد اقتناعاً بتقديرات الموقف الأمريكية، وقالت إنها لا تمتلك معلومات مؤكدة اعتزام بوتين شن عملية عسكرية في أوكرانيا. وحسب تقرير مطول كشفت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» ما جرى خلف كواليس الاتصالات السريَّة بين واشنطن وبكين، لم تكتف الأخيرة بموقفها المعارض لتقديرات الـCIA، وإنما نقلت التقارير الأمريكية برمتها إلى روسيا، لإحباط ما وصفته بـ«محاولات الاستقطاب» الأمريكية.

ارتفاع الدخان

وبعد ارتفاع دخان محاولات الوقيعة الأمريكية، كشف مسؤولون في واشنطن أن بكين أطلعت موسكو على مضمون التقارير؛ وفي اتصال شخصي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن «واشنطن تسعى لدق إسفين يفضي إلى خلاف بين الدولتين الصينية والروسية». وفي تقريرها أشارت «نيويورك تايمز» إلى أنه بعد ساعات من مداهمة القوات الروسية الأراضي الأوكرانية، واجه جو بايدن سؤالاً مباشراً من أحد المراسلين حول عمله مع الصين لعزل روسيا؛ فرد الرئيس الأمريكي قائلاً: «لا يمكنني الرد على هذا السؤال في الوقت الراهن». إلا أنه وفقاً للصحيفة الأمريكية، شرعت الولايات المتحدة في مخاطبة حكومة بكين بخصوص تلك الإشكالية في شهر نوفمبر، وبعد قمة بايدن عبر الفيديو كونفرانس مع الزعيم الصيني شي جين بينغ، واتفاق الجانبين على العمل معاً على مجالات الأمن الصحي، والتغير المناخي، وانتشار الأسلحة النووية. وإذا كان الرئيس الأمريكي وإدارته يصدِّرون من خلال القمة التي يدور الحديث عنها تنسيق العلاقات بين البلدين؛ فالرئيسان الصيني والروسي التقيا ما يربو على 30 مرة منذ 2013، ويثقان في أن علاقتيهما الراهنة في أفضل حالاتها، وتزيد في متانتها عما كانت عليه منذ عشرات السنين؛ وأن بكين وموسكو تتحدان حول الاعتراض على اتساع نفوذ حلف شمال الأطلسي الـ«ناتو».

إقرأ أيضاً..«توازن الردع».. الأسلحة فرط صوتية تحييد للضربات النووية

90 دقيقة

في هذا السياق، لا تتجاهل الصحيفة الأمريكية لقاء دوائر البيت الأبيض سفير الصين لدى الولايات المتحدة، وتأكيدها أمامه قبل غزو أوكرانيا أن تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية تشير إلى أن القوات الروسية، بما في ذلك الوحدات المدرعة تطوِّق الأراضي الأوكرانية. وخلال اللقاء الذي استمر ما يربو على 90 دقيقة، قال الدبلوماسيون الأمريكيون للسفير الصيني إن الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات مؤلمة على شركات وقيادات روسية، إذا قرر الكرملين غزو أوكرانيا، وأن هذه العقوبات ستكون أعنف من نظيرتها التي فرضتها واشنطن على روسيا في عام 2014، حين ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. وأضافت دوائر البيت الأبيض خلال اللقاء ذاته أن العلاقات التجارية بين بكين وموسكو تعني تأثر اقتصاد الصين إلى حد كبير بالعقوبات الأمريكية المزمع فرضها على روسيا. وأوضح الأمريكيون أمام سفير الصين أن العلاقات القائمة بين موسكو وبكين تؤثر سلباً على وضعية الصين العالمية بشكل لا يمكن تحمُّله، إذا واصل بوتين العمل على غزو أوكرانيا.

قلق مشروع

وحسب تقرير «نيويورك تايمز»، أجرى مسؤولو البيت الأبيض تلك المحادثات مع سفير الصين لدى واشنطن أكثر من 3 مرات؛ حتى إن نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان اتصلت هي الأخرى به، وأبلغته بموقف بلادها من الروس؛ لكن الصين التي أبدت شكوكاً حيال تقديرات الاستخبارات الأمريكية، قالت إن «روسيا تشعر بقلق مشروع إزاء أمنها القومي». وخلال الأسابيع الماضية، ربطت دوائر رسمية في الولايات المتحدة بين توقيت الغزو الروسي المرتقب لأوكرانيا بتوقيت دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في بكين، وحذرت الصين من اعتزام موسكو مداهمة أوكرانيا قبل انتهاء فعاليات الدورة؛ وجاء التحذير في إطار تلميح من الولايات المتحدة إلى أن ذلك قد يعكر صفو الأجواء الصينية خلال نشوة تموضعها على المسرح الرياضي العالمي. وتعقيباً على مساعي واشنطن خلق فجوة في العلاقات بين بكين وموسكو، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ لنظيره بوتين بعد يومين من الحرب:«ينبغي العزوف عن عقليات الحرب الباردة، وأن يضع الجميع في حسبانه ويحترم قلق الدول المشروع على أمنها، وخلق منظومة متوازنة ومستدامة وفاعلة عبر المفاوضات لضمان أمن أوروبا».