الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

الرئيس الألماني يناشد حكومته بـ«الاستقلالية عن الصين»

الرئيس الألماني يناشد حكومته بـ«الاستقلالية عن الصين»

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير

اعترف الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بأنه أساء الحكم على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيراً إلى أن بوتين قد تغير كثيراً، معبراً عن أمله أن يكون لدى الرئيس الروسي بقايا من العقل، على حد تعبيره. كما ناشد الرئيس الألماني حكومته أن تصبح أكثر استقلالية عن الصين.

تغير بوتين

وفي حوار بمجلة «دير شبيغل»، أوضح شتاينماير أنه خلال مسيرته السياسية، التقى شخصياً مع بوتين في موسكو 7 مرات على الأقل، وقال: «أول لقاء مع بوتين كان عام 2001 عندما ألقى خطاباً في البرلمان الألماني «البوندستاغ»، وكان يتحدث الألمانية، وأكد أن رسالته وقتها أنه يريد الانضمام إلى ألمانيا وأوروبا على طريق الحرية والديمقراطية، وأن ذلك أعطاه كسياسي ألماني الأمل، وبالنسبة للحكومة الألمانية، فقد كان يعني مسؤولية المساهمة في تحسين العلاقات».وأضاف شتاينماير: «لا يوجد شيء مشترك بين بوتين من عام 2001 وبين بوتين عام 2022، الذي نعيشه الآن باعتباره رجل حرب».ورداً على سؤال حول أنه رأى تغيراً في شخصية الرئيس الروسي على مرّ السنين، أضاف شتاينماير أنه يتذكر زيارته الأخيرة إلى موسكو، والتي كانت أيضاً الوحيدة كرئيس لألمانيا، وقال: «شاركت في الاحتفال الذي أقيم بمناسبة عودة كاتدرائية القديسين بطرس وبولس في سانت بطرسبرغ إلى الكنيسة اللوثرية، كان ذلك في أكتوبر 2017، وخلال تلك الزيارة، التقيت مرة أخرى مع بوتين، كانت محادثة فاترة، وأصبحت العداوة تجاه الغرب، وخاصة تجاه الولايات المتحدة، هي أيديولوجيته المهيمنة، وكان هذا إدراكاً مريراً للغاية بالنسبة لي».وحول الحرب في أوكرانيا، قال شتاينماير: «كنت شاهداً على التغيرات في المسار السياسي لروسيا، وما زلت آمل أن تكون لدى بوتين بقايا عقلانية، لم أكن أعتقد أن الرئيس الروسي قد يجازف بالتدمير السياسي والاقتصادي والأخلاقي الكامل لبلاده في سعيه وراء الوهم الإمبراطوري.. لقد هزني الهجوم».

السياسة الألمانية

وعن دور السياسة الألمانية، أكد شتاينماير أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، والعدوان المستمر في شرق أوكرانيا كان بمثابة نقطة تحول، وكان لهذا التحول عواقب بعيدة المدى، مضيفاً: «كوزراء خارجية لدول حلف شمال الأطلنطي «الناتو»، وضعنا هدف الإنفاق الدفاعي البالغ 2% بعد عام 2014، واتفقنا على تدابير تهدف إلى الردع والدفاع المتبادل، وشمل ذلك المراقبة الجوية في السماء فوق دول البلطيق، وبعد ذلك، مناورات الناتو في أوروبا الشرقية، وهي خطوات اعتُبرت مفرطة داخل عناصر من الجمهور الأوروبي والألماني وكان عليّ الدفاع عنها داخل حزبي».

إقرأ أيضاً..الانتخابات الفرنسية.. ماكرون يشكك في علاقات لوبان بالاتحاد الأوروبي

خط أنابيب (نورد ستريم 2)

وحول دعم الرئيس الألماني لخط أنابيب (نورد ستريم 2)، قال: «من الواضح أن هذا كان خطأ، قمت بتهدئة مخاوفي لفترة طويلة حول خطط خط الأنابيب والتي وضعت قبل عام 2014 (ضم روسيا لشبه جزيرة القرم)، وكان تركيزي على الحوار، والآن نحن أمام فشل مشروع بمليارات اليورو، كما أن سلوكنا أدى أيضاً إلى فقدان المصداقية مع شركائنا في أوروبا الشرقية».وأضاف أنه لا يعتقد أن بوتين لا يزال يحسب الأمور بشكل عقلاني، وأنه كان يعتقد أن موسكو يمكن أن تخشى توسع الناتو، ولكن يدرك اليوم أن روسيا تخشى بالفعل من توسع الديمقراطية ومن الرغبات في الحرية والحقوق.وعن شعور العديد من الشركاء بالإحباط من ألمانيا لكونها لم تفعل الكثير لمساعدة أوكرانيا، بصفتها أقوى دولة في الاتحاد الأوروبي، قال شتاينماير: «أحترم قرارات الحكومة الألمانية، فالالتزام الدائم بهدف 2% وبرنامج 100 مليار يورو للجيش الألماني يعني خروجاً عن الممارسات الألمانية الشائعة.. إنها تعني إعادة التسلح والردع، بالإضافة إلى تسليم الأسلحة لأوكرانيا».وحول المطالبات بتقديم بوتين ولافروف إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بسبب ما يثار حول ارتكاب جرائم حرب مروعة في أوكرانيا، أكد شتاينماير أن كل من يتحمل المسؤولية عن هذه الجرائم يجب أن يواجه العواقب، ويشمل ذلك الجنود، والقادة العسكريين، وبالطبع أيضاً أولئك الذين يتحملون المسؤولية السياسية.وعما يثار حول فظائع تم ارتكابها في مدينة بوتشا الأوكرانية، قال شتاينماير: «الصور من بوتشا مروعة».

اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية

وتطرق الرئيس الألماني إلى اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية، قائلاً: «نظراً للتطورات الأخيرة، يبدو أن نهاية شحنات الفحم الروسية باتت قريبة، وانطباعي هو أن الحكومة الألمانية تبذل كل ما في وسعها لتقليل واردات النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير، وإذا كان موقف الحكومة الصادق، القائم على الخبرة، هو أن حظر الغاز المفاجئ سيكون تصرفاً غير مسؤول، فلا ينبغي للمرء أن يتهمها بالسخرية إذا تصرفت على هذا النحو».وأضاف: «من بين العواقب الاعتراف الصادق بأننا لا نتحدث عن خفض التدفئة في المنزل بمقدار درجتين أو زيادة أسعار البنزين بمقدار 30 سنتاً، بل نحن نتحدث عن احتمال خسارة قطاع تجاري كامل مثل الصناعة الكيميائية، وهو أمر حيوي لعمليات التصنيع، والمنتجات في جميع مجالات اقتصادنا، إلى جانب ملايين الوظائف، وأن تسعى الحكومة إلى النظر في كل هذه العواقب أمر يجب أن نتوقعه منها».ودافع الرئيس الألماني عن اتجاه بلاده للاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، وقال «تعود جذور الوضع الحالي إلى ثمانينيات القرن الماضي، عندما فقدنا بريطانيا كمورد مهم للغاز الطبيعي، ولم تتمكن النرويج وهولندا من تعويض الخسارة إلا جزئياً، وتحولت أعين صناع سياسة الطاقة بشكل متزايد نحو روسيا في ذلك الوقت».

العلاقات الألمانية- الصينية

وحول علاقة ألمانيا مع الصين، قال شتاينماير: «هناك مناطق يكون فيها اعتمادنا على الصين أكبر من اعتمادنا على الطاقة الأحفورية على روسيا، فتستورد أوروبا 93% من المغنيسيوم وغيره من الصين، وهذه هي المواد الخام الحيوية لإنتاج الموصلات، وصناعة التكنولوجيا العالية بأكملها».وناشد شتاينماير الحكومة الألمانية أن تصبح أكثر استقلالية عن الصين، قائلاً: «علينا أن نقلل من تبعياتنا، وهذا يحدث أيضاً، لا يوجد قطاع واحد في ألمانيا لا يبحث في كيفية تقصير سلاسل التوريد وتنويع الموردين وإعادة توجيه الخدمات اللوجستية، لكننا سنبقى بلداً فريداً إلى حد ما، فنحن فقراء للغاية في الموارد الطبيعية من ناحية، ولكن منتجاتنا موجودة في كل سوق تقريباً في العالم، يمكنك حتى أن تقول: «نحن نعيش في الواقع من التبعيات.. ستبقى هذه التبعيات»، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالموارد الطبيعية، ولكن أيضًا عندما يتعلق الأمر بدور الصين في الكفاح بشكل متزايد ضد تغير المناخ».وحول ولايته الثانية كرئيس لألمانيا، قال شتاينماير إن الجدل حول مستقبل العولمة ومسؤوليتنا والصراع المنهجي بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية قد بدأ للتو، وأنه سوف يقود هذا النقاش.وحول رأيه في كيف يمكن إنهاء هذه الحرب، قال شتاينماير: «هذا سؤال يدور في أذهاننا جميعاً، وهناك شيء واحد واضح أن بلدنا يقف إلى جانب أوكرانيا».