الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا يروي تفاصيل الهروب تحت القصف

رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا يروي تفاصيل الهروب تحت القصف

الشعب الأوكراني لم يأخذ بمحمل الجد تحذيرات أمريكا بنية روسيا شن حرب واسعة.

الشعب الأوكراني لن يغفر لموسكو.. وزيلينسكي شعبيته ارتفعت لعدم هروبه

قال رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا، الدكتور وليد عطية، إن الشعب الأوكراني لم يأخذ بمحمل الجد تحذيرات الولايات المتحدة الأمريكية بنية روسيا شن حرب واسعة على أوكرانيا، وكان يعتقد أنها ستكون مجرد اشتباكات، مضيفاً في حوار لـ«الرؤية»، أن شعبية الرئيس الأوكراني زيلينسكي، ارتفعت لعدم هروبه، رغم أنها انخفضت قبل اندلاع الحرب بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية، نافياً حدوث تمييز بين اللاجئين على الحدود.

كيف كانت الأوضاع في أوكرانيا قبل اندلاع الحرب؟

المشهد في أوكرانيا قبل 24 فبراير، كان شديد التوتر، ليس هناك مظاهر في الشوارع، وإنما للأنباء التي تواترت من الولايات المتحدة الأمريكية عن أن روسيا لديها نية لخوض الحرب الشاملة، ولم نأخذ تلك التنبيهات محمَل الجد، لأننا توقعنا حدوث اشتباكات فقط في الشرق بمنطقة «دونباس»، وهو أمر مستمر منذ 8 سنوات، لكننا لم نحلم أن يتم استهداف العاصمة «كييف»، والمناطق المتاخمة لها.

لكن كيف كان اليوم الأول من الحرب؟ وكيف استقبلتم ذلك؟

أنا وأسرتي وأغلب أقاربي وأصدقائي مقيمون في وسط العاصمة، استيقظنا فجراً، كأننا في «كابوس»، ولم نصدق ما حدث، أصوات انفجارات شديدة، وهو ما دفعنا للتحرك سريعاً بعيداً عن العاصمة، لشعورنا أنها هي المستهدفة، لذلك ابتعدنا عنها في القرى المتاخمة لها على بعد 30 كيلومتراً، وحاولنا اتخاذ التدابير اللازمة للمواد الغذائية، فضلاً عن إبعاد الأسر وخاصة الأطفال، الذين شعروا بالذعر والهلع بسبب سقوط الصواريخ على المنازل، ورأينا حطام الطائرات يتطاير، وبعد بدء الحرب اعتقدنا أنها ستنتهي خلال أيام نتيجة المفاوضات.

رأينا جميعا فرار اللاجئين، صف لنا هذا المشهد؟

بعد ساعة أو ساعتين من اندلاع الحرب، بدأنا في التحرك، لتعبئة السيارات بالبنزين، والحصول على المواد الغذائية، فكانت الطوابير على مد البصر، وطوابير السيارات كذلك على طول 10 كيلومترات، من العاصمة كييف، وإنا كنا نعتبر أنفسنا «الروس والأوكران» شعباً واحداً، لكن العدوان تسبب في صدمة وعدم اتزان.

بعد الخروج من العاصمة ماذا فعلتم كرئيس للجالية المصرية وكرجل عربي؟

بالفعل بعد الخروج من العاصمة والابتعاد عن مناطق القصف، قمت بالتنسيق مع عدد كبير من أفراد الجالية المصرية، وكذلك الأشقاء العرب والأوكران من خلال مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، لاستضافة العالقين المصريين والعرب، وذلك في الساعات والأيام الأولى من الحرب، لكن بعد 24 ساعة بدأت المعاناة في الحصول على البنزين، فكان أقصى شيء يمكن الحصول عليه 20 لتراً، وبعد 10 أيام زاد الضرب، وغارات الطيران العسكري، ما اضطررنا للابتعاد عن العاصمة واللجوء للحدود قرابة 400 كيلومتر، وذلك لنحو 20 ساعة، بسبب كثرة الزحف واللجان الشعبية لتأمين المخارج والكباري.

لكن ما صحة التعامل غير الإنساني للاجئين العرب والأفارقة؟

غير صحيح، وأنا سمعت الكلام بأنه على الحدود البولندية، هناك تعامل خشن، وذلك بسبب أن البعض أراد أن يشوه الصورة، فلك أن تتخيل طابوراً على امتداد 50 كيلومتراً على الحدود البولندية، وهنا ظهر معدن التزام الأوكران بالطابور وعدم اختراق الصفوف، لكن هناك حالات فردية وذلك من الأجانب وليس من الشعب الأوكراني، ومن الطبيعي أن يكون هناك تمييز للأطفال والنساء، فالرجال الأوكران ممنوعون من الخروج، لذلك حدثت بعض المشادات للمخالفين للقواعد، وللعلم أنني وكذلك الأصدقاء المصريون والعرب، لم نشعر يوماً ما بـ«الغربة»، فأنا أشغل منصب أستاذ نساء وتوليد بكلية الطب، وأستطيع أن أقول إن كل بلد فيها فساد، لكن ما أؤكده أن الشعب الأوكراني يفضل «نار» زيلينسكي على «جنة» بوتين.

بعد مرور شهرين على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، ما هي نظرة الأوكران لموسكو؟

أعتقد من خلال إقامتي في أوكرانيا لأكثر من 35 عاماً، أن أكبر خسارة لروسيا، هي أن الشعب الأوكراني لن يغفر لموسكو وللكرملين ما حدث، فلقد أصبح هناك كُره للروس، مهما كانت المبررات، وعلى الرغم من أن شعبية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تراجعت قبل 24 فبراير بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية، إلا أنها ارتفعت وزادت بنسبة 100%، لأنه لم يهرب خارج البلاد.

لكن روسيا لديها مبررات للتدخل العسكري ضد أوكرانيا؟

روسيا ليس لديها حق، فالحل كان من الممكن أن يكون سياسياً، أو من خلال ضغوط اقتصادية، والحديث عن قوات «الأزوف أو العنصريين الأوكران»، هم نسبة قليلة، وبعد الحرب أصبحوا من الجيش حالياً، وروسيا تبحث عن مكاسب معينة، فلقد شهدت موت أحد جيراني، ورأيت أطفالاً شردوا، لذلك أي استفتاء في أوكرانيا سيكون ضد روسيا، فالرأي واحد والحزن واحد.

إذن ما هو الحل؟

الشعب الأوكراني مسالم، ولديه أمل أن ينتصر عسكرياً، وما يحدث تصفية حسابات بين أمريكا وروسيا، وقبل الحرب كان من الممكن أن يفكروا في التنازل عن «دونباس أو شبه جزيرة القرم»، لكن بعد الحرب، الأمور تغيرت والمعطيات، وكذلك المشاعر اختلفت، وبوتين حتى لو كسب أراضي، لكنه خسر التأييد الشعبي الأوكراني على الإطلاق.

إقرأ أيضاً..المنقذ الغائب.. عيون اللبنانيين تتطلع إلى «الحياد» الإقليمي والدولي

برأيك لماذا لم تدخل روسيا العاصمة كييف؟

روسيا لم تستطع دخول «كييف»، لكنها حاصرتها، وتم تأمينها من كافة النواحي، وقد رأينا «القناصة» وتهدمت منازل ومنهم مسكن شقيقة والدة زوجتي، والجنود الروسي يستهدفون المنازل بالدبابات، بخلاف الصواريخ التي وقعت ودمرت البنية التحتية وخاصة كل المناطق العسكرية، فضلاً عن المركز التجاري الذي ذاع صيته في القصف، وتلك المشاهد خاصة في مدينة ماريوبل تذكرنا بما حدث في بورسعيد والسويس المصريتين في فترة الحرب، وما حدث أيضاً في العراق، فإعادة الإعمار في العاصمة ليس صعباً، لكن مصير الشرق الأوكراني غير معروف.

برأيك هل النظام الأوكراني سيتغير ومشاهد الحرب ستنتهي من الذاكرة؟

أعتقد أن الدعم الأمريكي والأوروبي للرئيس زيلينسكي سيكون من الصعب تغييره، خاصة أنه أصبح لديه شعبية داخلية، أما بالنسبة لمشاهد الحرب، فلن تنتهي خاصة مشهد تحطيم «دوس» الدبابة الروسية السيارات المدنية الأوكرانية، فهذا صحيح، وليس مشهداً زائفاً. الشعب الأوكراني يحتاج إلى العلاج النفسي، كما أن العلاقة بين الشعبين لن تعود كما كانت في السابق، وتحتاج إلى أجيال كثيرة لنسيان الألم، فالحرب المفروضة على أوكرانيا، المستفيد الأول منها الولايات المتحدة الأمريكية، التي نجحت في إثارة روسيا وإغراق أوكرانيا.