الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

قانون الإعارة والاستئجار.. دعم لأوكرانيا أم توريط الأجيال في الديون؟

قانون الإعارة والاستئجار.. دعم لأوكرانيا أم توريط الأجيال في الديون؟

بعد 61 عاماً من الحرب العالمية الثانية، روسيا سددت ما كان عليها من مدفوعات وفقاً للقانون. (أ ف ب)

أثار قانون «الإعارة والاستئجار للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا لعام 2022» «Lend–Lease Act»، الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع، ووافق عليه مجلس النواب بأغلبية وصلت إلى 417 عضواً، مقابل رفض 10 أعضاء فقط، الجدل في أوروبا وأوكرانيا، بل وداخل الولايات المتحدة نفسها، فأعضاء الكونغرس ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، يقولون إن القانون سوف يختصر الكثير من الخطوات الإجرائية لتيسير وتسهيل تدفق السلاح والمساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا ودول شرق أوروبا من خلال تخفيف القيود القانونية والتشريعية على الرئيس الأمريكي جو بايدن، في إرسال العتاد والدعم العسكري والاقتصادي إلى كييف، لأنه وفق نص القانون الذي نشره موقع «بوليتيكو» يتم التنازل فيه عن المتطلبات التي تستغرق وقتاً طويلاً في ما يتعلق بسلطة الرئيس في إرسال مواد دفاعية مهمة إلى أوكرانيا عبر التخلص من العقبات الإجرائية البيروقراطية المتنوعة، كما يسمح القانون للرئيس الأمريكي بمساعدة الدول المتضررة من الحرب الروسية الأوكرانية، بالدفع في وقت لاحق، وفق نص القانون.

تعميق للديون

على الجانب الثاني، يرى بعض الأطراف في أوروبا وحتى بعض الأوكرانيين أن هذه ليست مساعدات، وأنها دعم للشركات والاقتصاد الأمريكي أكثر منها مساعدات لأوكرانيا والشعب الأوكراني ودول شرق أوروبا، وقال بعض النواب الأوكرانيين، مثل النائب المعارض فاديم تسوفيكوف، إن المساعدات يجب أن تكون مساعدات وليس شيئاً آخر، بمعنى أن المساعدات العسكرية والاقتصادية سواء من الولايات المتحدة أو غيرها يجب ألَّا ترد أو تدفع مقابلها الأجيال القادمة من الشعب الأوكراني، لأنه في تلك الحالة سوف يكون هذا الدعم بمثابة «تعميق للديون» بعد أن وصلت المساعدات الأمريكية لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير الماضي لنحو 40 مليار دولار بعد الحزمة الأخيرة التي أقرها الكونغرس والتي تزيد بنحو 7 مليارات دولار على الأموال التي طلبها الرئيس جو بايدن والتي كانت نحو 33 مليار دولار. فما الأبعاد التي تقف وراء إقرار هذا القانون؟ وهل يساعد «الإعارة والتأجير» أوكرانيا ودول شرق أوروبا في المواجهة مع روسيا أم يزيد الأعباء الاقتصادية على هذه الدول ويربطها بالسياسة الأمريكية لفترات وحقب وعقود مقبلة؟

قانون هزيمة هتلر

أول مرة صدر هذا القانون كان في 11 مارس 1941 حيث أعطى الضوء الأخضر لحكومة الرئيس فرانكلين روزفلت، بإقراض دول الحلفاء الغذاء والوقود والعتاد العسكري في الحرب العالمية الثانية من أجل هزيمة هتلر، واستفادت منه كل دول الحلفاء، لكن بريطانيا والصين والاتحاد السوفيتي وحكومة فرنسا الحرة كانت أكثر دول الحلفاء التي تلقت مساعدات ودعماً بموجب هذا القانون، حيث وصلت حزمة الدعم الأمريكي للحلفاء في الحرب العالمية الثانية لنحو 50 مليار دولار، وفق موسوعة المعرفة التي قالت إن الولايات المتحدة استأجرت قواعد عسكرية وبحرية في أراضي الحلفاء أثناء الحرب، وهذا ما يقلق البعض الآن حيث تترتب على هذا الدعم -الذي يفترض ألّا يكون مشروطاً من وجهة نظر الكثيرين- حقوق مستقبلية للولايات المتحدة الأمريكية على أوكرانيا أو أي دولة أخرى تتلقى هذه المساعدات، وليس هذا فقط ما يحققه قانون «الإعارة والاستئجار» للولايات، فكثير من تصريحات وكلمات النواب الأمريكيين خلال التصويت على القانون في مجلس النواب قالوا إن هذا القانون هو الذي ساهم في هزيمة الحلفاء لهتلر، وبهذا يكون إقرار هذا القانون بهذا الإجماع من وجهة نظر الإدارة الأمريكية بمثابة رسالة بأن الولايات المتحدة سوف تواصل دعم الحرب حتى تنتصر من بعيد في الحرب الروسية الأوكرانية، وفق ما قالت النائبة الديمقراطية، ماري جاي سكانلون.

اقرأ أيضاً.. ألمانيا ترغب في رفع أعداد المجنسين لثلاثة أضعاف.. تعرف على شروط الجنسية

وينظر القانون الجديد «الإعارة والاستئجار» أيضاً لأي عمليات سيبرانية روسية تستهدف منشآت بنى تحتية رئيسية في أوكرانيا باعتبارها «هجوماً مسلحاً»، ولهذا يسمح القانون أيضاً بتقديم مساعدات أمريكية لأوكرانيا للتصدي لأي هجوم سيبراني على البنية المعلوماتية لأوكرانيا.

ساعد قانون «الإعارة والاستئجار» في جعل الصناعة الأمريكية تشارك في الحرب حتى قبل أن تدخل الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية بنحو 9 أشهر كاملة، وأن الولايات المتحدة عمدت خلال الحرب العالمية الثانية وعبر قانون «الإيجار والاستئجار» إلى دعم الآلة الإنتاجية الأمريكية بكل طاقتها، وهو ما جعل الاقتصاد الأمريكي والدولار المنتصرين الحقيقيين في الحرب العالمية الثانية، وفق جريدة جلوبال تايمز الصينية.

فخ الديون

ووفق النص الذي أقره مجلسا النواب والشيوخ في الولايات المتحدة لقانون «الإيجار والاستئجار» يتعين على أوكرانيا دفع 40 مليار دولار التي أقرها الكونغرس حتى الآن لأوكرانيا والفائدة على مختلف الأسلحة والمعدات التي ستحصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل، وفق الخبير العسكري الصيني، تشجون بين، الذي قال إن «برنامج الإعارة والاستئجار ليس رخيصاً، والأجيال القادمة من الشعب الأوكراني سوف تدفع ثمن كل الذخيرة والمعدات والمواد الغذائية التي ستقدمها لهم واشنطن، وسوف تتحول تلك الأموال إلى حفرة كبيرة من الديون، لأن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من الصراع في أوكرانيا، فدائماً ما كسب مجمعها الصناعي العسكري مبالغ ضخمة من الأموال على حساب الصراعات حول العالم، وأن هذه الديون الضخمة التي سوف تتضخم كلما طالت الحرب سوف تدفع أوكرانيا والشعب الأوكراني لمستنقع الفقر والديون».

اقرأ أيضاً.. دراسة تحذر: إيران أمام خطر انعدام الأمن المائي

61 عاماً لسداد الديون

ما يدعم القلق من تداعيات قانون «الإعارة والاستئجار» على الأجيال الأوكرانية القادمة ما كشفه رئيس مجلس «الدوما» الروسي، فاتسلاف فولودين، عندما قال: «لقد تلقى الاتحاد السوفيتي أسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية بموجب قانون الإعارة والاستئجار، وقيل حينها إن تلك مساعدة من الحلفاء... سددنا الديون، وحرمنا أنفسنا لسنوات طويلة، وزودنا الولايات المتحدة الأمريكية بالبلاتين والذهب والأخشاب، وأصلحنا السفن الأمريكية مجاناً، وغيرها من التسويات المتبادلة... بعد 61 عاماً من الحرب العالمية الثانية، وفي عام 2006 فقط تم سداد هذه المدفوعات بالكامل عن عقود الإعارة والاستئجار، إن الإعارة والاستئجار هو قرض سلعي، ليس رخيصاً، ستدفع أجيال المستقبل من المواطنين الأوكرانيين مقابل كل الذخيرة والمعدات والأغذية التي تقدمها اليوم الولايات المتحدة الأمريكية».

ورفض بعض السياسيين الأمريكيين مثل الرئيس السابق دونالد ترامب، منح أوكرانيا مليارات الدولارات في الوقت الذي تعاني منه الولايات المتحدة من نقص حليب الأطفال، ويؤكد أنه لا يوجد منتصر في الحروب سواء الذي يقدم المساعدات أو حتى الذي يتلقاها.