السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«التحدي المتنامي».. هل تنتصر الصين على أمريكا في استقطاب الحلفاء ؟

«التحدي المتنامي».. هل تنتصر الصين على أمريكا في استقطاب الحلفاء ؟

الولايات المتحدة لم تغفل الخطر الصيني معتبرة إياه أمراً متوقعاً وطبيعياً

أثار وصف الولايات المتحدة الأمريكية للصين بالتحدي المتنامي في خضم الحرب الأوكرانية الكثير من التساؤلات، حول قدرة الولايات المتحدة على تحجيم العملاق الصيني ومواجهته جنباً إلى جنب مع روسيا، في ظل اتباع الصين لسياسة النفس الطويل والتصميم على البناء على ما وصلت إليه من نمو اقتصادي وصناعي.

خبراء أكدوا لـ«الرؤية» وجود هاجس لدى صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية ينظر إلى الصين على كونها منافساً حقيقياً في المستقبل، ويرون ضرورة منع بروز منافسين حقيقيين لبلادهم خاصة الصين حتى ولو تطلب الأمر استخدام القوة العسكرية، وتساءلوا حول قدرة الولايات المتحدة على احتواء الصين وروسيا معاً، لا سيما أن النمو الاقتصادي للصين يتبعه نمو عسكري ربما يمكنها من مد نفوذها داخل مناطق حيوية للولايات المتحدة الأمريكية مثل شرق آسيا.

المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية، والباحث أيضاً في العلاقات الدولية، المستشار سالم اليامي يرى أن الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية ينظر إلى الصين إلى جانب عدد آخر من الدول داخل المنظومة الدولية باعتبارها قوى قابلة للتحول إلى منافسين حقيقيين في المستقبل سواء على المدى المتوسط أو البعيد، لافتاً إلى وجود هاجس لدى صناع القرار يدور حول تلك الأفكار، ما أسهم في تشكيل توجه جديد خلال العقدين الماضيين نحو حرمان القوى المتوقعة ومن بينها الصين من منافسة الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي ظهر بوضوح في شعارات الرئيس السابق، دونالد ترامب وإذلاقه لمفهوم «أمريكا أولاً» منذ اليوم الأول لحملته الانتخابية.

خطوات متدرجة

وحول الخطوات اللازمة لمواجهة التحدي الصيني من وجهة النظر الأمريكية يشير «اليامي» إلى أن صناع القرار داخل الولايات المتحدة الأمريكية لديهم خطوات متدرجة في هذا الشأن، بداية من استخدام القوى الناعمة التي تتجسد في اتهام الطرف الآخر بالتقصير في مسائل تخص الديمقراطية والحريات، مروراً باستقطاب الحلفاء في الساحة الدولية وخاصة الجانب الأوروبي، وصولاً إلى استخدام أدوات أخرى غير معلنة سواء كانت استراتيجية أو تكنولوجية، لافتاً إلى وجود آراء أخرى داخل الولايات المتحدة ترى ضرورة منع بروز منافسين حقيقيين لبلادهم خاصة الصين حتى ولو تطلب الأمر استخدام القوة العسكرية، غير أن الصين بدورها تعمل بشكل مذهل في الجوانب الصناعية والتجارية والاستثمارية، وتبني بصمت أذرعاً اقتصادية تمتد داخل آسيا وأفريقيا، فضلاً عن بروز تطلع صيني قديم يرى ضرورة أن يخرج النظام الدولي من مفهوم القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب بحيث يصبح هناك قوى تتقاسم النفوذ وعناصر القوة بخلاف القوة الأمريكية.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الميريلاند بواشنطن سابقاً، دكتور نبيل ميخائيل، يقول إن توجيه الرئيس بايدن إلى وزراء الدفاع والخارجية بمواجهة التحدي المتنامي الصيني في ظل خضام الأزمة الأوكرانية إنما يدل أن بايدن وإدارته تتلافى لديهم الأولويات في مجال السياسة الخارجية، متسائلاً حول قدرة الولايات المتحدة على احتواء الصين وروسيا معاً، لا سيما أن وصف الصين بالتحدي المتنامي يقصد به النمو الاقتصادي الذي ينعكس بدوره على القدرات العسكرية للصين والتي قد تمكنها من مد نفوذها داخل مناطق حيوية للولايات المتحدة الأمريكية مثل شرق آسيا حيث يتواجد حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

إقرأ أيضاً..تفاصيل الاتفاق السعودي– الإسرائيلي حول تيران وصنافير

علاقات الحلفاء

ويشير إلى تعدد وجهات النظر داخل الإدارة الأمريكية فيما يخص التعامل مع التنامي الصيني، غير أن إدارة بايدن ترى ضرورة الحفاظ على علاقات قوية مع الحلفاء، فضلاً عن ردع الصين من غزو تايوان التي أيدتها لفترة طويلة، متوقعاً ألا يخرج الرد الصيني عن الردود التقليدية التي تؤكد خلالها باستمرار أن القدرات العسكرية الصينية تستخدم فقط للدفاع عن النفس ولا تهدد أحداً، غير أن هذا لا يمنع من الأخذ في الاعتبار المحاولات الأمريكية الخاصة باحتواء الصين.

في السياق ذاته يقول الخبير في العلاقات الدولية، سامي المرشد إن الصين تشكل التحدي الأعظم للولايات المتحدة الأمريكية، لافتاً إلى أن الأخيرة تسعى للحفاظ على المكانة التي ظلت عليها منذ الحرب العالمية الثانية كقطب أوحد في العالم، مشيراً إلى أنه رغم الأحداث الدولية المتتالية بداية من حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة وخلافه، إلا أن الولايات المتحدة لم تغفل الخطر الصيني معتبرة إياه أمراً متوقعاً وطبيعياً، غير أن الصين تختلف عن روسيا في أمور كثيرة، وقدرة الولايات المتحدة على جذب الصين لمستنقع شبيه للحرب الأوكرانية أمر بالغ الصعوبة، لا سيما أن الصين دولة تتريث ولا تتسرع تحاول الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية والنمو الذي حققته خلال العقود الأخيرة حتى أصبحت عملاق التجارة والصناعة بحسب «اليامي»، ويشير إلى بداية حرب شبه باردة بين الصين والولايات المتحدة منذ أعوام، غير أن الأولى تحظى بدعم دول راغبة في إحداث توازن في الثقل الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتنهي أحادية القطب التي فشلت فشلاً ذريعاً في حفظ السلم والأمن الدوليين، لذا تلجأ الولايات المتحدة إلى تشويه سمعة الصين بوصفها أنها خطر على العالم من وجهة نظرها وحلفائها من الغرب، غير أن دولاً عديدة لا تشاركها وجهة النظر تلك، لا سيما أن الولايات المتحدة على سبيل المثال لم تكن على مستوى الطموحات العربية مثلما كانت في الغرب، إذ أدارت الولايات المتحدة الأزمة الأوروبية الخاصة بأوكرانيا بينما ما زالت الدول العربية تنزف جراء سياسات التسويف والمماطلة والصبر على إيران لفترات طويلة أكثر من اللازم، لذا فإن الصين بالفعل تشكل خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة، لكنها ليست كذلك بالنسبة للدول العربية ودول العالم الأخرى.