الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

موجة حارة تعصف بمحصول القمح في الهند وتعيق خطط التصدير

موجة حارة تعصف بمحصول القمح في الهند وتعيق خطط التصدير

قبل الجائحة، كان لدى الهند مخزون ضخم تجاوز بكثير احتياجاتها المحلية. (أ ب)

أدت موجة حارة مبكرة بشكل غير معتاد ومحطمة للأرقام القياسية في الهند إلى انخفاض إنتاج القمح، ما أثار تساؤلات حول كيفية موازنة البلاد بين احتياجاتها المحلية وطموحاتها لزيادة الصادرات وتعويض النقص بسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

اشتعلت النيران في مدافن النفايات العملاقة بالعاصمة الهندية نيودلهي خلال الأسابيع الأخيرة. وتم إغلاق المدارس في ولاية أوديشا بشرق البلاد لمدة أسبوع، وفي ولاية البنغال الغربية المجاورة، تخزن المدارس أملاح الإماهة الفموية لاستخدامها مع الأطفال في حالات الجفاف.

يوم الثلاثاء، كانت راجاره، المدينة التي يزيد عدد سكانها على 1.5 مليون نسمة في وسط الهند، الأكثر حرارة في البلاد، حيث بلغت درجات الحرارة أثناء النهار ذروتها عند 46.5 درجة مئوية (114.08 فهرنهايت). وتجاوزت درجات الحرارة علامة الـ45 درجة مئوية (113 فهرنهايت) في 9 مدن أخرى.



لكن الحرارة في شهر مارس - الأكثر سخونة في الهند منذ بدء الاحتفاظ بسجلات لدرجات الحرارة لأول مرة في عام 1901 - هي التي أدت إلى تقلص إنتاج المحصول. والقمح حساس جداً للحرارة خاصة خلال المرحلة النهائية عندما يكتمل نمو حباته وتنضج. يضبط المزارعون الهنود وقت زراعتهم بحيث تتزامن هذه المرحلة مع فصل الربيع الأكثر برودة في الهند.

اقرأ أيضاً.. «الغاز الحيوي».. سلاح فرنسا للاستغناء عن غاز موسكو

قالت فريدريك أوتو، عالمة المناخ في إمبريال كوليدج بلندن، إن تغير المناخ جعل موجة الحر في الهند أكثر سخونة. وأوضحت أنه قبل أن تؤدي الأنشطة البشرية إلى زيادة درجات الحرارة العالمية، فإن موجات الحر مثل موجة هذا العام كان من المتوقع أن تضرب الهند مرة واحدة في حوالي نصف قرن. وتابعت: «لكنها الآن حدث أكثر شيوعاً - يمكننا أن نتوقع درجات الحرارة المرتفعة هذه بمعدل مرة واحدة كل 4 سنوات».

وزاد تعرض الهند للحرارة الشديدة بنسبة 15% من عام 1990 إلى 2019، وفقاً لتقرير عام 2021 من قبل المجلة الطبية البريطانية «ذا لانسيت».

وتعد الهند من بين البلدان الخمسة الأولى التي يكون فيها الأشخاص المعرضون للخطر، مثل كبار السن والفقراء، هم الأكثر تعرضاً للحرارة. وذكر التقرير أن الهند والبرازيل لديهما أعلى نسبة وفيات مرتبطة بالحرارة في العالم.

كما أن عمال المزارع مثل بالديف سينغ هم من بين الأكثر ضعفاً. شاهد سينغ، وهو مزارع في سانغرور بولاية البنجاب بشمال الهند، محصوله يذبل أمام عينيه حيث تحول فصل الربيع البارد عادة إلى شديد الحرارة. لقد خسر حوالي خُمس عائد محصوله. خسر آخرون أكثر. وقال سينغ: «أخشى أن الأسوأ لم يأتِ بعد».



أما البنجاب فهي «سلة الحبوب» في الهند، وقد شجعت الحكومة زراعة القمح والأرز فيها منذ الستينيات، وهي عادة أكبر مساهم في الاحتياطيات الوطنية للهند، وكانت الحكومة تأمل في شراء حوالي ثلث مخزون هذا العام من البنجاب. لكن التقييمات الحكومية تتوقع محصول أقل هذا العام. وتوقع ديفيندر شارما، خبير السياسة الزراعية بمدينة شانديغار، شمال البلاد، أن يكون المحصول أقل بنسبة 25%.

والقصة نفسها تتكرر في ولايات رئيسية أخرى منتجة للقمح مثل أوتار براديش، وماديا براديش.

بشكل عام، اشترت حكومة الهند أكثر من 43 مليون طن متري (47.3 مليون طن أمريكي) من القمح المحلي في عام 2021. ويقدر شارما أنها ستقل بنسبة 20 - 50%.

اقرأ أيضاً.. سيجارة في قمرة القيادة.. السبب وراء تحطم طائرة مصر للطيران 2016

ورغم أنها ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، إلا أن الهند تصدر جزءاً صغيراً فقط من محصولها. وكانت تتطلع إلى الاستفادة من التعطل العالمي لإمدادات القمح بسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا وإيجاد أسواق جديدة لقمحها في أوروبا وأفريقيا وآسيا.

لكن يبدو هذا غير مؤكد بالنظر إلى التوازن الصعب الذي يجب على الحكومة الحفاظ عليه بين العرض والطلب. تحتاج الهند إلى حوالي 25 مليون طن (27.5 مليون طن أمريكي) من القمح لبرنامج الرعاية الغذائية الواسع الذي يطعم عادة أكثر من 80 مليون شخص.

وقبل الجائحة، كان لدى الهند مخزون ضخم تجاوز بكثير احتياجاتها المحلية - وهو حاجز ضد خطر المجاعة.



وقال شارما إن هذه الاحتياطيات تعرضت لضغوط من خلال توزيع الحبوب المجانية خلال الجائحة على حوالي 800 مليون شخص - والفئات الضعيفة مثل العمال المهاجرين. وتم تمديد البرنامج حتى سبتمبر، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيستمر بعد ذلك. وتابع شارما: «لم يعد لدينا مثل هذا الفائض... مع انتعاش الصادرات الآن، سيكون هناك الكثير من الضغط على التوافر المحلي للقمح».

وخارج الهند، تكافح دول أخرى أيضاً مع قلة الإنتاج في موسم الحصاد التي تعيق قدرتها على المساعدة في تعويض النقص المحتمل في الإمدادات من روسيا وأوكرانيا، وهما عادة أكبر وخامس مصدر للقمح في العالم، على التوالي.

وقال وزير الزراعة الصيني، تانغ رنجيان، الشهر الماضي إن محصول القمح الشتوي من المرجح أن يكون قليلاً، بسبب الفيضانات والتأخيرات في الزراعة.