الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«خطوة على طريق الديمقراطية» أول انتخابات إثيوبية متعددة الأحزاب تواجه مخاطر العنف

تتجه إثيوبيا، ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان إلى أول موسم للحملات الانتخابية متعددة الأحزاب بعد أن رفع رئيس الوزراء أبي أحمد الحظر المفروض على أحزاب المعارضة، وحل حزبه الحاكم الذي سيطر على الحياة هنا بقبضة حديدية لنحو 3 عقود، ومن المقرر إجراء الانتخابات في أغسطس المقبل.

إن وعْد أبي أحمد بتحويل إثيوبيا إلى ديمقراطية كاملة أكسبه الثناء على نطاق واسع في الخارج، وهذا هو السبب في أن بعض الإثيوبيين لا يشعرون بالقلق، مثلما كانوا في السابق، من أن الكلام الناقد للحكومة يمكن أن يؤدي إلى طَرْق أبوابهم من قِبَل أجهزة الاستخبارات.

لكن الانفتاح كشف أيضاً عن بلد منقسم بشدة، مزقته الخصومات السياسية والعرقية التي رسخها أسلاف أبي. فبدلاً من توحيد البلاد، يمكن للسياسات الديمقراطية في إثيوبيا أن تنحرف عن مسارها في مهدها، خاصة إذا رفضت حكومة أبي إفساح المجال أمام المعارضة للقيام بحملات علنية.

وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن الانتخابات تعد مغامرة ذات مخاطر عالية لمستقبل إثيوبيا. فعلى الرغم من انتشار الفقر والبطالة والعنف العرقي الذي شرَّد الملايين من ديارهم، إلا أن إثيوبيا لا تزال مستقرة بما يكفي للتوسط في اتفاقات السلام الإقليمية، بما في ذلك مع إريتريا المجاورة، ووعْدُ أبي بإصلاحات اقتصادية عاد على البلاد بوعود بمليارات الدولارات كقروض واستثمارات أجنبية. لكن من شأن العنف السياسي الكبير إفساد تلك الطموحات.

ويقول مسؤولون إن الحكومة، في محاولة لاستباق هذا العنف، بدأت في إرسال قوات أمنية لقمع تجمعات المعارضة، وتقييد الوصول إلى الإنترنت والاتصالات والتنقل عبر معقل مترامي الأطراف للمعارضة حيث تم احتجاز الناس بأعداد كبيرة وقتل بعضهم في الحبس.

وأبلغت جماعات حقوقية وصحافيون عن حالات اعتقال واختفاء لزعماء المعارضة وأنصارهم.

وقال المحلل السياسي الإثيوبي أبيل أباتي، إن قوة حزب الازدهار الذي يقوده أبي «في الانتخابات المقبلة ستعتمد على الترهيب من خطر السياسات العرقية على أحوال الناس، وحتى بقاء الأمة، ولكن هناك الكثير من المخاوف والقلق والشكوك تجاه حزب الازدهار من جميع أنحاء البلاد».

ولا يحظى برنامج أبي أحمد بشعبية خاصة في منطقتين عرقيتين هما «تيغراي في أقصى الشمال حيث كانت السلطة تتركز هناك خلال حقبة الحكومات السابقة قبل أن يتخلص منها أبي، وقومية أوروميا وهي موطن أكبر مجموعة في البلاد».

فالأورومو الذين يشكلون ما لا يقل عن ثلث السكان المحليين، والذين ساعدت قياداتهم، أبي أحمد في الوصول إلى السلطة، يريدون الآن وضع مصالح جماعتهم على رأس الأولويات.

وسيتعين على كل من الحزب الحاكم والمعارضة الاعتماد على ائتلافات الأحزاب العرقية من أجل الفوز في الانتخابات. لكن في حين أن حزب الازدهار لديه شخصية موحدة متمثلة في أبي، فإن المعارضة أكثر تشتتاً.

جوهر محمد (33 عاماً) الذي قضى سنوات في المنفى بولاية مينيسوتا قبل وصول أبي أحمد إلى السلطة، عاد في الآونة الأخيرة ليكون خصماً رئيساً لأبي، رغم أنه لم يعلن ترشحه بشكل علني، كما خاض معركة مع الحكومة للاعتراف بجنسيته الإثيوبية بعد أن أعلن تخليه عن جنسيته الأمريكية.

وقبل أشهر قليلة كان يعتبر جوهر صانع فوز رئيس الوزراء الحالي أبي أحمد، الذي ينتمي مثله إلى عرقية الأورومو التي تمثل أكبر طائفة في إثيوبيا.

ويحظى جوهر بدعم أنصار مخلصين له بشدة، فعندما حاولت قوات الأمن إلقاء القبض عليه في أكتوبر الماضي، اندلعت أعمال شغب أسفرت عن مقتل 100 شخص تقريباً. ومن المرجح أن يتم إشعال هذه الشرارة مراراً وتكراراً خلال موسم الحملات الانتخابية، لكن جوهر يقول إنه يدعو مؤيديه لعدم استخدام العنف، ويدَّعي أن قوات الأمن لم تُحرض على الاشتباكات إلا بموجب أوامر من أبي.

وجوهر هو أيضاً المدير التنفيذي ومؤسس «شبكة أوروميا» الإعلامية التي تتمثل أساساً في قناة أنشأها في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا حين كان يعيش في الولايات المتحدة. وتعتبر هذه القناة التي تبث عبر الأقمار الصناعية لسان المعارضة بامتياز.

واكتسبت حجة جوهر المناهضة لأبي زخماً قوياً بين المؤيدين الجدد، لأن المسؤولين المحليين من الحزب الحاكم منعوا حزب أورومو الفيدرالي المعارض الذي ينتمي إليه جوهر من عقد العديد من الاجتماعات العامة، في حين يُسمح للحزب الحاكم بفعل ما يشاء.

وقال جوهر: «انضممت إلى صفوف المعارضة لا لأحدث فوضى، ولكن لأجعلهم قادرين على المنافسة، وجعل الانتخابات حقيقية».

ويبدو أن القلق بشأن تعميق الانقسامات العرقية ينذر بمستقبل يتناقض مع الثناء الذي تلقاه أبي بعد بدء مجموعة من الإصلاحات.