الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

انقلاب مالي يدق ناقوس الخطر في غرب إفريقيا.. وجوارب الجنود تفضح فساد الإدارة

انقلاب مالي يدق ناقوس الخطر في غرب إفريقيا.. وجوارب الجنود تفضح فساد الإدارة

قائد انقلاب مالي. (رويترز)

دق الانقلاب العسكري في مالي ناقوس الخطر في جميع أنحاء منطقة غرب إفريقيا، وهي منطقة مهددة منذ سنوات من جانب الإرهابيين المسلحين، ولا يمكنها تحمل المزيد من عدم الاستقرار.

لكن في الداخل، ينظر مواطنو مالي إلى هذا الانقلاب بدرجة كبيرة على أنه ينذر بتحقيق تقدم، لا سيما أنه جاء بعد فضائح فساد واقتصاد متباطئ وانتخابات برلمانية متنازع عليها ووضع أمني متدهور.

لذا جاءت الإطاحة بالرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا (75 عاماً)، الذي استقال بعد ساعات قليلة من احتجازه، تتويجاً لأسابيع من الاضطرابات العامة وحالة القلق إزاء فشله في توجيه بلاده نحو التعافي بعد انقلاب 2012، والذي أتاح للمتطرفين الحصول على موطئ قدم في شمال البلاد.

وكشفت هذه التطورات عن حالة عدم ثقة عميقة بين الطبقة السياسية في مالي، الدولة التي شهدت 4 انقلابات منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960، بحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ للأنباء.

وقال مارك أندريه بويسفيرت، وهو باحث مستقل في العلاقات المدنية العسكرية في منطقة الساحل، إن «القوات المسلحة ترى أن دورها يتمثل في حماية الدستور عندما يحدث خطأ ما.. فكرة الانقلاب التصحيحي موجودة في الانقلابات الإفريقية منذ الاستقلال، لكن كانت هناك زيادة في حدوثها منذ تسعينيات القرن الماضي».

وبسبب عدم فعالية جيش مالي إلى حد كبير في احتواء الإرهابيين، تعرض السياسيون للوم بسبب سيل الهجمات التي أحدثت حالة من الفوضى في الداخل.

الحكومة اشترت لجنودها جوارب بـ63 دولاراً للزوج

وعلى الرغم من زيادة الإنفاق العسكري 3 أضعاف بين عامي 2012 و2020، إذ يستهلك الدفاع الآن خُمس الميزانية، قال ضباط الجيش إنه يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية بتدريب ضعيف وموارد غير كافية.

وهناك أدلة على سوء الإدارة؛ في عام 2013 اشترت الحكومة جوارب لجنودها بسعر مذهل قدره 63 دولاراً لزوج الجوارب، وفقاً لمدقق الحسابات العام.

ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن سيديكي جويندو، مدير معهد «جيسي» لاستطلاعات الرأي في العاصمة المالية باماكو، قوله: «رأى الماليون أن السياسيين غير قادرين على حل مشكلات البلاد، إنهم يعتقدون أن مرحلة انتقالية بقيادة الجيش ستكون أكثر صرامة وأكثر قوة وستدفع للعمل».

وعلى الرغم من أن قادة أجانب من أوروبا وجنوب إفريقيا حثوا المجلس العسكري على إجراء انتخابات وإعادة السلطة إلى إدارة مدنية، فإن العديد من الماليين يرغبون في بقاء الجيش، وأظهر استطلاع أجراه معهد «جيسي» هذا الأسبوع أن 57% من الماليين يريدون أن يقود الجيش ومدنيون حكومة انتقالية، وقال 26% إنهم يفضلون مرحلة انتقالية بقيادة الجيش، في حين قال 16% فقط من المشاركين في الاستطلاع إن الحكومة الجديدة يجب أن يقودها مدنيون.

وقالت فاطماتا كاين، من منظمة «سي إيه اي بي» التعليمية غير الحكومية ومقرها باماكو: «أود أن أصف أحداث الأسبوع الماضي بأنها انتفاضة شعبية، وليست انقلاباً، لقد قام الجنود بما أراده الشعب، يجب أن يتم السماح لهم بالبقاء لفترة كافية لدفع الإصلاحات- ربما يمكنهم فرض بعض النظام في إدارة البلاد».

وأشار المجلس العسكري إلى إمكانية إجراء استفتاء على تعديلات دستورية تساعد في تعزيز مصداقية الانتخابات.

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري إسماعيل واغي، للقناة الفرنسية الخامسة «تي في 5» في 27 أغسطس إن «المشكلات ضخمة، نحن بحاجة إلى فترة انتقالية تسمح لنا بمعالجة هذه القضايا والبدء على الأقل في وضع هيكل جديد، نحن نهدف أيضاً إلى تأمين البلاد بأكملها».

ومع ذلك، يخشى بعض المحللين من أن يستغل الإرهابيون الاضطرابات السياسية، وتستمر الغارات الدموية في مالي وعبر حدودها مع بوركينا فاسو والنيجر، كما أصبح السفر في مساحات شاسعة من منطقة الساحل شبه القاحلة شديد الخطورة، حيث قتل نحو 2000 شخص في الأشهر الـ7 الأولى من عام 2020، وهي أعلى حصيلة منذ بدء الأزمة في عام 2012، وفقاً لـ«مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاع المسلح».

وعلى عكس الانقلابات السابقة في مالي، أشرك المجلس العسكري الحالي المكون من 5 ضباط المجتمع الدولي سريعاً فيما يجري من أحداث، ويرأس قائدهم الكولونيل أسيمي جويتا (37 عاماً)، وحدة عسكرية خاصة مقرها منطقة موبتي بوسط البلاد، وشارك في تدريبات عسكرية أمريكية في «فلينتلوك» العام الماضي.

وبدأ المجلس العسكري على الفور محادثات مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «إيكواس»، وطلب من الأمم المتحدة، التي لديها 15 ألف جندي لحفظ السلام في البلاد، وفرنسا البقاء في البلاد.

وتشارك فرنسا في مالي ومنطقة الساحل بقوة خاصة قوامها 5000 جندي وتقدر التكلفة السنوية لنشرها بنحو 600 مليون يورو (715 مليون دولار).

وقتلت البعثة، المعروفة باسم «برخان»، العديد من القادة الإرهابيين الرئيسيين وتعمل مع الأمم المتحدة والجيش المالي.

التهديد الأمني يتراجع والأزمة السياسية تتصدر المشهد

لكن في باماكو، تراجع التهديد الأمني الذي تواجهه البلاد، وتقدمت الأزمة السياسية إلى صدارة المشهد.

وقال عبدالله بونا، رئيس غرفة المناجم في مالي، ثالث أكبر منتج للمعادن في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: «ما نحتاج إليه الآن هو الوقت لتنفيذ إصلاحات قبل إجراء الانتخابات، ربما تكون فترة انتقالية مدتها 3 سنوات بمشاركة الجيش والمدنيين ضرورية».