الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

رئيس وزراء إثيوبيا يتجاهل جائزة نوبل للسلام ويخوض حرباً ضروساً

رئيس وزراء إثيوبيا يتجاهل جائزة نوبل للسلام ويخوض حرباً ضروساً

آبي أحمد لدى حصوله على جائزة نوبل. (أ ب)

مر وقت طويل منذ كان يحصل على جائزة نوبل للسلام من يستحقها وفقاً لمعاييرها الصارمة الأساسية. ولم يكن حصول وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر بسخريته القاسية، والزعيمة البورمية أون سان سو تشي بتعصبها العرقي الصريح سوى نموذجين للتصرفات المخزية من جانب حاصلين على الجائزة العالمية.

لكن حالة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد تبقى مميزة. فبعد أقل من عام على حضوره إلى العاصمة النرويجية أوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام، يضع الرجل منطقة القرن الإفريقي على حافة الفوضى.

وبحسب المحلل الأمريكي من أصل هندي بوبي جوش، فإنه إذا لم يتمكن آبي من الابتعاد عن حافة الهاوية، فإن مواجهته مع قيادة إقليم تيغراي الشمالي في إثيوبيا ستبدد مكاسب سنوات من النمو والاستثمار التي جعلت اقتصاد إثيوبيا موضع حسد القارة الإفريقية.

فالتوترات المستمرة في إقليم تيغراي بين الحكومة المركزية والأقلية التيغرانية التي سيطرت على الحكم في إثيوبيا لسنوات طويلة، تتصاعد. وفي أوائل نوفمبر الحالي، أمر آبي قوات الحكومة بمهاجمة إقليم تيغراي المضطرب، متهما قيادة الإقليم بمهاجمة قاعدة عسكرية حكومية في الإقليم.

ومع تصاعد الصراع، وقف كل من آبي أحمد ودبرصيون جبراميكائيل، رئيس حكومة تيغراي، في موقعين متعارضين. فرئيس الوزراء الإثيوبي يتعهد بعدم التراجع عن استخدام القوة حتى يتم تدمير كل أسلحة التيغريين. كما يرفض الدعوات الدولية للوساطة. في المقابل يقول دبرصيون إن قواته التي يقدر قوامها بنحو 250 ألف مقاتل «لا يمكن أن تهزم».

ويرى بوبي جوش، في تحليل نشرته وكالة «بلومبيرغ» للأنباء، أنه رغم كل وعوده بتحقيق نصر سريع، يواجه آبي حالياً حرباً أهلية طويلة يمكن أن تجذب إليها مجموعات عرقية أخرى، أو كما قال هو في خطاب قبوله جائزة نوبل في أوسلو في ديسمبر الماضي: «إخوة يذبحون إخوة في ساحة المعركة».

فأعداد القتلى في تيغراي وصلت إلى المئات وتتزايد بسرعة. وهناك تقارير عن ارتكاب جرائم حرب ضد السكان من غير عرقية التيغراي في شمال إثيوبيا، كما تشهد العاصمة أديس أبابا عمليات تصفية حسابات سياسية ضد التيغريين. وحذر مسؤولو الأمم المتحدة، من تزايد «خطر الجرائم الخطيرة». وامتد الصراع إلى الحدود الإثيوبية، وفر آلاف الإثيوبيين من القتال إلى أراضي السودان المجاورة.

من ناحيته يتهم دبرصيون دولة إريتريا المجاورة بدعم الجيش الإثيوبي، وأطلق صواريخ على العاصمة الإريترية أسمرة. كما أن هناك عواقب خطيرة بالنسبة لجار ثالث وهو الصومال، بعد أن اضطر آبي أحمد إلى سحب القوات الإثيوبية المشاركة في بعثة حفظ السلام بالصومال لدعم قواته المحاربة في تيغراي. ويأتي هذا التطور في الوقت الذي تفكر فيه إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب في سحب القوات الأمريكية من الصومال.

ويرى جوش أن آمال الاستقرار والرخاء في منطقة القرن الإفريقي تعتمد بصورة كبيرة على قدرة إثيوبيا على الاحتفاظ بالسلم الداخلي والسلام مع الجيران والعمل كمحرك اقتصادي للمنطقة. وكان التحدي الأول الخاص بالمحافظة على السلم الداخلي في إثيوبيا هو الأصعب. وقد تم تعيين آبي أحمد رئيسا للوزراء في 2018، منهياً 3 عقود من حكم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

وبحسب جوش، فقد كان على إثيوبيا القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية تقلص نفوذ عرقية التيغراي. وبالطبع فإن تقبل هذه العرقية للإصلاحات لن يكون سهلاً. لكن الأمر لا يقتصر على عرقية التيغراي، فهناك أيضاً عرقية الأمهرية والصومالية، ثاني وثالث، أكبر عرقية في إثيوبيا ولهما مشكلاتهما. وخلال الصيف الماضي، أدى غضب عرقية الأورومو، وهي أكبر عرقية في البلاد بسبب مقتل مطرب شهير، إلى تفجر أعمال العنف.

ورد رئيس الوزراء الإثيوبي على هذه الاحتجاجات بفرض المزيد من القيود السلطوية وسجن المعارضين والصحفيين. وهناك سؤال سيظل مفتوحاً بشأن الانتخابات البرلمانية التي كان مقرراً إجراؤها في أغسطس الماضي وتم تأجيلها بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد: هل ستؤدي هذه الانتخابات إلى تعميق الانقسام العرقي والسياسي في البلاد أو تمنح آبي تفويضاً وطنياً لمواصلة الحكم؟

واستبق إقليم تيغراي التطورات وأجرى انتخابات إقليمية رفضتها العاصمة أديس أبابا. لكن الإقبال الشديد على المشاركة في هذه الانتخابات الإقليمية أعطى حكومة الإقليم المزيد من المصداقية، بما يفوق ما يتمتع به رئيس الوزراء الإثيوبي نفسه، وتعزز قوة مطالب التيغريين بالحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي للإقليم، وهو ما يمثل تحدياً مباشراً لآبي الذي يريد تعزيز سلطة الحكومة المركزية.