الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هل تهدد قروض الصين سيادة أفريقيا؟ خبراء يجيبون

هل تهدد قروض الصين سيادة أفريقيا؟ خبراء يجيبون

السيادة الاقتصادية مدخل للسيادة السياسية. (أ ف ب)

بعد إثارة وسائل إعلام أوغندية لمسألة خطر فقدان سيادة الحكومة الأوغندية على مطارها الدولي الوحيد «عنتيبي»، لصالح بنك صيني أقرض البلاد 200 مليون دولار، لتطوير وتوسعة المطار، ثارت تساؤلات عديدة وجدل كبير، حول القروض المالية الضخمة، التي تقدمها الصين إلى الدول الأفريقية، والتي تجاوزت 140 مليار دولار.

وتنوعت آراء خبراء تحدثت إليهم «الرؤية» بشأن قروض الصين المالية للدول الأفريقية، بين من اعتبر أن «الصين لا تلام في هذا الجانب، وأن حكومات بعض الدولة الأفريقية هي التي تفتقر إلى حسن التدبير»، وبين من أكد أن «تلك القروض تدخل في إطار سياسة الصين للسيطرة على الاقتصاد الدولي، عبر مجموعة من الطرق، من بينها السيطرة على الموانئ والمطارات الكبرى».

140 مليار دولار

ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن إجمالي القروض التي قدمتها الصين إلى أفريقيا، ما بين عامي 2000 - 2018، بلغت 148 مليار دولار، معظمها في مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق.

وتم تقديم حوالي 66 % من القروض، خلال السنوات الخمس الماضية، لقطاعي النقل والطاقة. ومنذ عام 2010، مولت المؤسسات المالية الصينية 70 مشروعاً تقريباً كل عام في القارة الأفريقية، بمتوسط 180 مليون دولار.

ويثار هذا النقاش في وقت استضافت فيه العاصمة السنغالية دكار، الاثنين، منتدى التعاون الصيني - الأفريقي «فوكاك»، والذي هدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأفريقيا.

عقود خطيرة

وقال الخبير الاقتصادي، المهدي الفقير، إن «المشكلة ليست في الصين، أو في بنوكها، وإنما في البلدان الأفريقية التي تفتقر إلى حسن التدبير، وما حدث في أوغندا كان نتيجة لمشكلة سوء الإدارة، إذ قبل الجانب الأوغندي، بشروط تعاقدية غير مقبولة تقنياً» على حد قوله.

وأوضح الفقير، في تصريحات خاصة أن «العقد الذي وقعته أوغندا مع البنك الصيني خطير، إذ ينص على إعطاء المطار كضمانة، ويعطي الحق للجانب الصيني في أخذ المطار في حالة عدم السداد، ويمنع تدخل طرف دولي بين أوغندا والبنك الصيني المقرض في ما يخص هذه القضية» على حد قوله، متسائلاً: «كيف يعقل أن يوقع وزير مالية، أو رئيس دولة، على عقد بهذه الخطورة، يرهن الأجواء الأوغندية، مقابل مبلغ زهيد يقدر بـ200 مليون دولار».

ارتهان السيادة

وفي السياق نفسه، شدد الفقير على «ضرورة التدقيق بالنسبة لهذه القروض، ومعرفة أين سيوجه القرض، وكيف ستتم إعادته، وما هي سبل الدفع بالقوة القاهرة في حالة عدم السداد، لضمان عدم ارتهان السيادة الوطنية»، مضيفاً «سواء مع الجانب الصيني، أو غيره، فالأمر سيان، والدول الأفريقية إذا لم تسدد ما عليها من ديون، فسوف ترهن تنميتها، ومع كامل الأسف سترهن مقدراتها».

القروض والنفوذ

ومن جانبه، قال الخبير في مجال قوانين المال والأعمال، دكتور هشام البخفاوي «القروض تدخل في سياق السيطرة الصينية على الاقتصاد الدولي، وهذه السيطرة تتخذ 3 أشكال؛ السيطرة على المواقع الاستراتيجية، سواء الموانئ أو المطارات الكبرى، وإبرام اتفاقيات ثنائية وإقليمية، والقروض التي تأخذ منحى مساعدات، لكن بنسب فائدة أقل من التي يمنحها صندوق النقد والبنك العالمي، وبالتالي فهو في نهاية المطاف توجه سياسي لمجموعة من الدول ذات طابع براغماتي-اقتصادي»، مبرزاً «أننا كنا نتحدث في السابق عن السيادة، والآن أصبحنا نتحدث عن السيادة الاقتصادية كمدخل للسيادة السياسية».

وأضاف في تصريحات خاصة «تتم السيطرة في أفريقيا عن طريق الاستثمارات، وتقديم الدعم، ومجموعة من الأمور الداخلية، وأنه يمكن القول، إن صح التعبير، إن القروض آلية من آليات السيطرة على مقدرات الشعوب».

وتابع قائلاً «سواء كان المقرض هو الصين، أو مقرض آخر، فإنه عندما تعجز عن سداد الديون، فإنك تسلم رقبتك للسياسات الاقتصادية للدول المقرضة، التي تفرض شروطها، وذلك يعد آلية من آليات السيطرة، التي تؤدي إلى فقدان الدول المقترضة للسيطرة الاقتصادية».

واستطرد قائلاً «هذه القروض تمثل خطراً بطبيعة الحال على البلدان الأفريقية، إذا لم تكن هناك آليات، كما هي الحال بالنسبة للقرض العادي، وكما يتدخل صندوق النقد الدولي، والبنك العالمي، من أجل إعادة السياسات الاقتصادية والسياسية في البلدان التي تعجز عن السداد، وهنا نتحدث عن السيادة».

الصين لا تلام

وفي المقابل، قال الخبير الاقتصادي عمر الكتاني «الصين لا تلام، العيب ليس عليها، بل على الدول التي تقوم باللجوء إلى القروض بشكل غير مدروس، والمصيبة الكبيرة تكمن في السهولة التي تلجأ بها دول العالم الثالث إلى القروض».

وأضاف، في تصريحات خاصة، أنه «يجب ألا ننكر أن الصين خدمت الكثير من الدول، ولكن الدول التي باستطاعتها إعادة القروض إليها، لأن فائدة القروض التي تقدمها الصين، وكلفة تنفيذها للمشروعات التي تمولها، ليست عالية كثيراً مقارنة بالدول الغربية، فكلفة المشروعات التي تمولها وتنفذها الصين تكون أقل بـ40 - 50 % مقارنة بالكلفة العادية».

فقدان السيادة

وتابع قائلاً «جميع الدول التي تلجأ إلى القروض مهددة بفقدان سيادتها، فالسيادة يمكن أن تكون مباشِرة متعلقة بقطاع معين؛ مثل مطار عنتيبي في أوغندا، أو سيادة مرتبطة باستقلال القرار على مستوى الاختيارات الاقتصادية، والاختيارات الخاصة بالتعليم، وغيرها».

واستطرد قائلاً «الدول التي لا تستطيع سداد الديون، عليها اعتماد سياسة ترشيد الإنفاق والتقشف، ولكن ليس على حساب أموال الفقراء، بل من أموال الناس الميسورين، والموظفين الكبار، والمشروعات غير الضرورية».