الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«تراجع أمريكي وضعف داخلي».. وأفريقيا واجهةٌ لـ«داعش» بعد «الرقة والموصل»

«تراجع أمريكي وضعف داخلي».. وأفريقيا واجهةٌ لـ«داعش» بعد «الرقة والموصل»

جنود ماليين - أ ف ب

أكّدت دراسة أعدّها مركز «تريندز» أن قارة أفريقيا قد تكون واجهة “داعش” الإرهابي المقبلة بعد سقوط دولته في مدينتَيْ الرقة والموصل قبل ثلاث سنوات، خاصة مع تراجع الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب داخل القارة السمراء التي أصبحت جاذبة لتنظيمات العنف والتطرف بسبب وضعها الجغرافي الذي يسمح بذلك، وكذلك وضعها السياسي الهش وغير المستقر، فضلاً عن وضعها الاقتصادي الذي يتسم بالضعف.

دور التحالف

وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن قراءة اتجاه “داعش” إلى أفريقيا من زاوية هروب التنظيم من المناطق التي خسرها في الشرق الأوسط؛ أمام مواجهة شرسة من قوات التحالف الدولي التي تشكلت في عام 2014، ومواجهة أخرى للقوات المحلية والإقليمية، لذا اضطر التنظيم للبحث عن أراض جديدة، وانتصار جديد ولو بشكل رمزي، وسط ركام الهزائم التي مُني بها بعد سقوط دولته ومقتل 2 من “خلفائه”.

وأكدت الدراسة أن هناك نقطتين مفصليتين كانتا وراء إعلان هذه الولاية الجديدة؛ النقطة الأولى هي سقوط دولة “داعش” في مارس من العام 2019، والثانية هي تنامي نشاط “داعش” وسط أفريقيا بعد عشرات العمليات في العاصمة الأوغندية “كمبالا”، وربما ارتبط ذلك بتولي أبو الحسن الهاشمي القرشي، الملقب بأبو إبراهيم الهاشمي القرشي، شؤون التنظيم بعد مقتل أبوبكر البغدادي، وهو ما استدعاه للبحث عن انتصار جديد.

جماعات الدعم

وأوضحت الدراسة أن جزء مهم من العمليات الإرهابية في القارة الأفريقية يعود إلى تنظيم داعش والجماعات المسلحة المحلية التي أعلنت مبايعتها له، ولعل أبرز هذه الجماعات “قُوى تحالف الديمقراطية” الذي ينشط في أوغندا والكونغو، وحركة الشباب الموزمبيقية، حيث أسهمت مثل هذه الجماعات في ترسيخ وجود تنظيم “داعش” في القارة الأفريقية، وجعلته قادراً على تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية، خاصة في وسط القارة.

يضاف إلى ذلك، أن هناك بعض المجموعات التي انشقت عن جماعات إرهابية أخرى على صلة بتنظيم “القاعدة”، و انضمت لداعش، حيث توجد في القارة العديد من الجماعات والتنظيمات، أبرزها جماعة “بوكو حرام” في نيجيريا، و”القاعدة في المغرب الإسلامي”، وحركة “الشباب المجاهدين” الصومالية، وحركة “أنصار الدين” السلفية الجهادية في مالي، وحركة “التوحيد والجهاد” في غرب أفريقيا.

وأوضحت الدراسة الدور الذي لعبه “تحالف القُوى الديمقراطية” في تنامي قوة تنظيم داعش وسط القارة الأفريقية، حيث يُعد من أهم التنظيمات التي تنشط في أفريقيا عموماً وفي منطقة الوسط على وجه الخصوص.

كما لعبت حركة الشباب الموزمبيقية، التي تعرف محلياً باسم “أنصار السنة والجماعة” دوراً مهماً في دعم تنظيم داعش في وسط أفريقيا، وترفض هذه الحركة علمانية الدولة، وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية. ويبلغ عدد مقاتلي داعش في موزمبيق التابعين للحركة ما بين 600 و1200 عنصر، وتعتمد الحركة في التجنيد أساساً على السكان المحليين، كما تجند أيضاً المقاتلين من تنزانيا وجزر القمر.

جهود مكافحة الإرهاب

تعرضت الدراسة إلى جهود مكافحة الإرهاب في أفريقيا، حيث تتصدى قوات حكومية من نيجيريا والدول المحيطة بحوض بحيرة تشاد لحركات الإرهاب في هذه المنطقة، بينما تتصدى قوات من موزمبيق والكونغو الديمقراطية وأوغندا للخلايا الإرهابية، ومنها تلك التابعة لتنظيم داعش في وسط القارة، كما يشارك الجيش الصومالي مع قوات إثيوبية وكينية في التصدي لأنشطة حركة «الشباب» المتطرفة الموالية لتنظيم «القاعدة».

وأكّدت الدراسة أنه رغم الجهود المبذولة، فإنها لا تزال غير كافية، وليست على المستوى المطلوب، كما أنها ليست بالقدر الذي يوازي خطر التنظيمات المتطرفة في القارة، ولا بتمددها الملحوظ، ويرجع ذلك إلى مجموعة من المعوقات من بينها ضعف إمكانات دول القارة، سواء لمواجهة حركات التطرف والإرهاب، أو لمواجهة التطرف بصفة عامة، فضلاً عن عدم إبداء المجتمع الدولي الجدية اللازمة، سواء في محاربة التنظيمات المتطرفة أو في تقديم الدعم لدول القارة للقيام بهذه المهمة.

استراتيجيات المواجهة

دعت الدراسة إلى ضرورة وضع استراتيجيات أكثر نجاعة في مواجهة جماعات العنف والتطرف، وليس مجرد الاعتماد على مواجهات غير مدروسة، على أن يُراعى في هذه الاستراتيجيات طبيعة التنظيمات المتطرفة في أفريقيا، وخطرها وحجم التحديات التي تعوق عملية المواجهة.

وأن تعتمد هذه الاستراتيجيات إلى جانب الأدوات العسكرية والأمنية، على معالجة الأزمات التي تسمح بنمو الجماعات الإرهابية داخل القارة الأفريقية، بحيث لا تتحول أراضي القارة إلى مفرخة للعناصر الإرهابية التي لن تتورع عن هدم أي مقومات للتنمية والتقدم في دول القارة.

وأكدت على أهمية استمرار عمل التحالف الدولي لمواجهة “داعش” وأن يكون مركز عملياته في أفريقيا؛ نظراً لنجاح التنظيم بشكل كبير في التمركز بالقارة السمراء، مع طرح مبادرات تساعد في مواجهة التنظيمات المتطرفة في القارة بأكملها، وأن يكون ذلك بتنسيق وترتيب بين القارة والمجتمع الدولي، الذي سيتضرر بطبيعة الحال من وجود الإرهاب وتمدده.