الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

ماء بني غطفان

أكمل صديقي الطبيب حديثه وهو يُبعدُ مقياس الضغط عن ذراعي: «ولا تنسَ أن تشرب ثلاثة لِتْرات من الماء يومياً، فهذا سيكون مفيداً واحرص على أن يكون ماءً منخفض الصوديوم». ذهبت بعيداً بنصيحة صديقي الطبيب، إلى أبي الصعاليك، شاعر بني غطفان وخبرُ مائهِ البارد، وتساءلت إن كان منخفض الصوديوم أيضاً؟ حينما قال: أفرقُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ وأحسو قراح الماء والماءُ باردُ لا شك في أن شاعرنا كان يجهد في الحصول على الماء، في ظروفه الحياتية الصعبة وقتذاك، ولم يكن ينعم بمستوىً من النظافة والتطهير فيما يحيط به من ظروفٍ كما نعيشها اليوم. ولم يكن ليفاضل ما بين ماء الخيمة ودِنانها أو ماء العبوات المصنعة والملونة مختلفة الحجم والشكل. وما كان ليتفحص أيضاً محتوى الماء ومكوناته الجزيئية، أو إذا كان ذلك الماء هو من ماركة إيفيان الفرنسي المستورد من ضفاف بحيرة ليمان الشهيرة، أو كانَ ماءً محليّ التعبئة والتصنيع، وأن ما كان يهمه فقط هو برودة الماء وأن يكون قراحاً. فما الذي تغير، الماء أم من يشرب الماء؟ البشر أم الطبيعة الأم؟ أم أن الأمر لا يتعدى كونه تجليات العلم وحداثة التكنولوجيا. غادرت عيادة صديقي «المحق حتماً» في نصيحته، وأنا أتمتم ما جادت به قريحة إيليا أبو ماضي ذات يوم وهو بعيدٌ عن مياه لبنان: والماءُ حولكَ فضة رقراقة والشمسُ فوقك عسجدٌ يتضرّمُ وعيونُ ماء دافقات في الثرى تشفي السقيم كأنما هي زمزمُ طبيب أسنان