الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

المدرَّجات

فُتحتْ الأبوابُ، فاندفعت الجماهير إلى المدرجات، يسابق كلٌّ منهم الآخر، في فورة طاغية. امتلأت المدرجات شيئاً فشيئاً، حتى غصّتْ بالأجساد. الظهيرة تلفظ أنفاسها الحارقة على رؤوسهم العارية التي لا تحميها من لهيب أغسطس، سوى القبعات البيضاء. باعةُ الماء لم يستطيعوا مواجهة العطشى، فلقد أحاطوا العربات أثناء دخولهم، التقطوا القوارير الباردة، رموا العملات النقدية في الهواء، وانطلقوا إلى ممرات المدرجات، وحين فرغت العربات، فرّ الباعة من مواقعهم، ليأخذوا مكاناً بين الجمهور. خلف البوابتين الرئيستين للساحة، الواقعتين في طرفيها الشمالي والجنوبي، كانت الحركة جليَّةٍ، لا تتوقف: رجال يظهرون لبرهة، ثم يختفون ليعاودوا الظهور، أو ليظهرَ غيرُهم، وهكذا. في ركن المدرج البعيد، بدأتْ مجموعةٌ من الشباب بالغناء. اشتّدتْ حمّى الأهازيج في الركن الآخر من المدرجات، وناضل كثيرون لكي يُخْرجوا أذرعتهم المحشورة، وليصفقوا بصعوبة بالغة، بينما الذين على السياج وساريات الأعلام يهزون رؤوسهم وأكتافهم. فجأة، انفتحتْ البوابتان، وانطلقتْ من كل بوابة سياراتٌ مصفَّحة، يغطي الحديدُ الأسود سطحَها، ما يجعل رؤية مَنْ داخلها أمراً مستحيلاً. [email protected]