الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

هل الأمر يستحق؟

عندما تستيقظ في الصباح الباكر تكاد تحمل قهوتك، تودع أطفالك في المنزل لأنك لا تستطيع أن تأخذهم في طريقك للعمل حتى لا تتأخر عن البصمة، تفاجأ بالزحام لأنك فقط تأخرت خمس دقائق لتحمل طفلك الصغير الذي تبعك إلى الخارج في البرد تتركه لوالدته في حركة مستعجلة، وتمضي تتلقى عشرات المكالمات المؤجلة في الطريق، وبعدها تصل متأخراً ليتم خصم مبلغ إضافي من المال هذا الشهر أيضاً .. تتساءل: هل الأمر يستحق؟ عندما تخرجين من المنزل وقد تركت أبناءك مع العاملة المنزلية، تحاولين الاتصال بهم طوال الطريق لتؤكدي عليها أن تعطي ابنك الصغير الدواء، وتوقظ الآخر في الساعة التاسعة، وتبدل حفاظات الطفل الصغير، ثم تجلسي خلف مكتبك، لتتلقي الأوامر من مديرك، وتحتملي كلمات زميلتك الجارحة التي ما زالت متضايقة منك من الشهر الماضي، وتمضي في العمل دون أن تتناولي وجبة الإفطار، ليأتي من يخبرك بأنك مقصرة بالعمل .. تتساءلين: هل الأمر يستحق؟ عندما تتغرب عن عائلتك منذ بداية الأسبوع، وتراهم فقط في إجازة نهاية الأسبوع، تتعجب أحياناً متى مشى سالم، وكم من العمر تبلغ مهرة، وهل محمد متفوق في دراسته؟ لكنك لا تجد الوقت .. فأنت تحاول على عجالة أن تلبي نواقص البيت للأسبوع المقبل، تودعهم .. تعود لعملك، يخبرك رئيس العمل أنك لن تحصل على الترقية التي عملت لها طوال العام .. تتساءل: هل الأمر يستحق؟ عندما ترفضين كل من تقدم لك لتكملي تعليمك، ثم تجدين أن قطار العمر مر من أمام ناظريك .. تتزوجين رجلاً متزوجاً ليكون مشغولاً عنك، فأنت تعملين بجد، تؤجلين الإنجاب عاماً بعد عام، لتحصلي على المنصب الذي طالما حلمت به، ولكن بعد كل هذه السنوات تتغير استراتيجية المؤسسة، فتعين موظفة أخرى لا تحمل من الخبرة سوى أنها تتحدث الإنجليزية بطلاقة .. تتساءلين: هل الأمر يستحق؟ الأمر يستحق لأنك تبني وطنك، لكن ما لا يستحق هو محاولتك محو حياتك الأسرية في سبيل تحقيقك طموحاتك، عليك أن تتعلم كيف توافق بين الأمرين وأن تجعل لأسرتك جزءاً من الطموح، بحيث لا تطغى حياتك الأولى على الثانية، لذلك كانت الأسرة المتماسكة من اهتمامات جميع المجتمعات المتحضرة. [email protected]