الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

حين جاءت ثورات الربيع العربي

تخصصي في الجغرافيا الطبيعية، خولني للكتابة عن بحث الغرب عن بدائل للبترول العربي بعد حرب أكتوبر 1973، والتحول التدريجي للطاقة البديلة، واكتشاف البترول في أسكتلندا وفي الكاريبي. حتى جاءت ثورات الربيع العربي، ووجدتني أتوصل إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعرضت لأزمات متتالية منذ عام 1990: الاجتياح العراقي للكويت 1990، وأحداث 11 سبتمبر 2001، وثورات الربيع العربي في 2011. ثم نبهني صديق عراقي إلى أن الحرب العراقية الإيرانية بدأت 1980، ومن نقاشات طويلة مع زوجي، توصلت إلى أن تلك الكوارث العسكرية جاءت بعد أن ربح العرب حرب 1973، فكان لا بد على الخاسر من القيام بتخطيط استراتيجي بعيد المدى على النحو التالي: أولاً: زرع الفرقة بين الدول العربية بعد أن كانوا متحدين على المستويات العسكرية، والسياسية والاقتصادية في حرب أكتوبر. بدأت الفرقة بالتفكك العسكري بين مصر وسوريا مباشرة أثناء الحرب، لأن مصر أعلنت وقف إطلاق النار من جانبها دون إبلاغ سوريا، وكادت سوريا أن تغرق في بحر دم، لولا تدخل الجيش العراقي لإنقاذ سوريا، ثم اتهمت سوريا الجيش العراقي بالعمالة، والنتيجة زعزعة الثقة بين الثلاثة جيوش العربية الرئيسة، وتحقق التفرقة العسكرية بينها. ثم جاء التفرقة السياسية الأولى، بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، التي تسببت لمصر بالعزلة، حتى الفلسطينيون وقعوا معاهدات سلام مع إسرائيل. وواكب التفرقة السياسية تفرقة اقتصادية في حقبة السبعينات والثمانيات، حين قسمت الشعوب العربية إلى غنية وفقيرة، تم فيها شيطنة الشعوب الخليجية الغنية، بالرغم من أن دول الخليج فتحت أذرعها لاستيعاب الشعوب العربية، ووفرت لهم فرص العمل، وما زالت. تلتها التفرقة السياسية الكبرى بعد الاجتياح العراقي للكويت، لقد كانت الفرقة هنا واضحة، حين أيدت بعض الدول العربية اعتداء دولة عربية على أخرى. في الواقع الاجتياح العراقي للكويت أبرز الفرقتين السياسية والاقتصادية للشعوب العربية. واختتمت العقود الأربعة الماضية بالفرقة الطائفية داخل الشعب الواحد، بدأت في العراق بعد سقوط صدام حسين، ثم امتدت إلى دول الربيع العربي، لتبدأ الفرقة بين أبناء السنة، ثم الطائفية في سوريا واليمن، حتى إنها وصلت إلى دول لم يطلها الحريق العربي. وبهذا حقق العدو هدفه الاستراتيجي الأول، فلم يعد العرب متحدين، كل مشغول بنفسه، يحاول أن ينجو بذاته. (وللحديث بقية..). [email protected]