الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الأسبوع الأخير

كنت في حديقة للفراشات أتأمل أحجامها المختلفة وأجنحتها الملونة تطير هنا وهناك بكل خفة ودلال، وإذا بقائد الرحلة يقترب مني قائلاً «أتعرفين أن عمر الفراشات هو أسبوع واحد فقط» عدت أتأملها مرة أخرى بعيون جديدة وتعجبت كيف أنها تطير مبتهجة وتستمتع بكل ثانية من عمرها القصير، وتساءلت ترى هل هذه الفراشات لا تعلم عمرها الحقيقي فلذلك هي سعيدة؟ أم تعلم أنها تعيش فقط أسبوعاً واحداً ولذلك تستمتع بكل ما أوتيت من قوة وبكل ثانية من عمرها والتي تعني لها الكثير؟ أخذتني ذكرياتي لسنة كاملة إلى الوراء وإلى زميلي الأمريكي في العمل «كليفتون»، والذي كان في العقد السابع من عمره، فقد كان ذات مرة يهرول في أروقة الجامعة يلاحق عمل ما فقلت له وأنا أستوقفه «كليفتون لماذا تجري؟ كل شيء يمكن أن ينتظر» فتوقف قليلاً يلاحق أنفاسه قائلاً «لو وصلتِ إلى عمري فستعلمين أنه لا يوجد أي شيء في الدنيا يمكن أن ينتظرك»، وأردف «كل ثانية في عمرك لها قيمة، وتزداد هذه القيمة كلما كبرتِ ونضجتِ». أكمل طريقه في عجالة قائلاً «الوقت ليس فقط مالاً، الوقت هو الحياة». بعدها بفترة زمنية لا أذكر كم بلغت، سمعت بفاجعة وفاة كليفتون المفاجئ، كم حزنت ورثيت على حاله وعلى عائلته، أقمنا له نحن زملاء عمله حفل وداع في الجامعة، وكنت أجلس بين الحضور أتأمل في صورته الكبيرة بين كومة الزهور وأتذكر ما قاله لي، ترى هل كان كليفتون يعلم عندما هرول حينها أنه يعيش أيامه الأخيرة؟ ترى هل أتم كليفتون ما كان يهرول من أجله؟ هل لحق وحقق ما كان يصبو إليه قبل وفاته؟ أسئلة لم أعرف إجابتها. ماذا عنا نحن؟ هل وصلنا من النضج الكافي لنعرف أن الوقت هو الحياة؟ وأن كل ثانية من عمرنا لها قيمة كبيرة؟ ماذا لو أننا نعيش الأسبوع الأخير لنا في حياتنا وكنا نعلم هذا؟ هل كنا سنعيش أيامنا الروتينية العادية هذه؟ أم أننا كنا سنهرول لنتم ما يجب علينا أن ننجزه؟ أحبتي .. إن في عمر الفراشات عبرة وعظة كبيرة، أولها أننا يجب أن «نستمتع» بالحياة فهي قصيرة، وفي الوقت ذاته يجب أن نعتبر كل يوم هو يوم من الأسبوع الأخير في حياتنا لنتعجل في تحقيق أمانينا والعمل لأجل آخرتنا فالموت لا ينتظر أحداً. [email protected]