الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

في وداع الرمز

الاستثنائيون فقط يرحلون رحيلاً استثنائياً، رحيل الرمز عبد الحسين عبد الرضا أصدق مثال. حين كان يظهر أمامنا على المسرح وشاشات التلفاز، كنا نضحك بتلقائية، نتلقى النكتة بطبيعتها دون منكهات أو محسنات، ونتناولها دون منغصات. ضحكنا جميعاً. تماماً كما في رحيله فجعنا جميعاً. إلا البعض أرادوا أن يتركوا لهم توقيعاً أسود في رحيل شخصية ناصعة البياض. من الطبيعي أن تصادف من ينغص عليك الفرح، لكن هل سمعتم بمن ينغص الحزن؟ رحيله أصابهم في مقتل. يعلمون أنهم لن يبلغوا حجم حبه وقبوله في قلوب الناس، ولن يدلفوا هكذا كنسمة لطيفة إلى كل بيت ولو عاشوا عمره ومثله معه. كتبوا بهيئة نصح وإرشاد مغلف بسخرية، فانقلب السحر على الساحر. لكن جيوش المحبين لأبي عدنان رحمه الله سارت في جنازتين متوازيتين. جنازة ترثي الفقيد بحزن، وجنازةٌ أخرى تدفن المذهبية والفتنة التي أراد بعض الشياطين المتدثرة برداء التدين أن توقظها. رحل أبوعدنان، وكلنا مؤمنون بقضاء الله وقدره، لكن محبتنا الصادقة له توجب علينا أن نكمل رسالته، بالقلم، بالمسرح، بالتلفاز. بالبسمة، بالضحكة، بالوطنية الخالصة، بفضح المتعصبين. ليعلم الذين في قلوبهم كراهية أن الزمن غير الزمن، والوعي غير الوعي، والجيل غير الجيل. في ليلة الرحيل الاستثنائي للفنان الكبير، كم كانوا صغاراً. بدا مثيرو الفتنة أضحوكة تتناقلها تغريدات المغردين وتلوكها ألسنة الأحرار. رحم الله عبد الحسين عبد الرضا.. فقيد الكويت والخليج. رمز التعايش والتسامح واللحمة والوطن العظيم.