الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

دعايات داعش في 2018

أول الجهد الدعائي لتنظيم داعش في استهلاله لسنة 2018 كان باهتاً، ينمّ عن ضعف داخلي وتشتت عميق، ومع توالي أخبار انحسار التنظيم في عدد من مناطق الصراع وتراجعه إلى زوايا تحكمها سيطرة آخرين يرغمونهم على التجمع في أراضٍ معينة لوقف انتشارهم والتمكين من السيطرة عليهم، فقد كان الإعلان يعكس هذا كله، حين اتخذ طابعاً أقل دموية، مع احتفاظه طبعاً براديكاليته الفكرية، إنما دون اشتباكات أو وعود بالتصفيات الجسدية أو أفلام احترافية لجزّ الأعناق، كما اعتاد داعش في عهد قوته ومجدها. الصور الدعائية الجديدة في ريفي إدلب وحماة تضمنت تسوية المقابر بالأرض، هدم الأضرحة، والمنع من التدخين، أي إعادة إحياء مظاهر معينة في حدها الأدنى في مجتمع يُنظر إليه كـ «مسلم» مثالي، وكلها صور تكفي للإحاطة بمجمل موقف داعش اليوم، كيف تحول من نظير للنظام والمعارضة والقوى الخارجية إلى مجرد حركة تعيد فرض وجودها صورياً فقط، تسعى لتثبيت سيرتها برغم الضربات والانهيارات المتلاحقة. لم يتحول تنظيم داعش في سنة 2018 إلى مجرد ذكرى، فهذه مبالغة لا منطق لها، التنظيم موجود حتى بصيغته الأيديولوجية، ولا يزال له منتمون ومؤيدون على استعداد لاستجماع ذواتهم والاصطفاف والتكوّن من جديد حينما تحين أسباب قوته، أضحى التنظيم حركة باقية بشكلها الاسمي والفكري وحتى الدعائي، يتحين الفرص لينبثق منها ويقف مجدداً، ولهذا فإن الحرب العسكرية وحدها برغم كونها خياراً اضطرارياً لكنها لا تكفي لإنهاء مَدّه إلى الأبد، وحينما ينشط التنظيم مجدداً ويستعيد سيطرته ويجند الأتباع المتحمسين له سيكون الوقت مرة أخرى قد فات لإنهاء مسببات ظهوره الأولي. [email protected]