السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

النفاق الأنثوي

فتح هذا النقاش الذي استهلته حملة «أنا أيضاً» مدّاً مضاداً يزداد قوة، قاربه من زاوية دفاعية غير معهودة وبأكثر الطرق علانية، كانت الحجة الاعتراضية كامنة في المشاركة الإرادية للنساء فيما حدث لهن تحت توصيف التحرش، فهل تستحق تلك المجاملات اللطيفة، كما تراها الممثلتان المتململتان من الحملة كاترين دينوف وبريجيت باردو، أن تُعامل بهذه الفضائحية والتشهير وتوسيع الهوة الحمساوية ما بين الذكور والإناث لمجرد لفظ تودد طبيعي؟ كانت حملة «أنا أيضاً» تباعدت عن إعادة صوغ مفهوم التحرش اللفظي، هل هو «كلمة طيبة ومجاملة»، أم إيذاء لفظي بحدود قصوى ودنيا؟ ربما يكون ما حدث للممثلات مجرد مجاملات، أو كما ذكرت باردو أن كثيراً من الممثلات يسعين لإغراء المنتجين والمخرجين للحصول على أدوار وبالتراضي، لكنهن فيما بعد ينخرطن في هذا البكاء الجماعي. الحملة المضادة لم تكن بواقعية وقوة الحملة الأساس، لكنها وُجدت الآن، واخترقت هذا الكابوس الذي تفاقم وسحب إليه بعض الشخصيات العامة فيما كان من بينهم من يدافع عن نفسه بضراوة، إما للجهل بطبيعة التحرش أو مدفوعاً بالصدمة لأن الطرف الآخر بدا حينها بلا تحفظات أو كون الحدث ضبابياً بلا إثباتات، تعاملت الحملة المضادة بأسلوب دفاعي وبتنديد ضمني، وحمّلت المرأة إدانة مبطنة، عن كون التسويق لمنع التحرش نفاق أنثوي وحالات مثيرة للضحك. وفي الواقع فإن مثل هذا التوازن مطلوب، كي لا يؤخذ بعض الأبرياء بمآخذ ظالمة يتحملون جريرتها في حملة شمولية عمياء، ومهم من ناحية أخرى للدفع لإعادة صوغ معانٍ عصرية للتحرش، وإلى أي مدى يمكن للمرأة أن تحتمل عبارات التودد، فمثل هذه الأمور متروكة بنِسَب كبيرة إلى الاتفاق المجتمعي وصياغته ثم يتبعه التبنّي الشخصي لها. [email protected]