السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

جنيف - أستانا - سوتشي؟

منذ انطلاق المفاوضات السورية في جنيف، كانت الآمال جميعها تصب في اتجاه خروج المتفاوضين بحل وسطي ومقنع، توالت الاجتماعات وتعددت، حتى ظهرت مفاوضات أستانا وحالياً سوتشي، لكن الوضع ميدانياً يسير نحو تفاقم الأزمة لا إلى حلها، في ظل حالة الانقسام إزاء محاولات تشتيت مسارات جنيف والالتفاف عليها بهذه المؤتمرات الجانبية. قبل عام تقريباً كتبت هنا عن كيفية تمكن النظام السوري ومن يدعمه، في تفكيك المعارضة وتشتيتها، وهو فعلياً سيستمر حتى يملّ المتفاوضون، والهدف إطالة أمد الأزمة، وإعطاء النظام أكبر وقت ممكن لحكم وإدارة البلاد. المستقبل السوري حتماً سيشهد مزيداً من جولات التفاوض، وهناك دول أفصحت عن عزمها تنظيم مؤتمر للتفاوض، ودول أخرى ستعلن ذلك حتماً، على غرار جنيف، أستانا وسوتشي، برغم اتفاق المجتمع الدولي على التمسك بورقة جنيف أساساً للحل في سوريا. الحقيقة التي لا يختلف عليها أحد من المراقبين، أن حجم المتاجرة السياسية بالملف السوري، بات يلقى رواجاً واسعاً لدى عدد من الدول، وبات جلياً للعيان ملاحظة كيف تسعى الدول لاختيار المعارضين السوريين بعناية، والخطورة تكمن في قابلية خضوع بعض أطياف المعارضة لعملية البيع والشراء والمزايدة، وهنا ستكون الطعنة في الخاصرة مؤلمة، للدول التي استقبلت المعارضين بدافع إنساني ومثالي، لتجد نفسها لاحقاً مطاردة بسيل من الاتهامات، التي يروج لها ويحركها المال السياسي طبعاً. لازلت متمسكاً برأيي أن عملية المفاوضات السورية الجارية، باكورة سياسية لإضاعة القضية الأساسية، وإغراقها في وحل الاختلافات الشكلية، بعد أن كانت الأمور تأخذ منحى آخر غير هذا الذي تسلكه اليوم. ومازلت متمسكاً برأيي أيضاً، أن المعارضة السورية إذا لم تلتفت للملمة جهودها المتناثرة، وترميم البيت الداخلي لهيكل المعارضة، فستجد نفسها أمام إفلاس سياسي حقيقي، وطريدة في المنفى، بعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من بدء حياة جديدة لها ولسوريا وللسوريين. [email protected]