الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الفنان في سوتشي

ثمة هوّة شاسعة بين هول الكوارث النازلة على الشعب السوري منذ اندلاع انتفاضته ضد النظام منذ سبع سنوات من الأزمة المسلحة، وبين طمأنينة لغة النداء إلى مؤتمر سوتشي ومضمونه، بل وحتى شعاره. لا يهتمون في سوتشي بالقطيعة التي جاءت استجابة احتجاجية اعتراضاً على الإخضاع والتسليم بالراهن، فالمنتصر عسكرياً يفرض رؤيته، لكن هذا غير مقبول لمن سُلب من يده فرض جزء من القواعد، ولم يغال البعض في إنكار ما تسرب من مقترح البيان برغم تعرضهم له، ولا بضرورة التخلص مما يعرقل مسار الحل السياسي في جنيف عبر التخفف من الشروط العسفية. كان مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي في دورته هذه موقفاً إعلانياً للنظام ومن انتصر له، وجائزة تقريرية لمن تسيّد النصر العسكري، فيما الوجود المعارض متروك مُعطى جامداً، مع أنه يستحق أن يصبح المحور المقابل، لكن مقاطعته بحسب بعض الجهات لا تهم، كما أن عدم وجود الولايات المتحدة لن يفشل المؤتمر بحسبهم، برغم ثقلها المؤثر واقعاً. وعلى المقدار نفسه، وبرغم ضيق التمثيل على أطياف لها وزنها وانقسامات بين المعارضة أنفسهم، فإن شقّاً آخر أريد له أن يبرز إعلامياً، فئة الفنانين من ممثلين ومغنين موالين للنظام، فيما جرى التعتيم المتعمد على الشخصيات الجدلية التي حضرت مثل معراج أورال مرتكب مجزرة بانياس، ليكون هؤلاء هم واجهة سوريا العلمانية المستنيرة، وسفراء المدّ الحضاري لهذا النظام الوديع في مواجهة الظلاميين الثوريين وهمجيتهم، واستهتارهم بالعلم وبالمؤتمر. هكذا يكون النظام قد انتصر عسكرياً، وربح في دورات المؤتمرات التي لا تنقضي، وأيضاً فِي الشأن الإعلامي الطوباوي الذي يفيض فناً وحياة! [email protected]