السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

أكتب بما فيه الكفاية

في إحدى زياراتي للقاهرة، توجهت إلى إحدى المكتبات الموجودة وسط البلد .. استوقفني عنوان أحد الكتب «مذكرات طفلة» للكاتبة نوال السعداوي. رأيت مقابلات لها، ولم أتفق معها في الكثير من المسائل، ولهذا السبب لم يخطر على بالي أن أقرأ لها من قبل. شدتني في الكتاب حين قالت إنه في العام 1944 كانت في المرحلة الثانوية عندما طلب منها معلم اللغة العربية أن تختار موضوعاً وتكتب عنه، فملأت الكراسة .. ما أغضب المعلم، فأعطاها صفراً. ولعل هذا الصفر جعلها تتوقف عن الكتابة سنين طويلة. وبعد تلك السنين، قررت أن تنشر ما كتبته في الكراسة وتهديه إلى كل طفل أو طفلة تراوده فكرة الكتابة. من منا لم يواجه مثل هذا الموقف أو لم يسمع بأحد مر به من قبل؟ وكم من طفل أو تلميذ لا نعرفه واجه مثل هذا الموقف بسبب التعليم التقليدي؟ كم عدد الكلمات التي يتوجب علينا أن نكتبها؟ السؤال يذكرني بالموقف بين وليام كورتيس وإبراهام لينكولن .. وكان الرئيس يسافر بالقطار مع ستيفن دوغلاس وأوين لوفيجوي. لم يكن هناك اختلاف جسدي كبير بينهم. وكان لدى دوغلاس جسم عظمي طويل وساقين قصيرتين، في حين أن لوفيجوي كانت له أرجل طويلة نسبياً. كانوا يمازحون بعضهم البعض وطلبوا من أحدهم تسوية النزاع: «ما طول الساق المناسب لدى الرجال؟» وكان الرد أنه يجب أن تكون طويلة بما فيه الكفاية للوصول من جسده إلى الأرض. كان سؤالاً تافهاً لا يحتاج إلى إجابة. من منا لم يصادف في المرحلة الدراسية كتابة موضوع ما بمئتي كلمة أو ألف كلمة؟ فقد أصبحت جزءاً من الغرائز التعليمية لدينا .. والمشكلة مع هذا أن ذلك يعزز عادات الكتابة السيئة. وعليه، يركز الطالب على الكلمات بدلاً من المحتوى، فيبدأ بكتابة إضافات لا داعي لها حتى يصل إلى العدد المطلوب. فالطالب ليس كاتباً متمرساً في الكتابة. يجب ألا يتقيد الطالب في الكتابة حتى يتمتع بفكرة الكتابة. لا يهم إن كانت الكتابة كثيرة أو قليلة، فالمهم هو الاستمتاع بها. لذلك عندما يسأل طالب «كم عدد الكلمات التي يتوجب علينا أن نكتبها؟» يمكننا الإجابة: أكتب بما فيه الكفاية .. وليس أكثر من ذلك. كاتبة متخصصة في أدب الطفل [email protected]