السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

اسمع واتبع ..

عند كتابتي لكتابي الأول «آدم الفضولي» صادفتني بعض العقبات في العنوان .. شاركت زملائي وأساتذتي فكرتي في العنوان فانقسموا بين مؤيدين ومعارضين. قال لي أحد الأساتذة في كلية الآداب - قسم الترجمة أن أغير كلمة فضولي إلى كلمة مستكشف، لأن كلمة فضولي بالنسبة له تعد كلمة سلبية أو كما يتعارف عليه الناس .. حينها قررت أن أتمسك بالعنوان. ثم بدأت أبحث عن كلمة فضول بعمق .. فالقاموس الإنجليزي يعرف كلمة فضولي بـ «شخص حريص على العلم» في حين يعرف المعجم العربي كلمة فضولي (باشتغال المرء وتدخله في ما لا يعنيه). حينها تزاحمت الأفكار في رأسي وذهبت إلى الكاتب البرفيسور الأستاذ سعيد فائق، أستاذي في ماجستير الترجمة، ليدلني إلى الطريق الصحيح .. لن أنسى حين قال لي بأنني يجب أن أتمسك بكلمة فضول في العنوان لعلي أكون السبب في تغيير فكرة الناس عن كلمة فضول. وعليه، فقد كان أول سبب لنجاحي. فكما قال المفكر السعودي علي الهويريني «المعلم من يعلمني كيف أتعلم، ليس من يعلمني العلم حقناً». فالفضول عند الطفل إذا دل على شيء فإنه يدل على الذكاء. ولكن للأسف هناك معلمون أو أولياء أمور يرون الفضول بمنظور سلبي لأن هذه هي المشكلة، فالطفل لم يتربَّ على الجدل بل بأسلوب اسمع واتبع. وكما قال المفكر الأستاذ علي الهويري أيضاً إن مشكلتنا هي أننا تركنا العقل وانشغلنا بالنقل وبدأنا نملأ العقل بالنقل. قال الله تعالى «جعلنا لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون». والشكر في أن يجادل المرء في حواسه وأفكاره ما يراه ويسمعه لا يلجأ إلى التتبع من غير التأكيد والجدال إذا كانت لديه توجهات أو أفكار مختلفة. وللمفكر السعودي إبراهيم البليهي، نفس الأيديولوجية، فهو يرى أن العقل عبارة عن تكوين. وبالفعل فكم من عقول مثقفة يحكمها فكر تقليدي رجعي لا يمت إلى الدين بصلة؟ وعلى سبيل المثال كم من عقول صغيرة استعمل معها أسلوب «اسمع واتبع» من الصغر .. وعندما ينغمس العقل في التطرف الفكري لدى الجماعات المنحرفة عن الصواب، فإننا لا نستغرب إن لجأ الكثير منهم للإرهاب باسم الدين لأنهم لا يؤمنون بأحقية الناس في العيش بأمان إلا من اتبع أفكارهم .. ففي نهاية المطاف ليس لكلمة «جدال» مكان في قاموسهم. كاتبة متخصصة في أدب الطفل [email protected]