الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

حصّة

الحزن هو سيْلُ الوقت، حينَ يهطلُ من شهيقِ الظلام، لينغرسَ في الرملِ الذي ينخرُ ساقيك. الحزن هو أن تصلي جمعةَ وحدتكَ، ثم يُعْدي دعاؤُكَ دواءَك، ويبقى الداءُ في خشوعك. الحزن هو أن يختلط الأمرُ على قدميك، فتمشي بهما الى ملجأ سريرٍ لا ينام. الحزن هو أن تغرورق الصور في عينيك، فترفعهما في وِتْر الليل، ليعرف الله كم لا أحد يصافحهما، ويسألهما: -أين هيَ حصّة؟ الحزن هو جهةٌ تؤاخيها البوصلة، وتنحاز لها مواسمُ الريح والمطر. ‏في ظلمةِ الشارع، الْتفتَ آخرُ المعزين وهو يحملُ ما بقى من ضجيج الأيام الثلاثةِ الماضية، ليجدني أجمعُ الدموعَ من الطريق، وأبذرها في ترابِ الصمتِ الكاسرِ الذي بدأَ يزحفُ تجاهي. يزحف، يزحف، كنت على وشك أن أستعيدَ تنفسي ونفسي، حين شعرتُ أنها تكتبُ صوتَها على سياج ظلمة الشارع. كانتْ بحّتُها تختلطُ بـ «نسيم» قبرها الذي غادرتُه قبل مغيب الشمس، فصار الهواءُ لا يجرؤ أن يدخل رئتيَّ. الصمت الكاسر يزحف نحوي، ليلتهم كل عظامي التي ظلَّتْ، طيلة حياةِ شللها، لها.