2018-04-14
كان الأرملُ يتوقع أنْ يصلَ، هو وابنتُهُ البالغة سنتين، إلى بيت أمّهِ قبلَ أذان المغرب، لكنَّ الزحامَ لم يسعفْه. دخل بها إلى مسجدٍ صفيح صغير، في حيٍّ من أحياء الفقر العشوائية، والتي لا تبعدُ عن حيِّ أمه كثيراً. صفَّ للصلاة التي أقامَها الإمامُ قبل دخوله. ولأنه لم يترك ابنتَهُ، منذ وفاة أمِّها قبل سنة، إلا مع أمّه، فلقد جعلها تَصُفُّ للصلاة معه، إلى يمينه، في منتصف الصف الأوّل. طيلةَ الصلاة، كانت ابنتُهُ واقفةً عكسَ القبلة، تحدّقُ في وجوه المصلين في الصف الثاني، وجهاً وجهاً. كان البكاءُ يصارع ذقنها وعينيها. لم يخشع المصلون. أخذوا يحدقون في تحديقها، وأخذَ البكاءُ يصارعُ ذقونَهم وعيونَهم. بعد برهةٍ من تسليمةِ الإمام، حضنَ الأرملُ ابنته، ثم نهضَ بها خارج َالمسجد بخطواتٍ عجلى، وكانت هي تسندُ رأسَها على كتفه، مخفيةً وجهها ودموعها. دونَ أيّ اتفاق، قام كلُّ الذين كانوا يصلّونَ في الصف الثاني، ليعيدوا صلاتهم. ذلكَ الذي اختاروه ليؤمَهم، أجهشَ في البكاء، قبل أنْ يقرأ سورةَ الفاتحة. [email protected]