الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

كفاكمْ حجباً للمطر

بدا من رسالتِها التي لم تحملْ سوى جملةٍ واحدة، أنها نفضتْ الضبابَ عن كتفيها قبل أنْ تكتب، تماماً كما يفعل الذين لا يهابونَ نافلةَ الحبر، أو كما يفعل المرتدّونَ عن هجير الصمت. قرأتُ جملتَها بتروٍّ شديد: «من سجّاد المدنِ لمظلَّاتها، كفاكمْ حجباً للمطر». أعرف أنها لم تخرج يوماً عن ملجأ الصبر، لكنَّها حين تبوحُ بأنَّ هناكَ من يحجبُ المطر، فهذا يعني أنَّ الملجأ صار موارباً، وأنَّه حان الوقتُ كي أستبيحَ عظامَها. مرةً، أسألُ نفسي بخوف: - كيف ستكونُ عظامُها؟ ومرةً أخرى، أقولُ بطمأنينة: - ما دام لصدرِها قفصٌ، فسوف تدركُ أن للعصافيرَ أجنحةً من ذهب. نهضتُ عن سريري. فتحتُ النافذةَ، فرأيتُ الشارعَ يتدلَّى برتابةٍ من أعمدةِ النور اليابسة. بدأتُ في التفكير بالجملة من جديد. هناك وضوح في معنى، «من سجّاد المدن لمظلاتها»: السجّاد، غطاءٌ لا يمنحُ الأرضَ شراراتِ انعتاقاتها. المظلات، سقفٌ لا يبيح للفضاء انهماراتِه. وبين الغطاءِ والسقف، هناكَ من يحجبُ المطر. والمطر خريطةٌ، نصفها عتقٌ ونصفها انهمار. [email protected]