الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

الطبّ بين عهدين

لعل «أطباء زمان» كانوا يؤمنون بمقولة «ويل روجرز»عن الدعاية والإعلان: (لو كان المعلنون ينفقون كمية المال نفسها التي ينفقونها على الدعاية في تحسين منتجاتهم لما احتاجوا إلى الدعاية). وأذكر هنا أن أطباء دمشق لم يكونوا يحتاجون سوى إلى لوحة صغيرة كُتب عليها بخط جميل اسم الطبيب وتخصصه. والأكثر جمالاً في تلك الأيام أن المريض كان يأتي من الأرياف البعيدة إلى العاصمة ولا يعرف سوى اسم الطبيب، وأحياناً يكون الاسم غير صحيح، فلا يعاني هذا المريض في الوصول إلى طبيبه من دون الاستعانة ببرنامج غوغل إيرث، ومن غير برامج الاستكشاف الجغرافية من تطبيقات الآي فون. فعندما كان الطب قرين الأدب والحكمة ومنبره الكتاب لم يكن الأطباء بحاجة إلى المنصات والصفحات والتويتات، واللايكات والتعليقات والمشاركات، كما كان الحال مع أطباء من مثل الدكتور عبدالرحمن الشهبندر، وطبيب العاصي وأديبه وجيه البارودي والطبيب الأديب عبدالسلام العجيلي، والدكتور صبري القباني وسواهم كثير، كان تسويقهم وإعلانهم مجرد أسمائهم، فلا يعنيهم إعلان ولا يرهقهم تسويق، ولا يشغل بالهم كليبات الفيديو التعريفية حيث سيؤدّونَ فيها ما لا يطيقون من التمثيل المتصنع، ورفع شارت النصر مع مرضاهم في صور تدعي العفوية والتلقائية. أما اليوم في زمن عولمة الاتصال فأصبح الأطباء مضطرين للتسويق لأسمائهم والدعاية لعياداتهم والإعلان عن مهاراتهم، مع ضرورة امتلاكهم للعديد من منصات التواصل الاجتماعي. لقد كان المريض يبحث عن طبيبه المعالج في الواقع، أما اليوم فقد أصبح الأطباء يبحثون عن مرضاهم افتراضياً. طبيب أسنان