الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

في عالم ميتافيرس.. الجريمة بلا عقاب

هل دخلت عالم ميتافيرس؟ أم على وشك الدخول إليه؟ أياً كانت الإجابة، هل فكرت كيف ستحمى نفسك وممتلكاتك أو شركتك من اعتداءات لصوص هذا العالم؟ هذه الأسئلة باتت تطرح نفسها بقوة بعد توالي وقوع العديد من الجرائم في هذا العالم الافتراضي، فمن جريمة «الاغتصاب الجماعي» التي تعرض لها «أفاتار» السيدة البريطانية «نينا جين» مؤخراً، من مجموعة من أفاتار ذكور أثناء ممارسة لعبة Horizon Worlds»، إلى جريمة «كسر الرقبة»، التي تعرض لها شاب ألماني خلال مشاركته في إحدى الألعاب، وجريمة تعرّض مراسل هيئة الإذاعة البريطانية- الذي انتحل شخصية أفاتار فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً- لمحتوى جنسي وتهديد بالاغتصاب.

الأطر القانونية

كل هذه الجرائم التي وقعت في زمن قصير من إنشاء ميتافيرس، دفعت الدكتور ديفيد ريد، أستاذ الذكاء الاصطناعي والحوسبة المكانية في جامعة ليفربول هوب البريطانية العريقة، إلى استكشاف الجريمة في هذا العالم الافتراضي من حلال دراسة له بعنوان «الجريمة في ميتافيرس بلا رادع حتى الآن»، مشيراً في دراسته التي نشرها موقع مجلة «فوكاس» العلمية البريطانية، إلى أهمية تحديد الأطر القانونية التي ستحكم وتضبط الحياة في هذا العالم، قبل التفكير في الانتقال إليه، بعدما شهدنا وقوع العديد من الجرائم التي ما زال ضحاياها يعانون من عدم الحصول على حقوقهم، حيث لا وجود لقوانين رادعة في ميتافيرس.

ويأخذنا الدكتور ريد في دراسته إلى أن جانباً أخر أكثر خطورة، عن الاستثمارات التي يتم ضخها في هذا العالم، وهي أموال حقيقة، كيف ستتم حمايتها؟ مستشهداً بتقرير لشركة مورجان ستانلي حول حجم الاستثمارات في عالم ميتافيرس والذي سيتجاوز نحو 8 تريليونات دولار بنهاية العام، وأن مبيعات العقارات في Metaverse ستتجاوز مليار دولار خلال العام الجاري، ما يجعلها فئة أصول يجب حمايتها.

مطلوب قوانين حقيقية

ويقول دكتور ريد إنه أمام هذه الاستثمارات الضخمة يجب أن تكون هناك مجموعة قوانين حقيقية وليست افتراضية فقط، للحفاظ على هذه الاستثمارات، وعلى حياة سكان هذه العالم وممتلكاتهم، وهذا أمر ليس سهلاً كما يتوقع البعض، حيث يتطلب ذلك تعديلاً في القوانين الحقيقية لتسمح بالتدخل وتطبيقها على العالم الافتراضي وتطبيق العقوبة على الأشخاص الحقيقيين المخالفين للقانون، وهذا أمر يحتاج إلى سنوات ومجهود كبير لإضافة بنود قانونية تتعلق بحماية سكان عالم ميتافيرس، وإلا فسيكون عالماً بلا رادع، ولن يكون المدينة الفاضلة- على حد وصفه- بل عالمٌ من الجريمة غير القابلة للعقاب.

استثمارات ضخمة

ويضرب دكتور ريد مثالاً بمدينة سيول، التي بدأت تتخذ خطوات إيجابية في هذه الناحية القانونية، حيث خصصت استثمارات تقدر بنحو 3 مليارات دولار لإنشاء البنية التحتية لمساحة افتراضية تعكس مدينة سيول الحقيقة، وقامت بسن القوانين واللوائح المنظمة للحياة فيها، لتكون قادرة على حماية سكانها ومعاقبة الخارجين عن النظام، والتعامل معهم عند الحاجة، من خلال إنشاء نظام اتصالات افتراضي يسمح لإدارة البلدية بمراقبتها.

ويطرح الدكتور ريد في دراسته سؤالاً عن نوعية الجريمة في ميتافيرس ونسبة انتشارها، هل ستكون انعكاساً لما نشهده من جرائم في عالم الواقع؟ ويجيب قائلاً، إنه لن يكون عالماً مثالياً كما يقول عنه مبتكروه، ولن تكون الحياة فيه آمنة كما يدعي خبراؤه، بل إنه سيكون عالماً أكثر قسوة ووحشية من الواقع، ستقابل فيه المجرمين والمدمنين وقُطاع الطرق والإرهابيين أيضاً، وسيصبح الاحتيال والنصب أمراً أسهل من الموجود على أرض الواقع، فقد تتفاعل مع صور افتراضية تشبه الأشخاص الذين تعرفهم، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنك تتحدث إلى هذا الشخص، لأنها قد تكون نسخة أفاتار مزيفة، كما سيشهد هذا العالم جرائم مثل غسيل الأموال والخطف، والسطو على الممتلكات ونقلها إلى مكان آخر في مدينة افتراضية أخرى، كما سيتواجد الإرهابيون أيضاً وتكثر جرائمهم بطريقة أكثر عنفاً ووحشية، بسبب توافر كميات هائلة من البيانات أمام الجميع، ما يسهل استهداف أي شخص أو تفجير مكان ما. باختصار ستنتقل إلى هذا العالم نفس المشكلات والجرائم التي نشهدها في أرض الواقع.

أول جريمة

ومع التوسع السريع في إنشاء هذا العالم الافتراضي، يقول دكتور ريد: «سينتج عن ذلك كوارث اجتماعية واقتصادية في ظل غياب منظومة القوانين، لنا أن نتخيل هذا العدد الهائل من المدن والشركات بمختلف أنواعها والأسواق والحدائق ومتنزهات الأطفال التي بدأت تُنشئ من نفسها نسخاً افتراضية مطابقة لواقعها الحقيقي، من سيحميها ويضمن أمن روادها؟». ويضيف: «إن جريمة الاغتصاب الجماعي التي تعرضت لها السيدة البريطانية أول جريمة يتم تسجيلها في العالم الجديد، وهي جرس إنذار لنا جميعاً».