السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

إيران بره بره.. بغداد تبقى حرة

هل على سكان الخليج العربي، بل دول الشرق الأوسط وما حولها، وصولاً إلى المجتمع الدولي أن يقلق هذه الأيام مما قد تندفع إيران في طريقه بعد الانتكاسات غير المسبوقة التي تتعرض لها في المناطق التي سعت طوال 4 عقود في زرع عملاء لها ووكلاء حرب ليكونوا بمثابة الخناجر في الخاصرة؟

الشاهد أن الأصوات التي تعلو اليوم في العراق ولبنان ضد الوجود الإيراني المقنع من خلال ميليشيات ظاهرة تارة ومستترة تارة أخرى، باتت تسبب هلعاً كبيراً جداً للإيرانيين في الحل والترحال.

خيل للملالي طوال العقود الأربعة الماضية أن الشعوب يمكن أن تساق بالأيديولوجيا، وفاتهم أن الأمم في حاجة إلى السيسيولوجيا لفهم أبعادهم الاجتماعية ورؤاهم وتطلعاتهم الإنسانية، وما عدا ذلك يبقى من غثاء السيل.

راهن الملالي على أن الانتماءات العقدية يمكن عند لحظة معينة أن تطفو فوق سطح الانتماء والولاء للأرض والعرض، للتاريخ والثوابت والجذور، غير أن هذا في لحظات يكاد ينهار.

المراقبون للشأن العراقي الداخلي يدهشهم إلى حد كبير ذلك الانقلاب الحادث في الداخل من قبل الشباب العراقي، والذي لم يتجاوز العشرين من عمره والرافض للحضور الإيراني في البلاد.

حين نشير إلى المسألة العمرية فإننا نلفت الانتباه إلى أنه تيار لم يعش أزمنة حزب البعث ورؤاها الكارهة لإيران، ومعنى هذا أنه متحرر من الأيديولوجيا البعثية ورفضها لإيران، منطلقه قومي وطني وليس عقائدياً.

حاول قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وجماعته طويلاً جداً جعل العراق أسيراً لطهران، وفاته ومن لف لفه أن الشعوب وعند نقطة زمنية بعينها تستيقظ من أوهام التبعية وتسعى في طريق التحرر من ربقة أي جماعة خارجية.

يفرك سليماني أعينه بيديه وهو غير مصدق أن الأجيال العراقية الجديدة هي التي تصيح صباح مساء كل يوم في الكثير جداً من مدن العراق، لا سيما العاصمة بغداد رمز العروبة النابض، بلد الرشيد، وصاحبة الإرث المجيد «إيران بره بره.. بغداد تبقى حرة».

التحول هنا مصيري ومثير للغاية، إنها غضبة قوية جامعة مانعة على إيران التي مدت أياديها الأخطبوطية عبر كافة مناحي الحياة العراقية، ومارست أنواعاً من النفوذ جعلت منها صاحبة الأمر والنهي في الداخل العراقي.

ما جرى في العراق الأسبوعين الماضيين هو زلزال بكل معنى الكلمة، فحين تحرق القنصلية الإيرانية في كربلاء على سبيل المثال، فإن في الأمر رسالة لا تخطئها العيون ولا العقول، بأن زمن الوجود الإيراني في العراق وهيمنته قد انتهى وإلى غير رجعة، وأن أي أدوات إيرانية وحشية لمواجهة هذا الرفض مآلها الفشل وانكشاف الدور التخريبي الإيراني من جديد في المنطقة وحول العالم.

لا يصدق حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني الموصوم بالإرهاب أن شباب العراق الوطني يحرق صور خوميني رمز الثورة، وخامنئى مرشدها الحالي، وسليماني مندوبه في العراق، ولهذا فإنه يطلق تصريحاته المثيرة للقلق.

أفضل من كشف المشهد الإيراني القادم في المنطقة، الجنرال «كينيث ماكنزي»، قائد القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة والذي أشار إلى أن إيران ربما تلجا إلى تصعيد عسكري رداً على إخفاقاتها في المنطقة، ورفض الشعوب لهيمنتها، الأمر الذي امتد إلى لبنان، حيث انكشاف أوراق حزب الله الساعي لإشعال المشهد وخلط الأوراق.

من هنا يتوجب التنبه إلى نوايا إيران في الأسابيع القادمة، فقد يكون الخيار شمشمون هو طريقها إلى إشعال المنطقة برمتها، وإن فاتها أنه على الباغي تدور الدوائر.