الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

كيف تمكنت فرنسا من تسجيل أقل معدل تضخم في أوروبا؟

في الوقت الذي تعاني فيه المملكة المتحدة، وأجزاء كبيرة من الاتحاد الأوروبي، من أزمة التضخم وغلاء المعيشة التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ساعد قرار أصدرته الحكومة الفرنسية بشكل كبير في السيطرة على ارتفاع الأسعار.

وبلغ معدل التضخم في فرنسا في مارس 4.5% وعلى الرغم من أنه أعلى من شهر فبراير حيث سجل 3.6%، إلا أنه لا يزال أدنى معدل للتضخم في الغرب الصناعي، وأقل بكثير من بريطانيا التي سجلت 6.2%، وألمانيا 7.3%، وإسبانيا 9.8% وهولندا 11.9%.

وكانت الحكومة الفرنسية أصدرت قراراً للحد من رفع شركات الطاقة الفرنسية الحكومية للأسعار إلى حد كبير، مما أزال بعض الضغوط التضخمية عن الصناعات التي تعتمد على الغاز والكهرباء وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

وتعتبر المحطات النووية في فرنسا مصدرا لحوالي ثلثي الطاقة، وارتفع مؤشر التضخم للكهرباء بنسبة 4% خلال الاثني عشر شهراً الماضية.

ولكن على الرغم من ذلك، أشارت الغارديان، إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيواجه خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والمرتقبة يوم الأحد المقبل وابلاً من الانتقادات من اليسار واليمين بسبب الارتفاع الكبير الذي أصاب الأرياف.

كما أن هناك موجة أخيرة من الغضب بشأن إنفاق ماكرون مبلغ 2.4 مليار يورو على الاستشاريين منذ توليه منصبه، من ضمنها مليار يورو لشركة ماكينزي الأمريكية.

ووفقاً لمعظم المقاييس الاقتصادية والتي تتضمن الدخل القومي والاستثمار التجاري والإنفاق الاستهلاكي، والشواغر، وارتفاع الأسعار، تصنف فرنسا من ضمن الدول الغنية على عكس معظم التوقعات السابقة.

وتعافى الاقتصاد الفرنسي العام الماضي بنسبة 1%، في حين لا تزال بريطانيا أقل من 0.1% مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.

وقال الخبير الاقتصادي في يو بي إس فيليكس هوفنر، إن الأداء الاستثنائي في سوق العمل كان مفاجأة كبيرة.

وارتفع عدد الأشخاص العاملين في فرنسا مقارنة بما قبل الوباء، بينما في بريطانيا ترك حوالي 500 ألف شخص معظمهم فوق الخمسين سوق العمل مما جعل النقص أكثر حدة.

وعلى الرغم من أن عدد الأشخاص العاملين أو الذين يبحثون عن عمل يبدون أعلى بنسبة 1% في فرنسا مقارنة بعام 2019، إلا أن هويفنر يقول إن الزيادة في أعداد العمال خلال الوباء ساعدت في إبقاء الأجور السيطرة وخفض تكاليف العمل في فرنسا.

وقال فيليب أغيون من كلية Insead للأعمال إنه تم إدخال 1.2 مليون وظيفة لسوق العمل بين عامي 2017 و2021، بينما زادت نسبة الوظائف طويلة الأمد.

وقال كان أجيون وهو أحد المستشارين الاقتصاديين الثلاثة لماكرون عندما ترشح لأول مرة للرئاسة، إن سياسة الحد الأقصى التي فرضها ماكرون على تكاليف محكمة التوظيف غيرت قواعد اللعبة، وأعطت الشركات الكبرى حافزاً لتوظيف المزيد من العاملين بدوام كامل.

وأضاف أن إصلاحات التلمذة الصناعية والتدريب كانت بمثابة دفعة أخرى، وأوضح أن الأيام الأخيرة كانت أكثر تصاعدية مما يسمح للعمال بالتفاوض على الحلول مع الشركات، حيث لم تعد النقابات هي التي تقرر التدريب بينما يختار العمال ما يجب عليهم فعله.

وقال سيدريك أو وزير الدولة الفرنسي للاقتصاد الرقمي، إن إصلاحات ماكرون لقوانين الضرائب والتوظيف، وتفهمه لمخاوف الشركات الصغيرة لعبت دوراً مهماً.

وأضاف أن الكثير من الأموال التي أنفقها ماكرون خلال الوباء قد رفعت الدين الوطني من أقل من 100%/ إلى 115% من الدخل القومي في عامين.

وأشار إلى أن حكومة ماكرون وزعت الأموال المقترضة بحكمة حيث يتم إنفاقها لإعادة هيكلة الاقتصاد وتحرير الشركات من الضرائب المرتفعة، وأكد أن زيادة الاستثمار وخلق فرص العمل ستؤتي ثمارها.

وفي بداية العام الجاري، حذر محافظ البنك المركزي فرانسوا قيليروي دي جالو المرشحين للانتخابات، من أن مقترحات التخفيضات الضريبية والإنفاق الجديد ستؤدي لتدهور العام المالي.

وخصص ماكرون أكثر من 60 مليار يورو لصندوق التعافي الاقتصادي، بالإضافة إلى 40 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، وذلك لتوفير العمود الفقري للاستثمار العام على مدى العامين المقبلين.