السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

التوطين ودعم الشركات الصغيرة والرقمنة ركائز مستقبل القطاع المصرفي بالإمارات

التوطين ودعم الشركات الصغيرة والرقمنة ركائز مستقبل القطاع المصرفي بالإمارات
يعد القطاع المصرفي أحد أركان ودعائم الاقتصاد الإماراتي المتنوع، وأحد أكثر القطاعات التي تعكس مقدار التطور الذي يشهده الاقتصاد المحلي.

وإذا تحدثنا عن الرقمنة والتطور التكنولوجي في الدولة نرى أن البنوك الإماراتية تعكس هذا التطور بشكل مباشر من حيث ما تبنته من وسائل رقمية أسهمت في إيصال المنتجات والخدمات إلى مختلف المتعاملين عبر الوسائط الذكية والتطبيقات من جهة، ومن خلال بنائها وهيكلتها على مستوى البنى التحتية الداخلية الظاهرة وغير الظاهرة من جهة أخرى.

ولا شك أن هذا النهج القائم على الرقمنة، الذي تسارع خلال السنوات الماضية، مستمر معنا خلال السنوات المقبلة، وسيشكل أحد أساسيات ومستهدفات القطاع المصرفي، سواء من ناحية تصميم المنتجات وخدمة المتعاملين، أو من ناحية حماية بياناتهم ومعاملاتهم.


وفي السياق ذاته، فإن الإشراف على هذا النهج الرقمي وضمان كفاءة التقدم والتمكين يتطلب تكوين كفاءات والاعتماد على المواهب وتطويرها لقيادة المرحلة المقبلة، وهذا الجانب كذلك سيكون أحد أبرز المرتكزات التي سيستند عليها القطاع خلال الفترة المقبلة، وهو ما ستشمله على سبيل المثال المبادرة التي أطلقت أخيراً من أجل توظيف 5000 مواطن في القطاعين المصرفي والتأميني، بواقع 3500 مواطن في القطاع المصرفي و1500 في قطاع التأمين، فهذه المبادرة لا ترتكز على التوظيف فقط، بل على تطوير الكفاءات الشابة ليكونوا هم قادة القطاع في المستقبل.


وفيما تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة أحد أعمدة الاقتصادات العالمية، وبطبيعة الحال أحد أعمدة الاقتصاد المحلي، فإن دعم القطاع المصرفي والتعامل مع مؤسساته بات يأخذ شكلاً أكثر فاعلية وانضباطاً لتمكين شركات هذا القطاع وتمكين ودعم القائمين عليها، للوصول إلى أفضل الصيغ التي يمكن من خلالها بلوغ الأهداف المرجوة اقتصادياً من هذه الشركات ودعم أصحابها والعاملين فيها.

ويتجلى دعم وإعادة هيكلة تعامل البنوك مع الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال مشروع دعم هذه الشركات، الذي يقوده المصرف المركزي واتحاد مصارف الإمارات لاحتواء شركات القطاع وتوفير المنتجات المناسبة لها وفق قاعدة التسعير العادل، البعيد عن النظرة الشمولية القائمة على أن مخاطر هذه الشركات مرتفعة في العموم.

نهج بناء

وأكد المدير العام لاتحاد مصارف الإمارات جمال صالح، أن القطاع المصرفي والمالي والاقتصاد بشكل عام سيواصل النهج البناء الذي سار عليه خلال السنوات الماضية تحت الإشراف المباشر من المصرف المركزي والذي أوصل الإمارات لتتصدر اقتصادات المنطقة من حيث التنوع والتطور.

وقال: «مع دخولنا مرحلة جديدة تعتبر امتداداً للمرحلة السابقة، هناك عناوين عريضة يرتكز ويركز عليها القطاع المصرفي باعتبارها الأساسيات والمستهدفات التي ستحدد شكل القطاع خلال السنوات المقبلة».

وتحدث صالح عن المستهدفات التي حددها اتحاد مصارف الإمارات ويعمل عليها في الوقت الراهن بالشراكة مع العديد من الأطراف وأولها المصرف المركزي، على رأسها 5 مشاريع شاملة لكل نواحي العمل المصرفي، بدءاً من التوظيف ورعاية مواهب الشباب الإماراتيين، مروراً بالأتمتة وتقنين وتطوير البنية التحتية للقطاع، وصولاً إلى المستهدفات الخاصة بالمتعاملين على اختلاف شرائحهم ومتطلباتهم.

التوطين وبناء الكفاءات

وأشار إلى التوطين ورعاية المهارات كأحد أبرز المشاريع التي يعمل عليها الاتحاد حالياً بالتعاون مع العديد من الجهات الرسمية ومع كل المصارف الأعضاء، لافتاً إلى المبادرة التي تم اعتمادها من قبل المصرف المركزي وشركائه لتوظيف 5000 مواطن في قطاعي المصارف والتأمين بواقع 3500 وظيفة جديدة في البنوك و1500 في شركات التأمين حتى العام 2026.

وأوضح أن الهدف هو إعداد وتأهيل خبرات وكفاءات وطنية تشكل قيمة مضافة في القطاعات المشار إليها ليكون لهم دور في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق نقلة نوعية في تمكين وتطوير الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة هذه القطاعات مستقبلاً.

وقال: «مشروع التوطين شامل ويقوم على تطوير الكفاءات بحيث يكون الشباب المواطنون المستفيدون والمستهدفون هم قادة القطاع المصرفي في المستقبل».

المخاطر الرقمية

وأشار صالح إلى المشروع الثاني، الذي يركز على توعية المتعاملين والحماية الإلكترونية في هذا العصر الذي بات فيه كل شيء يعتمد على الرقمنة، لافتاً إلى أن المشروع لا يقتصر على التوعية بل على محاربة كل أنواع الاحتيال والإبلاغ عن المحتالين عبر ربط كل الجهات المختصة من بنوك ومؤسسات شرطية والبنك المركزي وشركات الاتصالات وهيئة الاتصالات، والمؤسسات المختصة بالحماية الإلكترونية.

دعم الشركات الصغيرة

وأما المشروع الثالث وفق صالح، فيختص بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها رافداً أساسياً للاقتصاد الوطني وللتنوع الاقتصادي بشكل عام، لافتاً إلى وجود خطة مفصلة ومرسومة بدقة بالتعاون مع مختلف الجهات، على رأسها البنوك الأعضاء في الاتحاد.

وحدد 3 مستهدفات للمشروع الخاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة، أولها يركز على قابلية وجود منتجات وخدمات مناسبة لمختلف شركات هذا القطاع، وثانيها يرمي إلى احتواء هذه الشركات وشمولها، سواء القادرة على فتح حسابات مصرفية أو غير القادرة على ذلك، وأخيراً بناء آلية وضوابط وهيكلة تسمح بالتسعير العادل الذي يبتعد عن النظرة الشمولية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتباره مرتفع المخاطر، وبناء آليات التسعير وفقاً لمبدأ السعر المتناسب مع مستوى المخاطر لكل قطاع ولكل شركة على حدة.

ربط المعلومات

وتحدث المدير العام لاتحاد مصارف الإمارات عن آلية ومشروع جديد يتم العمل عليه لربط المعلومات الخاصة بالمتعاملين بشكل يتيح تبادلها ونقلها بين العديد من الجهات بما يسهل مهمة تصميم منتجات أكثر ملاءمة لهم، وأكثر قدرة على فهم احتياجاتهم المتغيرة وإرضاء متطلباتهم.

نظام مدفوعات متكامل

وأفاد بأن هناك ضرورة للسعي والعمل لبناء نظام مالي متكامل للمدفوعات يفي بمتطلبات كل المتعاملين ويرتقي بدولة الإمارات كي تكون دوماً في مصارف أوائل الدول، كما عودتنا في الكثير من الأمور الأخرى.

قيادة الثورة الرقمية

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لمصرف الشارقة الإسلامي محمد عبدالله: «القطاع المصرفي في الدولة في تطور دائم، وهو ما شهدناه خلال السنوات الماضية وما نشهده وسنشهده في كل يوم».

وأشار إلى أن التطور أوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من انتشار الرقمنة واعتماد أغلب المتعاملين على القنوات الرقمية في التعامل مع المصارف، لافتاً إلى أن هذا التوجه مستمر، والبنوك والمؤسسات المالية الأخرى على اختلافها تعمل على تطوير وتطويع برامجها وخدماتها وهيكلتها بشكل عام بما يتماشى مع متطلبات الثورة الرقمية.

وأشار إلى أن القطاع المصرفي والمالي يمر بتحول لم يسبق له مثيل، بينما تعمل التقنيات الرقمية على إعادة تشكيل كل نواحي العمل المصرفي، وبالتالي يعد التقدم التكنولوجي والابتكار من أهم المتغيرات التي سنشهدها في المستقبل.

وأفاد بأن المصارف تستمر في بناء الكفاءات وتطويرها، لا سيما الكفاءات المواطنة الشابة والجديدة، التي تشكل عصب القطاع خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من تركيز البنوك ينصب على عملية تطوير الكوادر المواطنة القادرة على قيادة هذه الثورة الرقمية، ودعم وتمكين القطاع للبقاء في الصدارة على مختلف الأصعدة.

3.3 تريليون أصول مصرفية

وتظهر بيانات المصرف المركزي تطور وقوة النظام المصرفي المحلي، إذ يبلغ إجمالي الأصـول المصرفية نحو 3.3 تريليون درهم في نهاية فبراير 2022، فيما يصل إجمالي الائتمان إلى 1.81 تريليون درهم، وتبلغ قيمة الودائع المصرفية كما في نهاية فبراير 2022 أكثر من 1.988 تريليون درهم.

ونمت الودائع الادخارية في أول شهرين من العام الجاري 1.7% بواقع 4.147 مليار درهم، إلى 245.966 مليار درهم نهاية فبراير الماضي، مقارنة بـ241.819 مليار درهم نهاية العام الماضي 2021.

وأظهرت النشرة الإحصائية لشهر فبراير الصادرة عن المصرف المركزي، ارتفاع الودائع تحت الطلب خلال أول شهرين من العام الجاري 2.19% بواقع 18.6 مليار درهم إلى 866.656 مليار درهم نهاية فبراير، فيما بلغت قيمة الودائع لأجل 517.328 مليار درهم نهاية فبراير الماضي.