الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

وارين بافيت.. خبرة الكبار وطموح الشباب

سيتوقف التاريخ طويلاً أمام تجربة الملياردير الأمريكي وارين بافيت في أسواق الأسهم، فهو ببساطة الملك غير المتوج في هذا القطاع عالي المخاطرة، ففضلاً عن نصائحه الاستثمارية التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر «أسطورة وول ستريت» حماسة منقطعة النظير في مواساة الفقراء، إذ يعتزم التبرع بنحو 99% من ثروته للجهات الخيرية، بدلاً من توريثها لعائلته الصغيرة، مقتصراً مساعدته لأولاده الثلاثة بإعطاء كل واحد منهم شركة بقيمة 2 مليار دولار فقط، أي إنهم لن يرثوا أكثر من 6 مليارات دولار من ثروة والدهم التي تتجاوز 111 مليار دولار.

لم تمنع الثروة الملياردير العجوز من القراءة فهي مصدر لإلهاماته، إذ يقرأ في المتوسط 80 كتاباً كل عام، وهكذا يفعل المستثمرون الكبار، فزملاؤه في نادي أصحاب المليارات، يفعلون الشيء ذاته، وعلى سبيل المثال، يقرأ إيلون ماسك سنوياً 120 كتاباً، بينما يستهدف بيل غيتس 100 كتاب، فيما يحرص جيف بيزوس على مطالعة 50 كتاباً كل عام، وهكذا، فإن كثرة القراءة تعد القاسم المشترك بين أصحاب المليارات، في الوقت الذي يتعلل فيه بعض صغار المستثمرين بعدم وجود الوقت الكافي للقراءة، والأغرب أن بعضهم يتساءل مستنكراً عن جدوى القراءة وهو داخل مطبخ الأسواق؟

لكن بافيت، الذي يعد أحد القلائل الذين جمعوا بين الثراء والحكمة، يواجه سخرية متعمدة من بعض السطحيين بسبب نزوعه إلى محاكاة حياة الفقراء، فلم يعرف عنه يوماً تبذيره للأموال، أو استعراضه بماله كما يفعل بعض الأثرياء، والواقع أن قناص الأسهم الذي جاوز التسعين من عمره، يتمتع بذاكرة ابن الثلاثين، وضحكة طفل ماكر في العاشرة، كما أنه يلتزم بنظام غذائي صارم جداً للوقاية من الأمراض المزمنة التي تصيب عادة من هم في مثل عمره، ولهذا يظهر الرجل العجوز كشاب طموح منفتح على الاستثمارات التكنولوجية الحديثة التي تبتعد عن جوهر الاقتصاد القديم، وهذه إحدى مميزاته.

يتوقف بعض المراقبين أمام أحد الألغاز المحيرة في تجربة أحد أكبر أغنياء العالم، وهو عدم اكتراثه بإبرام صفقة استحواذ ضخمة بقيمة 100 مليار دولار مثلاً بالرغم من قدرته على ذلك، وهو أمر محير للكثيرين، ونعتقد أن ما يمنعه من إمضاء مثل هذه الصفقات هو قناعاته الشخصية بعدم تنفيذ عمليات استحواذ قد تكون عواقبها كارثية تنسب إليه بعد وفاته، بالإضافة إلى أنه لا يريد عرقلة طريق من سيخلفه في إدارة أصوله المالية بأمور قد يعجز عن التعاطي معها.