الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مصر وحلم الاكتفاء الذاتي من القمح

أزمة القمح تلقي بظلالها على مصر عقب اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، فمصر من أوائل الدول المستوردة للقمح في العالم وأكثر الدول استهلاكاً له، وهي حالياً تقترب من إنتاج حوالي 10 ملايين طن من القمح العام الجاري، لتحقق ما يقترب من الاكتفاء بنسبة 55% من إجمالي الاستهلاك.

الشعب المصري -أو تحديداً وبالأرقام (67 مليون مصري من بين 103 ملايين نسمة)- يستهلكون يومياً ما بين 250 مليوناً إلى 275 مليون رغيف خبز بلدي مدعم (طبقاً لتصريحات سابقة لوزير التموين والتجارة الداخلية المصري الدكتور علي مصيلحي، منذ أقل من شهرين)، ويحدث ذلك عبر 30 ألف مخبز موزعة على مختلف محافظات مصر، بمعدل 5 أرغفة في اليوم الواحد، وهو ما يعد أعلى استهلاك في العالم تقريباً.

هناك تحديات كثيرة بكل تأكيد لكن في المقدمة منها الإرادة السياسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح

وحسب الأرقام الرسمية فإن مصر تستهلك ما بين 18-20 مليون طن قمح سنوياً لسد احتياجات حوالي 103 ملايين نسمة، والرقم مرشح للزيادة لكنّ هناك حلماً بزيادة الإنتاج من القمح وزيادة إنتاجية الفدان بتوظيف البحث العلمي والوسائل الحديثة للوصول إلى إنتاج 70 أو 75% من احتياجات مصر للقمح سنوياً.

فهناك إرادة سياسية قوية وحاضرة كانت غائبة منذ سنوات طويلة لتحقيق حلم الاكتفاء الذاتي خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة. وكلما توافرت الإرادة والإدارة للإنجاز والبناء والتنمية، كلما اقترب الحلم من التحقق، وبات الإمساك بتلابيبه سهل المنال، ولم يعد هناك شيء اسمه مستحيل على الأرض.

القيادة السياسية الممثلة في الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتخذت القرارات الشجاعة والإجراءات اللازمة نحو تحقيق الحلم بزيادة المساحة المزروعة بحوالي 5 ملايين فدان، بعد الإعلان عن الدلتا الجديدة في الساحل الشمالي لزراعة 2.5 مليون فدان إضافة إلى مشروع المليون ونصف مليون فدان، وزيادة الرقعة الحالية بمليون ونصف مليون، والهدف هو تحقيق نسبة كبيرة سواء من القمح أو الأرز والبقوليات والخضراوات.

هناك تحديات كثيرة بكل تأكيد، لكن في المقدمة منها الإرادة السياسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، سواء بزيادة الإنتاجية أو الأرض المزروعة، وبالتالي التخلص من احتكار القمح واستيراده من أشخاص معينين وهو ما شكل سداً منيعاً أمام كل خطوات التوسع في زراعة القمح وبقاء مصر رهينة الاستيراد.

التحديات الأخرى قابلة للمواجهة، مثل تحديد سعر التوريد من الفلاحين ودعم المزارعين ومساعدتهم على زيادة إنتاجية الفدان بالوسائل الزراعية الحديثة وبالتالي زيادة الإنتاج الكلي من القمح إلى حوالي 16 مليون طن. الحلم ليس بعيداً، والأزمات تخلق الإرادة للعمل والإنتاج، وأظن أن هذا ما يحدث في الشقيقة الكبرى الآن.