السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كريشنان: التربوي الحكيم

تحتفل الهند كل عام بـ"عيد المعلم الوطني" في 5 سبتمبر منذ عام 1962، وذلك لإحياء ذكرى ميلاد نائب رئيس الهند الأول سارفيباللي رادها كريشنان (1888-1975)، الذي تولّى منصب رئيس جمهورية الهند من عام 1962 حتى 1967. حيث يعُدّ البروفيسور كريشنان واحداً من أعظم فلاسفة القرن العشرين، وقام بدور عظيم في تقديم الفلسفات الغربية إلى المجتمع الهندي والفلسفات الهندية إلى العالم الغربي.

ولد كريشنان في 5 سبتمبر 1888 في ولاية تاميل نادو بجنوب الهند، واشتغل أستاذاً للفلسفة في جامعة كلكتا من عام 1921 إلى 1932. خلال هذه الفترة، قام بتمثيل جامعة كلكتا في مؤتمر جامعات الإمبراطورية البريطانية عام 1926 وفي المؤتمر الدولي للجامعات بجامعة هارفارد في نفس العام، وعيّن أستاذاً للأديان والأخلاق الشرقية في جامعة أكسفورد، ورُشح لجائزة نوبل للآداب 16 مرة ولجائزة نوبل للسلام 11 مرة.

لقد كان موضع إعجاب كبير لدى طلابه. ففي عام 1921، جهّز طلابه عربة مزينة بالزهور لنقله من جامعة ميسور -حيث عمل أستاذاً أيضاً- إلى محطة قطار ميسور، وقام الطلاب أنفسهم بجرّ العربة. وانتخب رئيساً للمجلس التنفيذي لليونسكو في عام 1948.

عُيّن رئيساً لجامعة بنارس الهندوسية، ومنح أعلى وسام مدني «بهارت رتنا».

ألّف كريشنان كتباً مهمة في الفلسفة منها «فلسفة الدين»، و«الفلسفة الهندية» (في جزأين)، و«البحث عن الحقيقة»، و«الأوبنيشاد الرئيسي»، و«النظرة الهندوسية للحياة»، و«الأديان الشرقية والفكر الغربي»، و«فلسفة الهندوسية» وغيرها.

أثّر البروفيسور كريشنان تأثيراً كبيراً في المجتمع الهندي بدوره الملهم كمعلم وكاتب وفيلسوف ورجل دولة، ورئيس الدولة الهندية. كان يقول إن مهنة التدريس هي أنبل المهن، يجب ألّا يدخل أصحاب الجشع والأنانية والذين يفتقرون إلى مستوى جيد من النبل والأخلاق هذه المهنة الشريفة، وقال نجيب محفوظ عن المعلم «يمتلك المعلم أعظم مهنة، إذ تتخرج على يديه جميع المهن الأخرى».

للأسف الشديد مهنة التدريس في كثير من مجتمعاتنا الشرقية لا تختلف كثيراً عن سائر المهن، وهناك معلمون لا يتصفون بصفات المعلم، لا ضمير عندهم وجل همهم ترقية الذات وكسب المال وإحراز المناصب وهضم حقوق الآخرين، ومن جهة أخرى، مجتمعاتنا الشرقية لا تقدر دور المعلم حق قدرها فتبقى متخلفة.

وعن وحدة المذاهب قال كريشنان: «إذا ما تعالينا عن مظاهر الاختلاف بين المعتقدات والثقافات فسنجدها جميعاً واحدة، لأن الإنسانية في جوهرها واحدة وإن تنوّعت وتعدّدت ثقافاتها».