الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحوار أولاً

لنتخيل، أن رئيس إحدى كبرى شركات العالم أصدر قراراً للتنفيذ الفوري، فتقوم فئة من المسؤولين بالاعتراض على صحة هذا القرار، فما القرار الذي يمكن أن يكون قد أصدره هذا الرئيس؟ في الحقيقة لا يهمنا ذلك القرار في حد ذاته، فما يهمنا حقاً هو الحوار بين الرئيس ومرؤوسيه في الشركة، وهنا دعونا نتأمل بعضاً من آيات الذكر الحكيم، والتي سنجد فيها دستوراً متكاملاً من السياسات والتشريعات الإدارية والتنظيمية، التي تغني عن الكثير من النظريات الإدارية – البشرية التي قد تصح وتخطئ.

فعند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً* قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾، لقد توقفت لتأمل عظمة هذا الموقف وبساطته.

لقد كان من الممكن لجوابه سبحانه أن يكون نفياً قاطعاً للمعترضين على أمره، أو الطرد المباشر من رحمته، إلا أن الرسالة كانت واضحة من حيث المبدأ، ألا وهو الحوار أولاً، ثم تقبل «المرؤوسون» قوله سبحانه وتعالى حين قال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.


ولم ينته الأمر هنا، بل أمر سبحانه آدم بسرد الأسماء كلها ليؤكد صحة قراره للملائكة حين قال: ﴿ألم أقل لكم إني أعلم ما لا تعلمون﴾؟ هذه دروس ربانية يجب أن تدرج في المناهج الإدارية كقواعد لعمل الفريق من خلال الحوار وعدم تزمت بالرأي، والحاجة للعمل على بيان صحة القرارات للمرؤوسين، وإن كانت صادرة من جهات أعلى، وذلك لخلق الدافع على التفاني في التنفيذ عن قناعة وليس إجباراً لهم.


وإن طبقت هذه النظرية السماوية فسنجد أن الإنتاجية المؤسسية قد تضاعفت تلقائياً، خاصة أنه حالياً في بعض الجهات تتم «شخصنة» المناصب التي تجعل من الموظف الضحية الأولى للتعبير عن رأيه، ويصبح سبيلاً للتغيير غير المجدي.