الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«راجعين يا هوى».. دراما تجسد روح أسامة أنور عكاشة.. دون عالمه!

من الأعمال الدرامية التي أثارت الفضول حتى قبل بداية شهر رمضان مسلسل «راجعين يا هوى» المقتبس عن مسلسل إذاعي للكاتب أسامة أنور عكاشة تم بثه 2004 قبل وفاة مؤلفه بست سنوات.

عكاشة، كما هو معروف، قدم العديد من الأعمال الدرامية الكبيرة مثل «ليالي الحلمية» و«الشهد والدموع» و«أبو العلا البشري» و«الراية البيضا» وغيرها من المسلسلات التي وضعت اسمه على قمة الكتابة الدرامية التلفزيونية، واسمه، وحده، كان يكفي لتشجيع قطاع كبير من المشاهدين لمتابعة «راجعين يا هوى».

ولكن بعد بداية سريعة ومثيرة للعمل راح المشاهدون ينقسمون بين معجبين متابعين للمسلسل، وبين محبطين تراجعوا عن مشاهدته أو انخفض حماسهم لمتابعته جيداً.



إنتاج سخي

توفر للمسلسل شركة إنتاج سخية هي «أروما»، تعاقدت مع فريق شديد التميز من الممثلين: خالد النبوي، نور اللبنانية، هنا شيحة، أحمد بدير، أنوشكا، وفاء عامر، طارق عبدالعزيز، وسلوى محمد علي، ومن الجيل الجديد إسلام إبراهيم ومصطفى درويش وشريف حافظ وسلمى أبو ضيف وإسلام جمال ونور النبوي، بجانب أدوار شرفية لأسماء بحجم هناء الشوربجي وصبري فواز ومنذر رياحنة وكمال أبو رية ومحمد الصاوي وتميم عبده وغيرهم.

ولكتابة المسلسل تم الاستعانة بكاتب سيناريو صاحب خبرة وإنتاج وفير هو محمد سليمان عبدالمالك، كان عليه أن يحول عملاً (صوتياً) مدته 300 دقيقة تقريباً إلى مسلسل (بصري) مدته أكثر من ألف دقيقة (بافتراض أن زمن الحلقة 35 دقيقة فقط).

كما جرى الاستعانة بمخرج شاب واعد هو محمد سلامة، صاحب مسلسل «رحيم» لياسر جلال الذي حقق نجاحاً كبيراً منذ عامين.

كل هذا الإنتاج وهذه الأسماء بالإضافة إلى اسم أسامة أنور عكاشة نجحت في جذب كثير من المشاهدين للعمل، خاصة من عشاق أعمال عكاشة.



تحولات اجتماعية

بقليل من الجهد، يمكن العثور على روح وعالم عكاشة في «راجعين يا هوى»: الصراعات العائلية على الميراث، وعلاقات الكراهية والحب داخل العائلة الواحدة التي يتوارثها الجيل الأصغر، ويتبناها، أو يقرر التمرد عليها.

التحولات الاجتماعية والصعود الطبقي لبعض الفئات وما ينتج عنه من تشوه لأنماط الحياة التقليدية والعلاقات الإنسانية. القاهرة القديمة بأحيائها الشعبية، في مواجهة غزو الحداثة والرأسمالية والأثرياء الجدد.



عمل مترهل

مع ذلك، فمن الصعب أيضاً اعتبار المسلسل التلفزيوني ضمن أعمال عكاشة، أو مقارنته بمستواها الفني، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الكتابة التي أنتجت عملاً مترهلاً، بطيئاً، مفكك الخيوط، بالرغم من الإمكانيات المتوفرة في القصة الأصلية، ومن بعض المشاهد واللحظات الجيدة التي تظهر أحياناً بين مشاهد الثرثرة التي يمتلئ بها العمل.

وربما تكون المشكلة أن إطار العمل بوليسي تشويقي، حيث يفترض أن بطل العمل، بليغ أبو النجا (خالد النبوي) مطالب بتسديد عدة ملايين من الجنيهات لزعيم عصابة قاتل، خلال فترة قصيرة من الزمن، يعلم خلالها أن شقيقيه الراحلين ماتا في حادث مدبر وليس قضاء وقدراً.

ويمر الوقت سريعاً دون أن يستطيع استرداد حقه من الميراث ليسدد ديونه ودون أن يعرف لغز مقتل شقيقيه وسر المكالمات الهاتفية الغامضة التي يتلقاها.

هذا هو الإطار العام للمسلسل، ولكن المتن والحشو عبارة عن مشاهد لا تنتهي من الثرثرة العائلية، وفوق ذلك يدخل بليغ في علاقتين عاطفيتين بالتوازي، مع كل من نور وهنا شيحة، لإنفاق عشر أو خمس عشرة دقيقة من زمن كل حلقة مع كلتيهما، دون أن يكون لذلك أي مبرر.

وكأن ذلك لا يكفي، يشرك خالد النبوي ابنه نور في معظم مشاهده، لإنفاق مزيد من الوقت في تناول الطعام والثرثرة وبعض دقائق قليلة، كل عدة حلقات، في المعارك والأكشن!



مشكلة الاقتباس

من ناحية ثانية لم يستطع المخرج محمد أسامة أن يعثر على أسلوب ودرجة لونية وصوتية مميزين للعمل ككل، ولعنصر التمثيل بوجه خاص، حيث راح كل ممثل يغني، أو يصرخ، بمفرده.

ربما يعود السبب إلى النص الأصلي الذي لا يتحمل تحويله إلى 30 حلقة، أو إلى النص الجديد الذي لم يستطع اقتباس الأصل، أو إلى عدم توفر وقت كافٍ للإتقان، أو لكل هذه الأسباب وغيرها، لدرجة أن صناع العمل نسوا ووضعوا بعض المشاهد في أكثر من حلقة، كما حدث في الحلقتين العاشرة والحادية عشرة.

في المقابل، حاول المخرج أن يعوض ضعف الأحداث والصورة بالتركيز على ديكورات البيوت والإضاءة والتصوير وحركات الكاميرا فوق الأسقف وعبر الحوائط، وتنفيذ القليل المتاح من المعارك والمطاردات بطريقة جيدة، ولكن هذه الصورة «السياحية» الجميلة لم تساهم سوى في توسيع الهوة بين عالم وزمن أسامة أنور عكاشة، وزمن وجيل محمد سليمان عبدالملك!