الجمعة - 01 نوفمبر 2024
الجمعة - 01 نوفمبر 2024

«التنين والعنقاء».. حوار ثقافي بين الحضارتين الإسلامية والصينية في اللوفر أبوظبي

تجسد الأعمال الفنّية التي يقدمها معرض «التنين والعنقاء» الذي افتتحه اليوم الثلاثاء رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي محمد خليفة المبارك، في متحف اللوفر أبوظبي، الحوار الممتد بين الصين (التنين) والعالم الإسلامي (العنقاء).

ويأخذ المعرض زواره في رحلة من 5 أقسام، عبر طرق التجارة البرية والبحرية، لاستكشاف العلاقات التي قامت بين الحضارتين وأوجه التأثر الفني لكل حضارة بالأخرى، فضلاً عن القصص الرائعة التي لم يروِها أحد من قبل، منذ أن أنشأ التجار العرب أول مقرات لهم في كانتون في القرن الثامن وحتى بداية القرن الثامن عشر.

وسيكتشف زوار المعرض التبادل الثقافي والفني الذي نتج عن لقاء العالمين الصيني والإسلامي من القرن الثامن إلى القرن الثامن عشر، وذلك من خلال أكثر من 200 عمل فنّي.

ويرافق المعرض وهو الثاني لمتحف اللوفر أبوظبي والذي يستقبل زواره من 6 أكتوبر 2021 إلى 12 فبراير 2022، برنامج ثقافي غني يشمل مجموعة من الفعاليات، منها جولات ركوب قوارب التنين، وسينما الكاياك، وعروض الأفلام العائلية.

وقد جرى اختيار الأعمال المشاركة في المعرض من بين مجموعات متحف اللوفر أبوظبي والمتحف الوطني للفنون الآسيوية -غيميه، إلى جانب أعمال فنية مستعارة من 12 متحفاً ومؤسسة ثقافية من حول العالم.

رمزية أسطورية



وقال مدير متحف اللوفر أبوظبي مانويل راباتيه: «يعكس عنوان المعرض الشاعري، بما يحمله هذان المخلوقان الأسطوريان من رمزية، أهمية التبادل الفنّي والثقافي الذي شهده التاريخ بين هاتين الثقافتين العريقتين. إذ من المذهل تأمّل الإنتاج الفني الغزير والقطع الفنّية والمواد الرائعة التي رأت النور نتيجة لقاء هاتين الحضارتين عبر البر والبحر».

أما رئيسة المتحف الوطني للفنون الآسيوية- غيميه صوفي مكاريو فقالت: «من القرن الثامن وحتى بداية القرن الثامن عشر لم يتوقف العالم الإسلامي أبداً عن اعتبار الصين مثالاً للإنجاز الفني والجمال، في حين قدّم العالم الإسلامي إلى الصين مقتنيات معدنية وزجاجية فاخرة. في هذا الإطار، يسلط هذا المعرض الفريد من نوعه الضوء على التاريخ الطويل من التبادلات الثقافية، سواء المادية أو غير المادية، وعلى العلاقات السلمية التي نشأت بين هاتين الثقافتين العريقتين».

قصص إنسانية



وأكدت لـ«الرؤية» أمينة المتحف المساعدة في القسم العلمي بـاللوفر أبوظبي، فاخرة الكندي، المتخصصة في فنون العصور الوسطى، حرص المتحف على العناية بالقطع الفنية التاريخية ومنها يتم سرد القصص الإنسانية من بداية التاريخ إلى وقتنا الحالي.

وأشارت إلى أن مسؤولية المتحف تتضمن تنظيم المعارض التي تركز على زوايا تاريخية مختلفة من أجل تعريف الجمهور وأفراد المجتمعات بها، مشيرة إلى أن المتحف يستعين بتقنيات وتطبيقات ذكية تمنح الزوار تجربة تفاعلية تظل محفوظة في ذاكرتهم.

ولفتت إلى أنه من المخطط أن يشهد زوار المتحف خلال الفترة المقبلة من الشهر الجاري بعض التغييرات في المعارض المؤقتة والدائمة، إذ سيتم استبدال وإضافة قطع فنية جديدة ونادرة تحفز مشاعرهم وعقولهم.

5 أقسام



ويستكشف الزوار الأعمال والقطع الفنية أثناء التجول في 5 أقسام أساسية، حيث تتّبع الأقسام الأربعة الأولى تسلسلاً زمنياً تاريخياً، في حين يركّز القسم الخامس على التقاليد الأدبية لفن الخط والشعر.

وتركز الأقسام الخمسة على نشأة الصلات بين الحضارتين عبر الطرق البحرية والبرية، حيث يأتي القسم الأول تحت عنوان رحلة الغرب (القرنان الثامن-العاشر)، فيما يُعنى القسم الثاني بجماليات سلالة سونغ الصينية والجماليات السلجوقية، أما القسم الثالث فتم تخصيصه للتفاعلات الفنّية التي نشأت في ظل السلالات المغولية وتأثيراتها على الشرق الإسلامي.

ويستكشف الزوار في القسم الرابع من المعرض، الذي يحمل عنوان «المبادلات المتآلفة»، التبادلات الفنّية التي شهدتها الفترة الممتدة من القرن الخامس عشر إلى القرن السابع عشر، إذ تأثرت كل ثقافة بالأخرى، وهو أثر جلي عبر القطع الفنّية المعروضة في القسم.

ويختتم الزائر جولته بقسم خامس مخصص للمخطوطات والشعر وفن الخط من القرن الثامن حتى القرن الثامن عشر، إذ يُعتبر فن الخط أحد أكثر الأشكال الفنّية احتراماً في هاتين الحضارتين.

ويأخذ المعرض الزوار في رحلة من منطقة شمال أفريقيا، مروراً بشبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى والمحيط الهندي، وصولاً إلى الصين وفيتنام، ليكتشفوا تاريخاً حافلاً بالإلهام المتبادل بين الحضارتين على الصعيد الفني والثقافي غير التقليدي من جهة وعلى صعيد إنتاج السلع من جهة أخرى.

مقتنيات نادرة



ومن المقتنيات النادرة والقطع الفنّية المميزة بالمعرض، «قدح» نادر بعروة على هيئة تنين مصنوع من الذهب يعود إلى سلالة يُوان في الصين (1279- 1368)، كما يشمل المعرض مجموعة من أروع الأقمشة الحريرية الفاخرة التي عرفها التاريخ، مثل حرير باني تارتاريشي (التتار)، وهو حرير بخيوط ذهبية من منسوجات إمبراطورية المغول.

ويقدّم المعرض لزواره حيواناً خرافياً مصنوعاً من الفضة، يُعتقد أنه تنين، فيما يبرز أسلوب النقر بالإزميل على الفضة المطلية بالذهب، وهو إبداع نادر من سلالة لياو (906/907- 1125).

ويكشف المعرض عن «لقاء القلمين»، الفرشاة من الصين وقلم القصب من العالم الإسلامي، وذلك من خلال مجموعة رائعة من الرسومات والمخطوطات واللوحات المرسومة بالحبر، بغية إظهار أوجه التشابه بين تقاليد الكتابة في الثقافتين، والمعاني الروحية التي يحملها الخط.

جولات قوارب التنين



ويصاحب المعرض برنامج ثقافي يأخذ الزائر في رحلة تلامس الحواس تشمل مجموعة متنوّعة من الفعاليات والمشاريع، منها مجموعة مختارة من عروض الأفلام، إلى جانب جولات في قوارب التنين، وهي نشاط جديد يقدّم المتحف لزواره إلى جانب جولات الكاياك وجلسات اليوغا، فيما ستعقد الجولات المستوحاة من الثقافة الصينية من 18 نوفمبر إلى 31 ديسمبر.

ومع بداية العام المقبل، سيتمكن الزوار أيضاً من مشاهدة عمل فنّي تركيبي للفنان الإماراتي أحمد العريف مستوحى من الأبراج الفلكية، من منظور الثقافتين.