الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«الورقية» VS «الإلكترونية».. من ينتصر في صراع القراءة؟

«الورقية» VS «الإلكترونية».. من ينتصر في صراع القراءة؟

وصف كتاب وناشرون، إصرار البعض على وضع الكتاب الإلكتروني في مواجهة الكتاب الورقي، بالمواجهة الخاسرة، مؤكدين أن المستقبل سيجمع بين الاثنين من دون إقصاء أحدهما للآخر.

وأكدوا لـ«الرؤية» أنه ورغم أن السطوة باتت للكتاب الإلكتروني، لا سيما خلال جائحة كورونا، فإنه يبقى للكتاب الورقي ألقه وجاذبيته وارتباط الكثيرين به لا سيما من يعشقون ملمسه ورائحة الورق.

وشددوا على أن القراءة الإلكترونية لم تأتِ لتكون بديلاً الورقية، إنما لتقدم تسهيلات لمن يحتاجون، واصفين التعايش بين الاثنين بالحتمي، حيث لن نصل أبداً إلى درجة الاستغناء عن القراءة الورقية.

تحولات اجتماعية



ترى الكاتبة الكويتية أمل الرندي، أنه لا علاقة بين تراجع القراءة ومسألة النشر الورقي أو الإلكتروني، مؤكدة أن هناك أسباباً عدة تقف خلف ذلك، أهمها التحولات الاجتماعية التي جعلت الناس يركضون خلف المتطلبات الضرورية للحياة، فاتسع استخدام الأجهزة الإلكترونية، وتزايدت المواقع التي تنشر نصوصاً للقراءة، وهذا لا يعني أن الكتاب الورقي قد انتهى، ولا يعني أن القراءة كلها باتت إلكترونية.

وأضافت أنه يمكن القول إن القراءة الإلكترونية اختطفت مساحة من القراءة الورقية، وهي لا تزال تتطور، في وقت لم تبقَ القراءة الورقية أو صناعة الكتاب الورقي في مكانها، حيث لحقت بالمطبعة تطورات تكنولوجية كثيرة، زادت من جاذبية الورقي، خصوصاً ما نراه في كتب الأطفال التي تطورت كثيراً.

وأشارت إلى أن التقدم التكنولوجي عزز القراءة الإلكترونية، لكنه عزز في الوقت نفسه القراءة الورقية، حتى إن بعض الكتب باتت تتداخل فيها الصفحات الورقية والإلكترونية، أو تدخل إليها الأصوات والموسيقى والفيديوهات وغير ذلك، عدا أن الرسوم في كتب الأطفال تطورت، وتطورت جاذبية الإخراج ونوعية الورق.

وأكدت أن القراءة الإلكترونية لم تأتِ لتكون بديلاً للورقية، إنما لتقدم تسهيلات لمن يحتاج تلك التسهيلات، تماماً مثلما حدث عندما وضعت الطائرات في خدمة المواصلات، فتعايشت مع السيارة والقطار والسفينة، وهذا التعايش الحتمي سيحدث على مستوى الإلكتروني والورقي، حيث ترى إنهما خياران جاءا ليتعايشا معاً، فلم نصل أبداً إلى درجة الاستغناء عن القراءة الورقية.

فتش عن الكلفة



اعترفت الكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي، بانحسار الكتاب الورقي، مشيرة إلى أن لذلك أسباباً عدة منها بطء انتشاره وتوزيعه، وأيضاً كلفته المادية، حيث تبلغ كلفة طباعة نحو ألف نسخة أكثر من 10 آلاف درهم، بحسب حجم الكتاب وعدد الصفحات، في الوقت الذي لا يكلف فيه الكتاب الإلكتروني إلا بضعة مئات من الدراهم، فضلاً عن هذا فإن تناقله وتوزيعه مرن وسريع.

لكن المشكلة التي يعانيها الكتاب الإلكتروني، برأي المزروعي، تتمثل في ضياع الحقوق المادية، فالنسخة الإلكترونية الواحدة التي ترسل عبر الإيميل أو عبر الهواتف الذكية يمكن أن ترسل للمئات بضغطة زر واحدة، وهذه المشكلة ماثلة ونلاحظها بشكل واضح في هذا العصر.

وأكدت أنّ الكتاب الورقي ليس في أفضل حالاته، فقد تأثر بشكل واضح نتيجة عمليات القرصنة وعمل نسخ إلكترونية وتوزيعها على شبكة الإنترنت، حيث يكفي أن تكتب في «غوغل»، تحميل كتاب وتضع عنوان الكتاب، فتجد منه نسخة إلكترونية جاهزة للتحميل، وتبدأ مباشرة بالقراءة، أو يمكن القيام بطباعة الكتاب للقراءة الورقية،.

ولفتت إلى أن التحديات التي يواجهها الكتب الورقي ليست قليلة أو متواضعة بل هي تحديات حقيقية وواضحة، وفي ميزان المادة والمال تكون الغلبة دوماً للكتاب الإلكتروني، فحتى شراء النسخ الإلكترونية بشكل قانوني عبر المتاجر المتخصصة في شبكة الإنترنت متدنية وسعرها أقل بكثير من الكتب الورقية.

وتابعت: «شخصياً أعتقد أن حتمية انحصار الكتب الورقية ماثلة ونشاهد اليوم واقعاً مثل هذا الانحسار، فهي تواجه تحديات كبيرة وجسيمة ستؤثر على مجمل صناعة النشر والكتاب، ونستطيع القول إن الكتاب الورقي يعاني ويخسر في سباق التقنية أمام الكتاب الإلكتروني».

رونق وجاذبية



اعترف الكاتب الإماراتي محمد بن جرش، بأنه رغم التقدم التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم إلا أنه يبقى للكتاب الورقي رونقه وجاذبيته، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى البحث عن كيفية الابتكار والإبداع في الصناعات الثقافية ومنها صناعة الكتاب.

ويرى بن جرش أن القراءة تعمل على تنمية الخيال والإبداع، وتمنح القارئ الهدوء والسلام الداخلي، وتنظم طريقة تفكير العقل وتزيد الفرد ثقة بنفسه، فالقراءة حياة والحياة في القراءة، وكلما منحنا القراءة قيمة في مجتمعنا وجدنا زيادة وشغفاً في حب القراءة ونرى أن قيمة القراءة هي الأهم بغض النظر عن القراءة الورقية أم الإلكترونية، فالمهم أن يحافظ الفرد على القراءة حتى تصبح أسلوب حياة وباستخدام كل الوسائل المتاحة.

تواصل ثقافي



تعجبت الناشرة منى الجابري، من محاولة البعض إدخال الكتاب الورقي مرحلة الاندثار، مؤكدة أن هذا ليس جيداً وليس في صالح الثقافة؛ منوهة بأهمية الكتاب الورقي الذي يعتبر وسيلة التواصل الثقافي بين القارئ والمعلومة.

وتساءلت كيف يكون هناك تواصل بين الفرد والكتاب عن طريق الإنترنت؟ فالمعلومة تدخل إلى العقل صحيحة عن طريق الكتاب الورقي، مؤكدة أنها لا تزال تقول إن البقاء والاستمرار للكتاب الورقي، وأن معارض الكتب المنتشرة تحمي الكتاب الورقي.

وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من الإقبال الضعيف في بعض المهرجانات العربية في وقت كورونا، إلا أنها تتوقع إقبالاً كبيراً من محبي الثقافة على المعارض المقبلة، خصوصاً معرض الشارقة الدولي للكتاب.

سحر خاص



أكد الناشر مشاري الجوهر، أنه وعلى الرغم من أن سعر الكتاب الإلكتروني منخفض، فإن الإقبال عليه عربياً ما زال ضعيفاً جداً؛ مؤكداً أن الشباب والمثقفين يفضلون الورقي عن الإلكتروني لما له سحر خاص، مشيراً إلى أنّ الكتاب الورقي بمثابة الصديق الوفي للقارئ، الذي لن يتخلى عنه على الإطلاق.

وأوضح أنّ الكتب الإلكترونية تأتي في المرتبة الثانية، حيث إنها غير مضمونة نتيجة إمكانية التلاعب في نصوصها، منوهاً بأنه على الرغم من دور الحلول والبدائل الإلكترونية في دعم صناعة النشر، إلا أن المستقبل سيجمع بين الاثنين من دون إقصاء أحدهما للآخر.