السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

رائدة الأعمال هاجر العيسى: أسستُ مركز تدريب ناجحاً بلا موظفين دائمين

رائدة الأعمال هاجر العيسى: أسستُ مركز تدريب ناجحاً بلا موظفين دائمين
تمكّنت هاجر حسين العيسى، المؤسِّسة والمديرة التنفيذية لمركز «منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب»، من تحقيق النجاح بمشروعها الذي دخلت به عالم ريادة الأعمال في الإمارات، على الرغم من أن المركز يخلو من الموظفين الدائمين.

وأكدت سيدة الأعمال الإماراتية لـ«الرؤية» أن فكرة تأسيس المشروع بدأت تراودها منذ الطفولة، حين كانت تساعد شقيقها الأصغر في حل واجباته المدرسية، ومد يد العون لزميلاتها عند وجود صعوبة في فهم نقطة معينة من الدروس، حيث أجمع أهلها وصديقاتها على تميز أسلوبها بالبساطة في الشرح وسرعة إيصال المعلومة بسهولة وسلاسة.

وتابعت أنها كانت تخطط لإنشاء مدرسة خاصة تتولى إدارتها، وفي نفس الوقت، تعمل جزئياً بمهام المعلمة، لكن مع وصولها للمرحلة الجامعية أدركت أن اتجاهات السوق قد تغيرت، وتزايدت الحاجة إلى قطاع الاستشارات والتدريب الإداري، ناهيك عن أن افتتاح مدرسة يتطلب مواجهة الكثير من التحديات والمسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقها.

بعد التخرج والوظيفة الحكومية

بعد أن تخرجت هاجر العيسى في الجامعة، وجدت وظيفة حكومية في الاستشارات، ومارست شغفها عملياً، ما أكسبها خبرات ومهارات شتى، ووجدت أنه مجال ممتع ويزيد من المعرفة، ويوسع من نطاق العلاقات، ما أهّلها لتعمل مقيّمة في جوائز التميز والتدقيق في أنظمة الجودة، وإعطاء بعض البرامج التدريبية في نطاق التميز والدعم المؤسسي.

وبيّنت أن المهارات والخبرات التي تراكمت لديها من الممارسة العملية، أعادت إلى ذهنها فكرة العمل على مشروعها الخاص، لا سيما مع الدعم الذي وجدته من أسرتها وزملائها، الذين لم يعارضوا فكرتها، مع أن بعضهم فضّل عدم الخوض في المغامرة ومواجهة المخاطر، طالما أن الوظيفة الحكومية تضمن الاستقرار المالي في الوقت الراهن وما بعد مرحلة التقاعد.

وقالت رائدة الأعمال الإماراتية: مع ذلك، تركت الوظيفة الحكومية، وتفرغت لتأسيس مركزي الخاص، مدفوعة بروح ريادة الأعمال والإصرار في الداخلي، وقصدت المؤسسات الوطنية التي تدعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وقدمت دراسة جدوى تفصيلية للمشروع الذي يتضمن الاستشارات الإدارية والتدريب في عدد من المؤسسات.

رأس مال 30 ألف درهم

وذكرت أن مشروعها «مركز منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب»، لاقى دعماً من غرفة تجارة وصناعة الشارقة ومؤسسة الشارقة لدعم المشاريع الريادية «رواد»، واستفادت من الامتيازات والتسهيلات الحكومية التي وفرتها مؤسسة «رواد»، متضمنة الإعفاء من بعض المصاريف، وتخفيض رسوم التراخيص، والتسجيل بسجل الموردين للمؤسسات الحكومية على مستوى الدولة، للمشاركة في المشتريات الحكومية.



وأوضحت أنها بدأت مشروعها برأس مال لم يتجاوز 30 ألف درهم فقط، كانت قد ادخرتها من راتبها الشهري أثناء العمل، رغبة منها بالاعتماد على ذاتها، وتجنباً للقروض المصرفية أو الاستدانة من المعارف.

صعوبات وفرص

وعن أبرز التحديات التي واجهتها خلال مسيرة ريادة الأعمال، أكدت العيسى أن فترة التأسيس تطلبت تجهيز المركز بالتقنيات اللازمة، وإعداد قاعات المحاضرات التي كلفتها وقتاً وجهداً ونفقات، إذ كانت آنذاك مرخصة من وزارة التربية والتعليم لمزاولة مهنة التدريب الإداري، وهو أمر يحتاج وجود قاعات تدريبية بمواصفات معينة، من حيث المساحة الإجمالية والتجهيزات.

وتطرقت في حديثها إلى المصاعب التي فرضتها جائحة كورونا قبل فترة التعافي، حين قلص كثير من المؤسسات الخاصة موازنات التدريب، وخفضت عدد الأيام المخصصة له، على الرغم من دوره الجوهري في رفع كفاءة الموظف وإكسابه المهارات اللازمة في عمله، لافتة إلى أن التركيز آنذاك أصبح على ورش العمل المنعقدة عن بعد، والتي لا تتجاوز مدتها ساعتين أو ثلاث تحت مسمى برامج تدريبية.

وأكدت أن تلك المصاعب لم تثنها عن التوقف، بل فكرت في كيفية الاستفادة منها، إذ درست احتياجات السوق في تلك الفترة، وتعاونت في تأسيس شركة «إف إتش» لخدمات إدارة المنشآت في دبي، وبدأت بتوسيع المشروع في 2022، عبر افتتاح فرع له في إمارة الشارقة، معربة عن أملها في الحصول على الدعم المعنوي من مؤسسة «رواد» للاستفادة من التسهيلات الحكومية.

مواكبة العلوم المستجدة

وعن الدورات والورش التي يقدمها مركز «منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب»، لفتت إلى أن المجالات تشمل الاستشارات والبرامج التدريبية في الذكاء الاصطناعي واستشراف المستقبل والإبداع والابتكار وريادة الأعمال والموارد البشرية والتسويق والاتصال المؤسسي والجودة والتميز وإدارة المعرفة والمسؤولية المجتمعية، إلى جانب العلوم التي تستجد وتواكب تطلعات الدولة.

وزادت بالقول: سنوياً يتم تحليل احتياجات السوق والتركيز على التوجهات الحكومية وتطوير الخدمات، وبناء على ذلك أضيفت مجالات جديدة خلال السنوات الماضية، كتوفير استشارات وتدريب مكثف وشامل وفق نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات، وبرنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة، والسعادة والطاقة الإيجابية والتسامح.

وأشارت إلى أن المركز يخلو من الموظفين الدائمين، بل تعتمد على العقود المؤقتة ونظام العمل الجزئي، لأن طبيعة المهمات في هذا المجال لا تحتاج إلى طواقم كبيرة، تجنباً للأعباء المادية، مؤكدة إعطاء الأولوية دائماً للمواطنين، كما تستقطب الشباب من الكفاءات الوطنية التي تود التطوع أو الحصول على فرصة تدريبية لاكتساب الخبرة والمعرفة.

سمعة طيبة

وأوضحت أن السمعة الطيبة التي نالها «مركز منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب» جعلت المشروع يصمد في وجه التحديات، حتى بعد أن دخل على الخط بعض الذين فقدوا وظائفهم أثناء جائحة كورونا، وبدؤوا التسويق لأنفسهم على أنهم مستشارين ومدربين معتمدين، وباتت جهات خاصة تقصدهم لتقديم خدمات التدريب والاستشارة بأجور زهيدة، مشددة على ضرورة أن تدرس الجهات المختصة في الدولة هذا الموضوع بجدية أكثر، لأنهم يعرقلون عمل المراكز التدريبية المرخصة التي تستثمر جهدها وأموالها لنيل الاعتمادات من مؤسسات تدريبية واستشارية عالمية، والحصول على التراخيص الحكومية، ويتكبدون دفع إيجارات عالية.

وحول آلية انتشار مشروعها بين الجمهور والمؤسسات، أشارت إلى أنها اعتمدت على استغلال الفرصة التي منحتها إياها الإمارات عبر المشاركة في المعارض والمؤتمرات، وتقديم بعض الورش القصيرة المجانية لمؤسسات تتعامل معها للمرة الأولى لاكتساب الثقة، مضيفة أنها تدرس العروض التدريبية والاستشارية، وفي حال شكّت في القدرة على تقديم خدماتها بالوجه الأكمل، بسبب كثرة الدورات، فإنها تمتنع عن التقدم للمشروع نهائياً، حتى لو كان مربحاً مالياً، لأن هدفها الحفاظ على سمعة المشروع والمصداقية.

مقومات النجاح المستدام

وبيّنت رائدة الأعمال هاجر العيسى أن مقومات نجاح المشاريع لتستمر من وجهة نظرها، تتمحور حول دراسة السوق المحلية والعالمية باستمرار، ومواكبة التوجهات الحكومية، وتقديم عروض أسعار تنافسية مقابل الخدمة المتميزة المتناسبة وطبيعة العمل المؤسسي.

وركزت في حديثها على ضرورة دراسة احتياجات المؤسسات والمتدربين قبل التقدم للمناقصات، والوقوف على جميع التفاصيل أثناء تقديم الخدمة، والمتابعة المستمرة بعد انتهاء الدورة لضمان النتائج التي تم التخطيط لها والوصول إلى المخرجات المطلوبة، وفي حال حدوث أي انحراف عن الخطة الموضوعة، يجب أن تكون هناك بدائل تضمن الجاهزية والاستباقية، ومعالجة الخطأ بأقل الخسائر، سواء كانت مادية أو متعلقة بوقت تنفيذ البرنامج التدريبي أو المشروع الاستشاري.

وقالت إن الدراسة الأكاديمية جزء لا يتجزأ من استدامة المشروع التجاري أو المهني، خصوصاً في التخصصات التي تتطلب المؤهل العلمي، كما هو الحال في مشروعها، مع أهمية وجود خبرات وممارسة عملية في مجال الاختصاص.

عوامل مساعدة للمرأة الإماراتية

وبسؤالها عن المشاريع النسائية في الدولة، أكدت العيسى أن المرأة الإماراتية أخذت نصيباً وافراً من الاهتمام، حيث تميزت المشاريع النسائية في قطاعات صعبة، منها عالم البرمجيات والروبوتات، ومواكبة توجهات الدولة نحو التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، ضاربة أمثلة لمشاريع نسائية في استخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد لتوفير تصاميم معمارية وهندسية، والاستفادة من الطاقة الشمسية والدخول في مجال صناعة الأجهزة الطبية والأطراف الاصطناعية.

وأردفت: وفّرت الإمارات للمرأة عوامل مساعدة متمثلة في وجود مجالس سيدات الأعمال على مستوى الدولة، التي تعمل على دعم المشاريع الريادية وتطويرها، وقد استفادت منها شخصياً من خلال عضويتها في مجالس عدة، توفر امتيازات وتسهيلات، وتمنح رائدات أعمال التسويق لمشاريعهن وإبرازهن على الدوام.

وقالت: بشكل عام المشاريع الريادية النسائية المتميزة تدعم الاقتصاد الوطني وتعمل على رفع الناتج القومي المحلي، ومن دون شك لا يزال الرجال يهيمنون على ساحة الإبداع والابتكار في مجال ريادة الأعمال في جميع أنحاء العالم، ما يستدعي من النساء بذل جهد مضاعف للظهور على تلك الساحة.

قليل من المغامرة

وفي ختام حديثها، وجهت هاجر العيسى نصيحة للشباب الراغبين في خوض ريادة الأعمال، أن يتعلموا ويكتسبوا خبرة، واختيار المسار الذي يحبون، مع قليل من المغامرة الحريصة، لافتة إلى أن الثقة بالنفس مهمة جداً، ويجب وضع رؤية صائبة وهدف واضح ومواجهة المخاوف والتحديات، مع بذل الكثير من الجهد والمثابرة.