الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

صور | «ثدييات مُدربة» تساهم في التخابر وتأمين الموانئ

تدريبها للمهام العسكرية يتطلب 28 مليون دولار سنوياً

واشنطن ترهن التنازل عن الأسلحة غير التقليدية بـ«بديل تكنولوجي»


إسرائيل تنضم لمجموعة الأسلحة البحرية العالمية في الاعتماد عليها

تجاوز اعتماد جيوش العالم على أسلحة غير تقليدية حدود المعقول؛ وبات الاستخفاف أو السخرية من تجنيد الحيوانات في مهام عسكرية، مغايراً لواقع غير معلن لدى أسلحة بحرية الولايات المتحدة، وروسيا، وكوريا الشمالية، وكذلك إسرائيل. وغير مرة، أكدت الوقائع ظهور أسلحة بحرية من هذا النوع على شواطئ بعينها، أو في عمق البحار والمحيطات؛ ولعل حديث «حماس» 2015 عن هجوم دولفين إسرائيلي على عناصر الغوص الحمساوية قبالة ساحل قطاع غزة، يلقي ضوءاً مباشراً على الظاهرة.

ورغم أن هذه الواقعة لم تكن الأولى من نوعها، لكنها أثارت سخرية المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لم تنقطع حتى بعد نشر الحركة ذاتها مقطع فيديو، أكدت فيه مقتل أحد غواصيها «بعد هجوم دولفين إسرائيلي في قاع البحر المتوسط».



تضاؤل الاستخفاف

ربما تضائلت حالة الاستخفاف والسخرية بعد متابعة تفاصيل هجوم الدولفين، والأجهزة الإليكترونية، وكذلك الأسلحة المثبتة في مقدمة رأسه؛ وهى في مجملها، حسب موقع «نتسيف» العبري، كمامة حول فم وأنف الدولفين، تشبه إلى حد كبير نظيرتها المثبتة في مقدمة رؤوس حيوانات ثديية مناظرة، لدى أسلحة بحرية للولايات المتحدة، وروسيا، وكوريا الشمالية.

لكن شمس السخرية والاستخفاف غرُبت تماماً، بعد ادعاء حماس مؤخراً «توقيف دولفين إسرائيلي جديد» على شواطئ غزة، واستعراض عناصرها في مقطع فيديو جديد أوصاف «الدولفين المعادي»؛ وتبيَّن أنه مزوَّد بكاميرا، وجهاز لإطلاق أسهم صغيرة حادة على سواحل قطاع غزة.

وحسب التقرير العبري، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية تقاريراً، تناقلتها وسائل إعلام ومواقع إليكترونية، تؤكد بـ«منظور المؤامرة» اعتماد إسرائيل على حيوانات مدرَّبة في مجابهة أهداف معادية، ومنها: العصافير، والصقور، والنسور؛ بالإضافة إلى حيوانات ثديية، مثل: الخنازير، والضباع، والجرزان؛ وأخرى زاحفة، مثل: السحالي والحرباء في «الهجوم على عناصر معادية، أو تنفيذ عمليات تخابر».



توثيق الوقائع


وبينما اعتقد آخرون أن اتهامات حماس لإسرائيل ليست منطقية، ربما يتناغم مع امتلاك الدولة العبرية تكنولوجيا عسكرية هى الأكثر تطوراً. لكن المؤسسات العسكرية المتخصصة، وثَّقت وقائع سواحل قطاع غزة، وقالت، حسب موقع « HI SUTTON»: «الاعتماد على الثدييات البحرية الذكية بالغ الانتشار في مختلف الأسلحة البحرية على مستوى العالم، وينطوي على أهمية كبيرة وحاسمة». ورغم أن حجم أنشطة هذا النوع من الأسلحة ومستوى كفائتها غير معلن؛ إلا أن المعلومات المتاحة، يمكنها إلقاء الضوء بقوة على الظاهرة. وفي هذا الخصوص، يؤكد تقرير الموقع الأمريكي اعتماد أربع دول على هذه الأسلحة، وهى الولايات المتحدة، وروسيا، وكوريا الشمالية، وأخيراً إسرائيل، إذ تضع تلك الدول خططاً وبرامجاً عسكرية سريَّة، تعتمد في المقام الأول والأخير على الثدييات البحرية.

أما الثدييات الأكثر أهمية، التي تعتمد عليها الأسلحة البحرية لدى الدول الأربعة، فهى الدلافين؛ أو بالأحرى الدلافين البيضاء، التي تبلغ أطوالها 5 أمتار تقريباً، ويصل وزنها إلى 5 أطنان. بالإضافة إلى نوع آخر من الثدييات وهو أسود البحر. وتقوم الثدييات من هذا النوع بمهام بحرية، ومنها: إحباط عمليات التخريب، وتحييد الألغام؛ بالإضافة إلى مهام استخباراتية، وانتزاع أجسام غير مرغوب فيها من قاع البحار والمحيطات؛ فضلاً عن عمليات هجومية أخرى.



مواقع الدلافين

وحسب التقرير الأمريكي، انضم سلاح البحرية الإسرائيلي مؤخراً إلى مجموعة الأسلحة البحرية العالمية، التي تعتمد على الثدييات المدربَّة في عمليات عسكرية؛ ورغم أنه ينبغي التعاطي بحذر مع ادعاءات حماس حول هذه القضية، وفقاً لإيعازات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية؛ إلا أنه لا ينبغي في الوقت ذاته تجاهل وجود خطط وبرامج في سلاح البحرية الإسرائيلي، تعتمد في تنفيذها على الدلافين. وفيما يبدو، تقيم الدلافين الإسرائيلية في عدد من المواقع العسكرية على امتداد سواحل إسرائيل، ويجري استغلالها وقت الحاجة ضد أهداف معادية، وفي تأمين الموانئ البحرية. خلال السنوات القليلة الماضية، ومع ظهور الريبوتات والآليات الجوية المسيَّرة، ودمجها بمنظومات الذكاء الاصطناعي والحواسيب، اكتسبت جيوش العالم قيمة مضافة؛ ما حدا بالجيش الأمريكي إلى التباعد نسبياً عن استغلال الدلافين في مهام عسكرية بحرية، وحصر مهامها في تحديد مواقع الألغام وتحييدها. ويعود القرار الأمريكي إلى عدة أسباب اقتصادية، يأتي في طليعتها ارتفاع تكاليف تدريب الثدييات، وتجاوزها حاجز 28 مليون دولار سنوياً.



ولا يعني ذلك بطبيعة الحال تنازل سلاح البحرية الأمريكي عن الدلافين وأسود البحر المدرَّبة؛ وإنما يمكن تخفيف الاعتماد عليها تدريجياً خلال السنوات القليلة المقبلة، خاصة أن التكنولوجيا البديلة لم تتمكن بشكل كامل حتى الآن من مضاهاة أداء وحرفية الدلافيين والثدييات المدرَّبة في أداء المهام. ويأتي ذلك في وقت تدعو منظمات حقوق الحيوانات إلى تسريع وتيرة توفير بدائل الثدييات الأمريكية المستخدمة في مهام عسكرية، لاسيما أن احتجازها في مواقع عسكرية لأداء مهام وقت الحاجة، يتعارض مع القوانين.