الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

الهند وباكستان.. أين موقعهما في صراع المعسكرين الشرقي والغربي؟

الهند وباكستان.. أين موقعهما في صراع المعسكرين الشرقي والغربي؟

روسيا ترى في مواقف الهند المخالفة للسياسات الأمريكية مكسباً مهماً لدبلوماسيتها. (أ ف ب)

في وقت تحاول معظم دول العالم الوقوف على حافة الحياد خوفاً من الانزلاق في الصراع الدائر بين المعسكرين الشرقي والغربي، تجد الهند وباكستان نفسيهما على خط الصراع بحكم كونهما قوى نووية، ورغم اتباع الدولتين نهجاً أكثر براغماتية حتى الوقت الراهن، إلا أن هذا الوضع غير مضمون في ظل إعادة الاصطفاف العالمي الذي يرفض حياد الجميع. خبراء أكدوا لـ«الرؤية» أن الهند وباكستان خالفتا كل التوقعات واشتركتا في الوقوف إلى جانب روسيا، وأن الأخيرة ترى في مواقف الهند المخالفة للسياسات الأمريكية مكسباً مهماً لدبلوماسيتها، وأكدوا أن التقارب بين الهند وباكستان من جهة إلى جانب روسيا والصين من الجهة الأخرى يمثل ردعاً نووياً لإيران.

موقف غير محايد

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الميريلاند بواشنطن سابقاً، دكتور نبيل ميخائيل، يؤكد أن باكستان والهند لا تتبع الحياد فيما يخص الصراعات الدولية، حتى أيام الحرب الباردة، وعلى الرغم من التزام كلتا الدولتين الحياد الإيجابي وعدم الانحياز إلى حد اعتبار الهند دولة مؤسسة لحركة عدم الانحياز، تناقضت مواقف كل من الدولتين حول كيفية تأييد الصراع بين روسيا الشيوعية، وأمريكا الرأسمالية، وانحازت الهند حينها إلى الاتحاد السوفيتي، بينما أقامت باكستان تدريجياً علاقات مع الصين، تلك الأخيرة التي أصبحت خلال مرحلة ما من الحرب الباردة «العدو اللدود» للاتحاد السوفيتي، لذا فإنه تاريخياً لا يمكن وصف موقف أي من الهند أو باكستان بالحياد. وتابع: أما في حالة الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا، وبطريقة استثنائية تاريخياً خالفت الدولتان كل التوقعات واصطفتا إلى جانب روسيا، بدليل توجه رئيس الوزراء السابق لباكستان، عمران خان، إلى زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فور بدء الحرب، لافتاً إلى أن سياسة باكستان لن تتغير بعد عزل عمران خان، كون عزله يرجع لعوامل داخلية، فضلاً عن وجود مواقف واضحة من قبل الهند لا تؤيد السياسات الأمريكية في فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، لذا فإن روسيا ترى في مخالفة الهند للسياسات الأمريكية مكسباً مهماً لدبلوماسيتها بحسب «ميخائيل»، معتقداً أن هذا التأييد سوف يستمر لفترة طويلة، لا سيما أنه يحقق أهدافهم المتعلقة بالسياسة الخارجية، وخاصة بالنسبة لباكستان كونها دولة فقيرة تعاني عدم استقرار في الحكم، لذا فإن توافقها في الموقف الدبلوماسي مع الهند - عدوها الأول- إلى جانب الصين يسهم في تهدئة الأوضاع في باكستان على صعيد السياسة الخارجية، لافتاً إلى أن هذا التقارب قد يستمر لفترة طويلة، وقد يؤدي إلى تعاون محدود بين البلدين.ويعتبر أن التقارب بين الهند وباكستان مع روسيا والصين يمثل مشكلة لطهران، في وقت تزداد المخاوف من إمكانية أن تصبح إيران قوة نووية، لذا فإن تقارب الهند وباكستان مع بعضهما البعض باعتبارهما قوى نووية من جانب، ومع روسيا والصين وهما أيضاً قوتان نوويتان يضمن نوعاً من الحصانة والردع النووي لإيران التي لا تزال التزاماتها الخاصة بتطوير قدرات نووية أو امتلاك سلاح نووي مجهولة، لذا فإن التقارب بين الهند وباكستان حول روسيا مرشح لأن يستمر لفترة طويلة، وهناك آراء متعددة ترى أن وجود علاقة طيبة بين الهند وباكستان ربما يؤدي إلى دور أكبر لباكستان داخل أفغانستان، الأمر الذي سوف يظهر خلال الأشهر المقبلة.

الحرب الباردة

في السياق ذاته، يوضح الخبير في الشأن الروسي، دكتور نبيل رشوان أنه لا يوجد معسكر غربي وشرقي خلال الصراع الحالي مثلما كان الحال خلال الحرب الباردة، منوهاً بوجود حرب باردة بالفعل، لكنها لا تسير وفق أسس أيدلوجية مثلما كان في السابق، لافتاً إلى أن الهند تتمتع بعلاقات صداقة مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، إلا أنه رغم ذلك لم تستطع الولايات المتحدة التأثير عليها فيما يخص صفقات السلاح الخاصة بها مع روسيا، سواء الطائرات أو صواريخ S400 وغيرها، غير أن هذا لم يمنع التعاون الكبير الذي يربط الدولتين والذي يرجع بالأساس إلى اشتراكهما في عداء الصين.ويوضح أن القيادات في كل من الهند وباكستان براغماتية، لا تسعى للصدام سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا في الوقت الحالي، موضحاً أن العملية السياسية أصبحت معقدة جداً داخل تلك البقعة من العالم، لكن في كل الأحوال لن تنحاز الهند بدرجة كبيرة إلى روسيا في حربها الحالية على أوكرانيا حتى لا تخسر الولايات المتحدة الأمريكية.

اقرأ أيضاً..مناظرة الأمتار الأخيرة... تبادل «الاتهامات الثقيلة» بين ماكرون ولوبان

أسواق بديلة

ويرى أن تحدث الأوربيين عن الاستغناء عن الغاز الروسي دفع موسكو للبحث عن أسواق بديلة، ووجدت في باكستان أحد تلك الأسواق، لافتاً إلى أن هذا الأمر يعد أحد الأسباب وراء إقالة عمران خان من رئاسة الحكومة، لا سيما أنه كان يميل إلى الاتفاق مع روسيا، وبالنسبة للهند فإنها تسعى لاستغلال انخفاض النفط الروسي باستيراد كميات ضخمة، لكن الأهم أن الصين تستورد كميات كبيرة من الغاز المسال من الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، وهنا يبرز تساؤل حول إمكانية تبادل الأدوار بين روسيا وقطر، بحيث تسيطر قطر على السوق الأوروبي مقابل أن تترك سوق جنوب شرق آسيا إلي روسيا، غير أن كل تلك الأمور تظل معلقة، لا سيما أن أوروبا ما زالت تعتمد على الغاز الروسي حتى الوقت الراهن، لكنه قد يتغير خلال العامين المقبلين.

تحول النظام العالمي

المراسل الحر لدى إذاعة عموم الهند بنيودلهي، دكتور محمد نعيم، يشير إلى تحول النظام العالمي إلى نقلة جماعية، إذ تكاد هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الأخرى تفقد سيادتها على العالم، بالمقابل تبرز روسيا كدولة أكثر قوة لا تأخذ في الاعتبار أياً من العقوبات المفروضة عليها، في ظل دعم صيني غير مؤكد. وفيما يخص الهند وباكستان، يرى أن التطورات الأخيرة الخاصة بعدم وقوف الهند ضد روسيا داخل الأمم المتحدة، يؤكد أنها تقف إلى جانب روسيا والمعسكر الشرقي، وليس أدل على ذلك من الرد القوي لوزير الخارجية الهندي على نظيره الأمريكي حينما أثار قضية انتهاك حقوق الإنسان والأقليات في الهند، بأن أعرب عن أسفه البالغ عن انتهاك حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية، بما يبرهن على أن ثقة الجانب الهندي في الجانب الروسي تفوق ثقته في الجانب الأمريكي، غير أن الأمر داخل باكستان يختلف خلال الوقت الراهن، لا سيما بعد عزل رئيس وزراء باكستان، عمران خان الذي حاول التحول نحو روسيا ليجد نفسه خارج السلطة بعد تصويت البرلمان على سحب الثقة، وبالتالي تبقى إسلام أباد مع المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تفرض العقوبات الاقتصادية على من تشاء ومتى تشاء بعذر أو بدون عذر. وفق «نعيم».