الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

بريطانيا تسدد فاتورة «بريكست»: خسارة بالمليارات.. و«حصار كاليه» على الأبواب

بريطانيا تسدد فاتورة «بريكست»: خسارة بالمليارات.. و«حصار كاليه» على الأبواب

أحد معارضي بريكست يحتج أمام مقر «داونينج ستريت». (رويترز)

ما زالت بريطانيا تسدد فاتورة الخروج من الاتحاد البريطاني «بريكست»، فبينما أظهرت بيانات اقتصادية خسارة تجارة السلع البريطانية 12.6 مليار جنيه استرليني، (ما يعادل 16.7 مليار دولار أمريكي)، في شهر أكتوبر الماضي، كشف استطلاع للرأي أن المستوردين في المملكة المتحدة ليسوا مستعدين لإجراء فحوصات جمركية كاملة، ما يهدد بتفاقم الازدحام في الموانئ واضطراب سلاسل التوريد. ويتزامن هذا وذاك مع اعتزام الصيادين الفرنسيين الغاضبين من تضييق بريطانيا عليهم، حصار مدينة كاليه الفرنسية تجارياً، في 23 ديسمبر الجاري، للحيلولة دون وصول البضائع البريطانية إليها.

جاءت البيانات الاقتصادية، التي نشرت الاثنين، مع تراجع صادرات وواردات بريطانيا، مقارنة بالدول المناظرة، وذلك نتيجة القرار الذي انقسم حوله البريطانيون ما بين مؤيد ومعارض إلى أن حسموه في استفتاء عام 2016 بهامش ضيق، حيث صوت 51.89 % لصالح المغادرة، مقابل تصويت 48.11 % لصالح البقاء، لتخرج بريطانيا رسمياً في يناير الماضي.

وقال مركز الإصلاح الأوروبي إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أدى إلى خفض حجم تجارة بريطانيا من السلع بنسبة 15.7 % خلال أكتوبر الماضي. ورغم توقيع اتفاقية تجارة حرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لتحل محل عضويتها في التكتل، إلا أن الاتفاقية تضمنت إخضاع السلع البريطانية للتفتيش ولإجراءات إدارية مختلفة، قبل دخولها إلى سوق الاتحاد الأوروبي، وهو ما أدى إلى تضرر الصادرات والواردات البريطانية، على مدار الأشهر الماضية، بما انعكس على غياب وندرة العديد من السلع التي كانت تدخل السوق البريطاني من جيرانها الأوربيين.

ودخلت بريطانيا في أزمات متتالية ومترتبة على بعضها البعض خلال الأشهر الماضية، نتيجة شح البضائع، ونقص سلاسل التوريد، ورحيل سائقي الشاحنات، وأزمة الوقود.

وتزامنت البيانات الاقتصادية لمركز الإصلاح الأوروبي مع تقرير لصحيفة «جارديان» البريطانية، نقلت فيه عن نتائج استطلاع للرأي أن «ثلث المستوردين في المملكة المتحدة ليسوا مستعدين لإجراء فحوصات جمركية كاملة»، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، لتضاف النتيجة إلى سلسلة الأزمات التي تواجهها حركة التجارة البريطانية من وإلى دول أوروبا.

وقالت الصحيفة إن نحو ثلث الشركات البريطانية التي تستورد البضائع من الاتحاد الأوروبي غير مستعدة على الإطلاق لإجراء فحوصات جمركية كاملة بعد بريكست. وهو ما يثير القلق من تفاقم الازدحام في الموانئ واضطراب سلاسل التوريد.

وأضاف تقرير «جارديان» أنه اعتباراً من 1 يناير 2022، لن يتمكن المستوردون من الاستفادة من فترة سماح مؤقتة، (مدتها 6 أشهر) تسمح لهم بتأخير إصدار الإقرارات الجمركية. وبحسب نتائج الاستطلاع، قال 37 % من أصحاب الشركات الصغيرة، وما يقرب من ربع الشركات الكبيرة، إنهم ليسوا جاهزين لهذا التغيير.

ونقلت «جارديان» عن الخبيرة الاقتصادية كيتي آشر قولها إنه «خلال 3 أسابيع فقط، سيتم إدخال تغييرات كبيرة على ترتيباتنا الجمركية»، موضحة أن عدداً كبيراً من الشركات المستوردة «إما غير مستعدة، أو ببساطة غير مدركة لها (التغيرات الجمركية)».

وشرحت أن هذا التغيير سيؤدي إلى تفاقم مشاكل سلاسل التوريد الحالية، وإلى مزيد من الازدحام في الموانئ، إضافة إلى التكاليف الإضافية الناتجة عن عدم امتثال الشركات. وتحدث التقرير عن «كثير من الالتباس» و«ارتفاع تكاليف الاستيراد»، لدرجة أن الكثيرين يحاولون إما تقليص حجم أعمالهم أو إلغائها.

في المقابل، نشرت «جارديان» تقريراً آخر تناول أزمة سفن الصيد بين بريطانيا وفرنسا، وهي أحد تداعيات الخروج من بريكست أيضاً وكادت تتسبب في توتر متزايد بين البلدين على مدار الأسابيع الماضية. وقالت الصحيفة إن كلاً من لندن وباريس وبروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) بدؤوا يتخلون عن الحديث عن «حرب تجارية»، «وبدا أنهم يحسمون نزاع تراخيص الصيد، الذي نشب في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»، نتيجة لتغير قواعد وإجراءات الحدود البحرية - كما البرية والجوية - بطبيعة الحال بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

لكن التقرير أشار إلى أن الصيادين الفرنسيين «الغاضبين» من التضييق البريطاني على دخولهم لمناطق المياه التي كانت تمثل لهم مصدر رزقهم لسنوات، هددوا بالمضي قدماً في «حظر دخول البضائع البريطانية إلى كاليه قبل عيد الميلاد»، وهو ما يكشف حجم تراكم الأزمات الاقتصادية على بعضها البعض، والتي تواجهها بريطانيا، فيما شبهها المحللون بأنها تتراكم نتاجاً لـ«تأثير الفراشة»، فيما تحدث آخرون عن «نظرية الدومينو».

وذكرت الصحيفة أنه بالرغم من أن حكومة المملكة المتحدة وحكومات جزر القنال (محط النزاع) وافقت على إصدار 83 رخصة تشغيل للصيادين الفرنسيين، إلا أن الحل لم يكن كافياً لمطالب باريس، التي هدد صيادوها بالمضي قدماً في الحصار التجاري على مدينة كاليه الفرنسية في 23 ديسمبر الجاري لتعطيل وصول البضائع البريطانية إليها.