الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

استخبارات أوكرانيا: «الدوما» يمنح بوتين شرعية الاجتياح

استخبارات أوكرانيا: «الدوما» يمنح بوتين شرعية الاجتياح

ساعة الصفر تتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثامنة لاحتلال جزيرة القرم

ضعف مقاومة جيش أوكرانيا يختصر عملية الغزو في 5 أيام قتال فقط

فيالق «ناس غافرديا» تتأهب لإدارة مدن أوكرانية بعد الاجتياح المرتقب


أزاح تقرير سرِّي أوكراني الستار عن توقيت جديد لساعة صفر الاجتياح الروسي المرتقب لأوكرانيا؛ واستند التقرير في صحة تقديراته إلى ترتيبات جرت الأسبوع الماضي في أروقة الدوما (البرلمان الروسي)، لمنح فلاديمير بوتين «شرعية غزو أوكرانيا أمام المجتمع الدولي». وأكد معدو التقرير دقة التوقيت المفترض للغزو، قياساً بتقديرات سابقة لوكالة الاستخبارات المركزية الـCIA، حددت ساعة صفر الاجتياح بتباشير نهار الأربعاء الماضي 16 نوفمبر.



وقال التقرير المنسوب للاستخبارات العسكرية الأوكرانية، إن «الاستخبارات الروسية الـKGB أعمق وأكثر تعقيداً من السقوط في فخ اعتراض رسائل قيادتها العسكرية، كما سبق وادعت الـCIA، لا سيما إذا كانت الرسائل تحمل توقيت ساعة صفر الغزو المرتقب». حتى إن دوائر التقرير لا تستبعد مناورة موسكو عبر السماح باعتراض رسائلها لإرباك تقديرات الولايات المتحدة ومعسكر الغرب بشكل عام.

ساعة الصفر

ويشير التقرير الذي انفردت بنشره صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى أنه إذا لم توافق الولايات المتحدة وحلف الـ«ناتو» على مطالب بوتين الرئيسية لحلحلة الأزمة، يبدأ اجتياح أوكرانيا روسياً في 22 فبراير الموافق الثلاثاء المقبل. لكن لماذا هذا التوقيت بالذات؟ تنسب الصحيفة العبرية الإجابة عن السؤال إلى مصدر وصفته بـ«المسؤول الاستخباراتي الأوكراني البارز»، الذي عزا ساعة الصفر الجديدة إلى تزامن يوم 22 فبراير مع الذكرى السنوية الثامنة لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا؛ وهي حقيقة تنطوي على رمزية مهمة، وتشهد كذلك على إصرار بوتين على تحويل شبه الجزيرة إلى جزء لا ينفصل عن جسد روسيا الأم؛ بالإضافة إلى تفادي توقيت ساعة الصفر التشويش على فعاليات دورة الألعاب الشتوية الأولمبية في بكين.

وينقل التقرير الأوكراني السرِّي تقديرات دوائر أمنية في كييف، تؤكد اعتزام الرئيس الروسي إصدار الأوامر لمدرعاته بالتحرُّك نحو العمق الأوكراني عبر عدة محاور، بما في ذلك عمليات إبرار في شواطئ وموانئ البحر الأسود الأوكرانية، لا سيما في ظل تطويق ما يربو على 140 ألف جندي روسي، وآلاف الدبابات، وأرتال مدفعية، وقاذفات حربية متطورة، وبطاريات دفاع جوي، وصواريخ أرض– أرض، ثلاث جبهات أوكرانية باستثناء منطقة الغرب، التي نجت من حصار بوتين.

7سفن برمائية

وفي مواقع بعينها مثل حدود الإقليم المتنازع عليه في دونباس، تتمركز الدبابات الروسية في وضعية التأهب على مسافة لا تزيد على 30 كيلو متراً فقط من حدود أوكرانيا. وفي البحر الأسود وبحر آزوف قبالة حدود أوكرانيا المائية، تتواجد حالياً 7 سفن برمائية تابعة للأسطول الروسي، وتحمل على متنها مقاتلين متمرسين في الحرب، لا سيما بعد الخبرة التي اكتسبوها وقادتهم خلال الخدمة في سوريا، ونجاحاتهم في قمع موجات التمرد على نظام بشار الأسد.

أما الحقيقة الأكثر إثارة للقلق، حسب تقرير الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، فتكمن في انضمام وحدات شرطية روسية خلال الآونة الأخيرة، وفيالق إدارة عسكرية تُعرف بـ«ناس غافرديا»، تتبع وزارة داخلية الكونفدرالية الروسية إلى القوات التي تطوِّق الحدود الأوكرانية؛ ما يؤشر إلى تأهب الروس لإدارة الشؤون المدنية في المناطق التي يعتزمون احتلالها.

ويعزز ذلك، معلومات موثقة تؤكد تلقي القوات الروسية المحيطة بحدود أوكرانيا كميات هائلة من الذخيرة وإمدادات لوجستية أخرى تكفي لخوض قتال لمدة تراوح ما بين 5 و6 أيام؛ وهو ما يدعم الاعتقاد بأن جنرالات روسيا لا يتوقعون مقاومة عنيفة من جانب الجيش الأوكراني؛ أو ربما يعود ذلك إلى محدودية حجم الخطة العملياتية الروسية، وعدم اشتمالها على اجتياح عمق الأراضي الأوكرانية غرب نهر دنيبر، وإنما قد تقتصر فقط على المناورة في منطقة الشرق الأوكراني، لزعزعة الاستقرار السياسي في كييف، وإحراز سيطرة كاملة على إقليم دونباس، والطرق البرية المؤدِّية إلى شبه جزيرة القرم.

بداية الغزو

ويتوقع جهاز الأمن الأوكراني سيناريو، يدعي اعتماه على معلومات دقيقة، وبموجبه تبدأ العملية العسكرية الروسية الوشيكة حين تعلن موسكو اعترافها الرسمي بمحافظتي دونيتسك ولوغانسك، الواقعتين في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، والتي يسيطر عليهما انفصاليون أوكرانيون موالون لروسيا، جمهوريتين مستقلتين. في هذه الحالة، تصبح دونيتسك ولوغانسك ملزمتان بالانصياع إلى موسكو، نظراً لكامل اعتمادهما الاقتصادي حينئذ على روسيا؛ فضلاً عن حاجتهما الماسة إلى تعزيز حماية الجيش الروسي ضد جيش أوكرانيا.

ويستشهد التقرير على رجاحة تقديراته بسوابق الماضي وعمليات أخرى قام بها بوتين في دول الكومنولث الروسي، ومنها على سبيل المثال ضمه بحكم الأمر الواقع محافظة أبخازيا إلى جورجيا، إذ داهم الجيش الروسي جورجيا عام 2008، بداعي الدفاع عن استقلالية الأبخازيين، الذين استحالوا حالياً إلى مواطنين روس.

خلال الأسبوع الماضي، وبعد التصويت عليه بالأغلبية، مرَّر مجلس النواب الروسي «الدوما» قانوناً، يعترف بدونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين، لكن القوات الروسية التي تطوق أوكرانيا لا يمكنها دخول دونباس للدفاع عن 700 ألف مواطن في الإقليم، الذي تحوَّل بين عشية وضحاها إلى جمهوريتين مستقلتين جديدتين، إلا بعد مصادقة الرئيس بوتين على القانون. على أية حال، وفقاً لمعدي التقرير الأوكراني، اكتملت الاستعدادات القانونية والدستورية للخطوة، التي تعطي الروس ذريعة أمام المجتمع الدولي لغزو أوكرانيا.

مهلة الحكومة

وفي المرحلة الثانية من السيناريو الأوكراني المتوقع، يفرض الانفصاليون والروس مهلة على حكومة أوكرانيا لإخلاء جيشها من الجانب الغربي في المحافظتين؛ وحينئذ ترفض الحكومة الأوكرانية بالطبع، حتى إنها ربما تبادر بالهجوم على الانفصالين الموالين لروسيا، ما يعطي بوتين مبرراً كاملاً لدخول دباباته إلى إقليم دونباس، وكذلك إلى مناطق أخرى يحرص على احتلالها، أو على الأقل زعزعة الاستقرار السياسي فيها، ليتسنى له على سبيل المثال شق ممر بري من روسيا إلى شبه جزيرة القرم على ساحل البحر الأسود، وانتزاع مدينة ميناء ماريوبول من أوكرانيا، بالإضافة إلى مداهمة أوكرانيا من جهة الشمال عبر أراضي بيلاروسيا من أجل تهديد كييف ونظام زلنسكي، وإجباره على تقديم استقالته، ليحل مكان الرئيس ونظامه نظام جديد موالٍ لروسيا بقيادة بترو بروشينكو.

تتعاطى واشنطن وعواصم أوروبية بجدية بالغة مع السيناريو الأوكراني، وتشير «يديعوت أحرونوت» هي الأخرى إلى ميل أجهزة استخبارات تل أبيب إلى رجاحة السيناريو ذاته؛ لذا حفَّزت حكومة نفتالي بينت الإسرائيليين المقيمين في أوكرانيا على مغادرتها فوراً. وفي حين رفض عدد كبير من الإسرائيليين التجاوب مع توجيهات وتحذيرات الحكومة، أعدت سفارة إسرائيل في كييف العديد من المسارات التي يمكن من خلالها مغادرة أوكرانيا اختيارياً عبر طرق برية إلى غرب البلاد ومن هناك إلى بولندا، ثم إلى رومانيا ودول أخرى.