السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

عسكرة الغاز | «نار تحت الرماد» وسط الرغبة في زيادة الإنتاج (2-3)

عسكرة الغاز | «نار تحت الرماد» وسط الرغبة في زيادة الإنتاج  (2-3)

التصعيد العسكري الروسي داخل أوكرانيا، أزاح الستار عن وجود سلاح دمار شامل بخلاف الأسلحة النووية. هذا السلاح رغم أنه قد يسبب خسائر تفوق نظيرتها في المواجهات العسكرية، فإنه لا يمكن للدول الاستغناء عنه. هذا السلاح يتمثل في الطاقة، وتحديداً في خطوط أنابيب الغاز التي تعبر الحدود بين الدول. التطورات التي شهدها خط أنابيب نورد ستريم 2، لا تمثل سوى قمة جبل الجليد الغاطس. فإذا كان الجميع يتحدثون عن أن العالم بعد الحرب الأوكرانية سيكون مختلفاً عما قبل الحرب، فإن استراتيجيات الدول في الحصول على الطاقة ستختلف أيضاً بعد هذا الحرب. من يضمن الاستحواذ على هذا السوق، أو السيطرة على خطوطه يضمن له موطئ قدم في أي قرار عالمي، بل وقد يصبح قطباً عالمياً ضمن الأقطاب الجديدة التي تتشكل على الخريطة الجيوسياسية. «الرؤية» تطرق أبواب هذا الملف الشائك على مدى 3 حلقات كاملة، في محاولة لفهم طبيعة هذا الصراع، واستشراف مستقبل «عسكرة الغاز».

منتدى شرق المتوسط

بقعة ساخنة على ساحل متعدد الأطراف

| يستهدف تمكين أعضائه من الاستغلال الأمثل لاحتياطات الغاز

| حلم تركيا بالتحول لمركز للطاقة رهن علاقتها مع دول شرق المتوسط

قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في 2010 متوسط احتياطات الغاز القابلة للاستخراج في البحر المتوسط بنحو 122 تريليون قدم مكعبة، وهو ما جعل المنطقة محط أنظار من مختلف الدول، وبالفعل سارعت نحو تفعيل مسار منتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة 2019 الذي تحول في العام الذي يليه إلى منظمة حكومية دولية تضم دول قبرص، اليونان، مصر، إسرائيل، إيطاليا، الأردن، وفلسطين، بالإضافة إلى دولة الإمارات كمراقب، غير أن التعقيدات التي مرت بها المنطقة كشفت عن تحديات كبيرة في قدرة المنتدى على استغلال الثروات المكتشفة، لا سيما مع عدم توافر بنية تحتية كافية، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية التي تخلقها تركيا لقطع الطريق نحو استكمال المشروع، وخاصة أنه تم استبعادها من المنتدى نتيجة سياسات وصفت بالاستفزازية. وبجانب استبعاد أنقرة تم غض الطرف عن ضم سوريا ولبنان أيضاً.

وبعيداً عن أعضاء المنتدى، فإن أهدافه تمثلت في 7 نقاط رئيسية: إنشاء سوق غاز إقليمي يفيد الأعضاء بالدرجة الأولى من خلال تأمين العرض والطلب وكلفة البنية التحتية والأسعار التنافسية، خلق حوار منهجي يضمن سياسة إقليمية متوازنة، تعزيز التفاهم على أسس القانون الدولي، دعم الدول المنتجة والدول التي لديها احتياطات من الغاز في المنطقة، الاستفادة من البنية التحتية الحالية وتطويرها لاستيعاب الاكتشافات الحالية والمستقبلية، مساعدة البلدان المستهلكة في تأمين احتياجاتها بالتعاون مع دول العبور على صياغة سياسات الغاز بما يضمن تمكين الشراكة المستدامة بين اللاعبيين الرئيسيين، بالإضافة إلى تعزيز تكامل الغاز مع موارد الطاقة الأخرى من مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء.

بين السطور

منذ اللبنة الأولى للمنتدى فهو يواجه تحديات جيوسياسية، نظراً لتعدد الأقطاب الطامحة في الاستفادة من ثرواته، حيث عمدت تركيا إلى عرقلة عمليات الاكتشافات داخل كل من قبرص واليونان، وادعت أن قبرص ليست مختصة بتمثيل الدولة بأكملها، ولا تستطيع إبرام صفقات دولية، وذهبت إلى أن قدرة الجزر على إنشاء مناطق بحرية يجب أن تكون محدودة مقارنة بكتل اليابس القاري، الدليل على ذلك رفض تركيا التوقيع على اتفاقية البحار الثالثة وتمسكها بوجهة نظرها بأن المناطق الاقتصادية الكاملة تختص بحدود الدول وحدها وليس الجزر (هناك عدة دول رفضت التوقيع على الاتفاقية بينها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل)، ما تستند إليه تركيا في إدعاءاتها الخاصة بأن بعض أجزاء الواقعة داخل المنطقة الاقتصادية القبرصية الخالصة تقع ضمن الجرف القاري لها.

المضايقات التركية لم تقف عند قبرص بل وصلت إلى اليونان، واعترضت تركيا على حق اليونان في استغلال موارد الطاقة في المياه البعيدة عن البر الرئيسي لها، وأستند أردوغان في إدعاءاته إلى معاهدة لوزان التي تقضي بحماية الأقلية التركية في اليونان، رغم أن الاتفاقية أعطت الحق ذاته للأقلية اليونانية في تركيا، بالمقابل تسعى اليونان إلى مضاعفة مياهها الإقليمية إلى 12 ميلاً، الأمر الذي تعتبره تركيا سبباً لاشتعال مواجهة عسكرية.

ترسيم الحدود

ما زاد الطين بلة، محاولات أنقرة فرض الأمر الواقع الخاص بها، حيث أبرمت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، ما عده البعض عائقاً أمام دول المنتدى التي يتعين عليها عبور المنطقة التركية - الليبية المزعومة، في تحدٍ لزيادة نفوذها البحري، كما أنه من المستبعد أن تقل حدة الخلافات بين تركيا وجيرانها، لا سيما مع إدعاءاتها المتكررة بالمسؤولية التاريخية تجاه المجتمع القبرصي، وامتلاك القبارصة اليونانيين والأتراك بشكل مشترك موارد الجزيرة. ومع سعي تركيا إلى أن تصبح مركزاً للطاقة تدرك أن حلمها مهدد نتيجة سوء علاقتها مع دول شرق المتوسط.

حلم السيطرة على الطاقة

لا يخفى على أحد أن حلم زعامة الطاقة في المنطقة، يراود الكثيرين، حيث تتقاسم مصر وتركيا الحلم ذاته، كل منهما تريد أن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، وتعد مصر منافساً قوياً يفرض نفسه كلاعب رئيسي نظراً لموقعها المركزي وبنيتها التحتية والاستثمارات الضخمة بعد الاكتشافات الأخيرة. التوتر ذاته شاب العلاقات التركية - الإسرائيلية، ما دفع البعض للمطالبة بضرورة اتخاذ إجراءات دبلوماسية جريئة، وبالفعل شهدت الفترة الأخيرة سريان مياه جديدة في أنهار علاقات الدول أعضاء المنتدى، وبدأت تلوح في الأفق إذابة الجليد بين بعض الدول، لكن تبقى العوائق التاريخية العقدة الأكبر التي يتوجب حلها لتحقيق معادلة «الغاز للجميع».

تفوق تصديري

وقال استشاري الطاقة والبيئة وتغير المناخ وعضو مجلس الطاقة العالمي، ماهر عزيز، إن منتدى غاز شرق المتوسط تحول إلى منظمة تسعى لتمكين أعضائها من الإسراع في تحقيق الاستغلال الأمثل لاحتياطات غاز المتوسط، ، إلى جانب تقليل كلفة الإنتاج والنقل، بالإضافة إلى ضمان توريد الغاز إلى الأسواق بأسعار تنافسية بما في ذلك خطوط الأنابيب المتداخلة بما يحقق تفوقاً تصديرياً لأعضاء المنظمة بداية من المنتجين والمستهلكين وحتى دول العبور، منوهاً بأن دور المنظمة يتعاظم في ظل التحديات التي يواجهها العالم حالياً نتيجة المخاطر التي تحيط بمصادر الطاقة، إذ إنه يشكل تجمعاً قوياً يضمن إمدادات الغاز على نحو مستدام بشكل تكافلي بين أعضائه للوصول إلى الدول التي تحتاج إلى الطاقة وبالأخص أوروبا.

الخط الإيراني

هل يحول حلفاء اليوم إلى أعداء الغد؟

|طهران لا ترغب في منح أنقرة الدور الاحتكاري

|يمنح قبرص حماية دولية ويعزز موقفها في مواجهة التحديات

| روسيا تعتبره تهديداً مباشراً لدورها الاحتكاري في أوروبا


خط الغاز الإيراني الذي يمر عبر العراق وسوريا ولبنان ليصل إلى أوروبا، تم توقيعه في 2011، ليمتد على مسافة 5600 كم بتدفقات يومية تبلغ 110 ملايين متر مكعب، ويصل إلى 40 بليون متر مكعب سنوياً، ويدر عائدات على الخزانة الإيرانية تصل إلى ما يقارب 3.7 مليار دولار سنوياً.

ومع الاكتشافات الجديدة اشتعلت حرب الغاز، إذ فضلت سوريا المشروع الإيراني على نظيره القطري الذي يهدف لتمرير أنبوب غاز يمر بالسعودية والأردن وسوريا لينقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر تركيا، وهو ما أفقد الرئيس السوري بشار الأسد أهم حليفين في الشرق الأوسط - قطر وتركيا - التي تمني كل منهما نفسها بحلم يختلف عن الأخرى، إذ تسعى تركيا إلى أن تكون المصدر الوحيد لعبور الطاقة إلى أوروبا، لسببين؛ أولهما أن تصبح مركز الطاقة في الشرق الأوسط، والثاني؛ أن تلعب بورقة الغاز للضغط على الاتحاد الأوروبي لقبول تركيا عضواً بداخله، أما قطر فتحاول وضع موطئ قدم بين عمالقة الغاز، لا سيما بعد الاكتشافات الجديدة وكونها تملك ثالث أكبر احتياطات للغاز في العالم.

احتكار الغاز

رغبة تركيا في حصر نقل الغاز إلى أوروبا لا تلقى قبولاً إيرانياً، التي لا ترغب في منح أنقرة الدور الاحتكاري، لذا فإنها ترغب في تصدير الغاز إلى أوروبا دون وسيط عبر المتوسط من خلال حلفائها في الشرق الأوسط، بما يعزز من دور الجماعات المتحالفة معها داخل دول الخط من ناحية، إلى جانب الاستفادة من احتياطات الغاز الضخمة لديها، لا سيما حال التوصل إلى اتفاق نووي في فيينا ورفع العقوبات الأمريكية، ما يفتح الطريق أمامها لتطوير منشآتها وفتح أسواق جديدة كانت مغلقة بسبب العقوبات، الأمر الذي يفسر الدور الإيراني في سوريا الداعم لبشار الأسد، والدور التركي القطري للإطاحة به في سبيل وصول رئيس موالٍ لها يمكنهم من تنفيذ مشروعهم، ولا سيما أن تركيا تسعى من خلال الإطاحة ببشار الأسد إلى وضع إيران أمام الأمر الواقع والقبول بنقل الغاز عبر أراضيها، أو على أقل تقدير تحويل مسار خط الغاز ليتجه من سوريا إلى تركيا وصولاً إلى أوروبا والحيلولة دون أن تصبح سوريا منافساً لها في نقل الغاز إلى أوروبا، هذا بالإضافة إلى أن خط الإيراني يضمن عبور الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر قبرص، الأمر الذي ترفضه تركيا بشكل قاطع، ولا سيما أنه يمنح قبرص حماية دولية ويعزز موقفها دولياً.

تقاطع الأهداف

رغم تقاطع الأهداف الإيرانية - الروسية وسعي كل منهما لاستخدام الغاز ورقة ضغط سياسي، غير أن كلاً منهما تدعم بشار الأسد للبقاء في الحكم، لمصالحها الخاصة، إذ تعتبر روسيا الخط الإيراني تهديداً لدورها الاحتكاري في أوروبا، وتسعى لإبقاء إيران خارج هذا السوق، الأمر الذي يفسر دخول روسيا بكامل قوتها، ولا سيما العسكرية لدعم بشار الأسد، وساهم الأسد في ذلك علماً منه بأن إيران لن تستطيع تقديم الدعم الكافي للبقاء في سلطته عبر مليشياتها، الأمر ذاته ينطبق على إيران، ولا سيما أن الإطاحة بالأسد يمكن أن تحقق طموح قطر وتركيا في إنشاء خط الغاز الخاص بهما والذي يضمن وصول الغاز القطري إلى أوروبا عبر تركيا، ما يفقد طهران السوق الأوروبي.

مع تقطع كل الخطوط أمام طهران، لا يوجد بديل عن هذا المشروع ، الذي تعتبره أمناً قومياً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها نتيجة العقوبات النووية، خاصة بعد قطع روسيا طريق بحر قزوين وانهيار أحلامها في خط الغاز مع باكستان.

الموقف العراقي

أما بالنسبة للعراق، فإن خريطة الولاءات السياسية، تفرض دعم المشروع الإيراني على حساب التركي، ومرور الطاقة عبر سوريا الحليفة بدلاً من تركيا التي تعد منافسة لطهران، ولا سيما أن الخط التركي قد يواجه في مناطق عبوره صراعات مستقبلية للاستيلاء على كركوك، خاصة مع رغبة إسرائيل في إعادة إحياء مشروع «خط كركوك - حيفا» الذي ينقل الغاز من شمال العراق إلى مدينة حيفا مروراً بأراضي الأردن الذي توقف بعد حرب 1984، ذلك الطموح الذي يقابله طموح كردي مماثل للتخلص من تهريب النفط بعقود غير دستورية وبدون موافقة حكومة بغداد.

توافق الرؤى بين إسرائيل والأكراد يفسر اختيار الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي الأكراد دون غيرهم في الحرب على داعش التي تسيطر على هذا الخط، وقد تدعم ضم كركوك إليها كونها المنبع، غير أن تركيا تقف لهذا المشروع بالمرصاد لـ3 أسباب؛ أولها طموحها في احتكار نقل الطاقة الذي ذكرناه سابقاً، والثاني: لأنه يدعم الحركات الانفصالية للأكراد الأمر الذي لن تقبل به تركيا، بالإضافة إلى أن كركوك أغلب سكانها من التركمان.



خط نيجيريا - المغرب

عقبات جيوسياسية واتهامات بالإضرار بالبيئة


| اكتشافات الأحواض الجوفية تضع المغرب في صدارة دول الغاز الثرية

تسعى المغرب لإنشاء خط غاز إقليمي بالتعاون مع نيجيريا مروراً بـ13 دولة أفريقية، بما يعد أكبر مشروع للبنية التحتية في أفريقيا وفق تقرير وزراة الاقتصاد المغربية، ولا سيما أن طوله يبلغ 5660 كم، ما يجعله أطول خط غاز في العالم، إذ يبدأ من بنين وينتهي في طنجة، بكلفة تصل إلى ما يقارب 25 مليار دولار، الأمر الذي يجعل نيجيريا في حال اكتمال المشروع مركزاً رائداً للطاقة في القارة السمراء، إذ يزود العديد من البلدان المتعطشة للطاقة في أفريقيا بالإضافة إلى إمكانية وصول الغاز إلى أوروبا عبر إسبانيا.

الخط البري - البحري الضخم يعد امتداداً لخط الغاز بين نيجيريا ودول غانا وبنين وتوغو التي تشترك بالفعل في خط غاز منذ 2010، لذا فإنه ليس الخط الأول بالنسبة لنيجيريا، وبعض الدول الأفريقية الشريكة في الخط المغربي، غير أن المغرب يسعى لتوسيع نفوذه داخل القارة عبر مشاريع مختلفة بينها خط الغاز مع نيجيريا.

وبالنظر إلى المكاسب، تعد نيجيريا المستفيد الأول، خاصة مع اعتماد اقتصادها بشكل كبير على استخراج الموارد من نفط وغاز طبيعي، ويحقق خط الغاز بين المغرب وأفريقيا التنمية في مجالي الطاقة والاقتصاد لكافة دول الخط، لا سيما بالنظر إلى أن دول غرب أفريقيا تمثل حوالي %30 من احتياطي الغاز الطبيعي القاري، الأمر الذي يضاعف من أهمية المشروع، في وقت يسعى المغرب نحو ترسيخ وجوده في الساحة الأفريقية بما يضمن حجز مقعد مبكر داخل القارة السمراء في وقت تتجه أنظار العالم كافة نحو مستقبل الاستثمار في مواردها الطبيعية.

المغرب نحو خطوط عدة

تضع اكتشافات الأحواض الجوفية التي تسمح بتراكم الغاز المغرب على قائمة دول الغاز الثرية، لذا فإن الاكتفاء بخط غاز واحد بعد توقف خط الجزائر أمر غير محتمل في ظل سياساتها التوسعية لضمان إمداداتها الخاصة، والتحرر من الاعتماد على منافسها الحدودي - الجزائر- في وقت تشير الاحتمالات إلى تعاون صيني مع المغرب حول هذا الأمر. المشروع لم يخلُ من الصعوبات، إذ يواجه اتهامات عدة بكونه مضراً للبيئة، ولا سيما أن استخراج واستهلاك المواد الأحفورية تشكل أحد الأسباب الرئيسية لتغير المناخ، بالإضافة إلى مخاطر النفايات الكيميائية واحتمالية تسربها على مصادر الأسماك، ما يهدد حياة ملايين البشر، تلك الاتهامات ليست جديدة، إذ واجهت إحدى الشركات العالمية العاملة في السوق النيجيري منذ 1973 اتهامات مماثلة بتدهور بيئي والتأثير على مصايد الأسماك والزراعة.

وبالنظر إلى نقطة إنطلاق المشروع من المغرب داخل منطقة الصراع في الصحراء الغربية والصعوبات الفنية لإقامة مشروع يمر عبر 13 دولة، ما يحتاج إلى موافقات حكومية وتشريعية من كل دول الخط، نجد أن الخط يحتاج إلى وقت كبير للغاية ليرى النور، ما يعزز من تلك الفرضية أن خط الغاز بين نيجريا، بنين، توغو، وغانا استمر 12 عاماً وهي 4 دول فحسب، لذا فإن العقبات الجيوسياسية المتعددة للمشروع من الصعب أن تؤتي ثمارها خلال المستقبل القريب.

الصعوبات الاقتصادية تعد الأهم، ولا سيما أن التقديرات الأولية يمكن أن تتضاعف عند وصول المشروع إلى نهايته، ما يضاعف من عبء الديون في دول تعاني من الفقر، بالإضافة إلى أنه يتنافى مع رؤية المغرب في زيادة حصته من الطاقة المتجددة بحلول 2030.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة نيس، ورئيس الجمعية الاقتصادية الفرنسية، دكتور آلان صفا، إن التحديات التي تواجه مشروع خط الغاز بين نيجيريا والمغرب كثيرة، لاسيما وأن وصول الخط من المغرب إلى نيجيريا يتطلب المرور بـ13 دولة، مؤكداً بأن تنفيذ المشروع يتطلب مراحل عدة، تتضمن حل المشاكل والعقبات تدريجياً، لافتاً إلى ضرورة موافقة كافة بلدان العبور على إنشاء الخط، الأمر الذي يتعدى الموافقة على الاستثمارات والعائدات بل تمتد لتشمل الموافقة على الخط السياسي للمغرب الذي يتعارض مع الجزائر.

وأكد أن النقاش مستمر حول هذا المشروع بين بلدان الخط، غير أن في حال أرادت إحدى تلك البلدان التراجع سواء من أجل التضامن مع الجزائر أو لأي أسباب أخرى، فإن مواصلة بناء الخط ووصوله إلى المغرب مستحيل، لافتاً إلى ضرورة التريث فيما يخص هذا الخط، لمحاولة تخطي العقبات وضمان وصول الخط من نيجيريا حتى المغرب ومن ثم إلى أوروبا بأمان، لافتاً إلى أن هذا مشروع للمدى الطويل الأساس منه إظهار المغرب لاعباً سياسياً واقتصادياً، لديه علاقات جيدة ورؤية مستقبلية، مدللاً على ذلك بالتوجه المغربي نحو الاستثمار في القارة الأفريقية بعد توتر العلاقات مع بعض البلدان الأوروبية نتيجة امتناعها عن دعم انضمام الصحراء الغربية (البوليساريو) إلى المغرب.

وقال صفا إن كلفة المشروع والتي قد تصل إلى 25 مليار دولار تتخطى قدرات المغرب والبلدان الأفريقية المشتركة، ما يستدعي جذب شركات ضخمة عاملة في هذا المجال من أجل ضخ تلك الاستثمارات لحين تحقيق عوائد، الأمر الذي ربما يؤثر على نجاح المشروع.