د. يسار الجرار

لا تكاد تحدث متغيرات في العالم إلا وواشنطن طرف فيها بتفويض رسمي أو قانوني، فهي الدولة الديموقراطية التي تملك جهازاً تنظيمياً ضخماً، وتتمتع بالسيادة الكاملة داخلياً وخارجياً، وهي الدولة العظمى التي تتفرد بالقرار وتطبقه، وهي باختصار الدولة التي تحكم العالم. وكان جي جون إكينبيري، المتخصص في العلوم السياسية قد اختصر فحواها على النحو التالي: كان نظاماً للهيمنة بمعنى أنه قد تركز حول الولايات المتحدة وانعكست عليه المبادئ التنظيمية والآليات السياسية، وكان نظاماً ليبرالياً من حيث كونه شرعياً ومتميزاً بالتفاعل المتبادل، وعمل هذا النظام المركب على تدجين العلاقات ما بين الدول الغربية الكبرى. من هذا المنطلق نستطيع القول إن القوة هي السلام الحقيقي، وعلى إيران أن تثبت غير ذلك إذا استطاعت أن تغير هذه الحقائق، مهما كان الموقف الانتقادي الفظ فيما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات لن تنجح القوى الموازية مهما سخطت الدول والجماهير، ستظل تصورات تغذي نوعاً من الإسقاط فقط. الأمر الذي جعل السيادة الأمريكية قد انتجت نظاماً دولياً جديداً لا يكتفي بإنتاج نماذج متكررة في الخارج، وإيران دون سيادة أمريكا ستزداد عنفاً وفوضى، وستبذل كل ما في وسعها في سبيل نشر مضايقات واستفزازات وهجمات إلكترونية برعاية حكومة طهران، وبسط سيطرة الإرهاب من اللاعبين في المنطقة لأن تاريخها الثوري يجعلها غير قابلة للإذعان بشرط المقايضة. ضمن هذا الإطار، يظل الملف السياسي زاخراً باعترافات وحقائق كبيرة تدين هذه الأعمال والدستور والتشريعات التي هدفها تحويل (إسرائيل) إلى قوة عالمية تتولى ملف إيران على أرض الميدان، وغض الطرف عن الانتهاكات التي تمارسها ضد الفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى وإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية على المتظاهرين. يضاف إلى ذلك تمجيد دور إسرائيل من الإدارة الأمريكية، وفي هذه الأثناء قال ترامب: «أعلن أن أمريكا ستنسحب من الاتفاق مع إيران، وفي لحظات قريبة سأوقع مذكرة لبدء العقوبات على النظام الإيراني»، وعقوباتنا قد تشمل أيضاً دولاً أخرى متواطئة مع إيران»، في هذه الأجواء المتخمة بالصراعات تستأنف العقوبات الأمريكية والضغط على طهران للتفاوض، أي نحو عقاب وتأديب. وهذه مسألة لإيقاف اللصوص، لصوص الأزمات، القادمين من داخل المنطقة وخارجها إلى عادة بوليسية قديمة لكشفهم وتتبع مخططاتهم وإيقافهم بشبهة الإرهاب وتهمة بلدانهم بالتواطؤ مع إيران. m.shareef@alroeya.com

أخبار ذات صلة