تبقى .. الحكاية ذاتي .. وهي وأنا، لم تعد لي جهة لأمضي .. ولابد أن أحرّر هذا السكون من حدوده، فلا يهمني معرفة أنني في الماضي، أم في قلب هذه اللحظة التي تتفشى غائمة لتترك صوتي .. أو جزءاً من «ديسيبل» صوتي ينكفئ على نفسه من أجل قليل من المعنى .. المعنى الخائف المرتجف يحتمي تحت سقف دفيئة. ********* لا يتحدث عن حلم الآن .. فلا ضرورة إلى التعريف هنا بقدر حالة «التجريف» التي تنتابه، وتعروه المدينة التي تفغر فاه من دهشة .. و«يسأل الشوق عن وطن» .. بعيد .. وحتى الاقتصار على «وجه» له قافية البحر. قال لها ذات تشرد «دعيني أكثر حاسديك برحلة إلى بلد فيه (العظيم) أمير» .. تلك مطاياي .. واستغرقته بعدها سِنة من نوم. هو، ليس هو في كل حالاته .. وليس هو «ينظر لا يرى بدراً .. فمن كان في الليل كالبدر» .. غاب. النيون، في شوارع المدينة الحلم، لم يستهوِه .. بل الانبهار الدي يعلو حذافير «سيدة البيد». هده المتاهة، لا تعدو أن تكون حالة توليفية أخرى، هي ضمن مضامين الأمس واليوم .. ما يستنفده النعاس .. أو «بانت سعاد» أو لم تبن .. والإسفلت عقبة بين «تيكوم» والـ «ميديا سيتي» .. ويقبع الخائب بينهما كـ «كامخ» .. أعيريه اهتماماً أيتها الباسقة، فسرديته: استجوبته .. ويعرف أن البحر ليس شظفاً عند ثنيات من «الجميرة» إلى الشارقة، التي لم يطأها، بل حطه النظر من علِ. نظر إلى سحنته المطوية تحت أوراقه، تلكأ قليلا، وظن أنها تخاطبه ضمنا: اخفض غبار يديك قليلاً، ودع طلع «الخرسانة المسلحة» تخرج من بين ترائبك. تلعثم قليلاً .. وهو القادم من جغرافيا أحفاد الـ «فايكنغ»، تذكر أباه وبعض أحلامه عن نساء الـ «فلاندرز» .. وجهر بصوته في أوج شارع بلا اسم، والبرشاء بعيدة عن كل ظلماء .. ولهي، على تواريخ البكاء. سألها، أي تلك المدينة، مردداً حالة قديمة من وطر عفا عليه الزمن وبقع المطارات، واستدركها في الشوارع المعطاء .. أين أنت إلا من حديثك؟ كلانا يدور حول فكرة خارج اللغة .. حول جغرافيا خارج المكان .. وبشموعنا الصغيرة نؤلف رقصاً وباباً تدخله غيوم وأبجديات وعبارات سامقة. سآخذك إلى حدائق الفجر، وكنت تقتادني إلى كلمات مثمرة بعشتار، بأهازيج الأولمب وأورفيوس الباذخ. صادق تأسر الخيل راكضة في باع السهول .. ورائعاً تمتلك الزمن المقبل على محفات الحجى. هذي يداي عميقتان في النبع، تمحص زمنك كاملاً في التفاصيل. تعرف أني كنت الضعف الذي اهتز من الريح .. والعين النازفة على بوابة الوحدة .. والطوطم الذي يحرس وجله، تعرف أني القافية المنظومة في العيون الحزينة .. ففرحت. هذا الهدوء المشوب بالخدر يضعني في مواجهة الحكاية من جديد. لكن، إذا كان المرء معنياً بوجهك لا مناص أمامه من امتلاك ذاكرة قوية متينة، وأنا ما الذي أملكه سوى رواسب اللحظة .. وفيض من الأحاسيس الصاخبة الصادقة. فجأة رأيتني أصعد، أكرر السر وأتلوه وحيداً، ومن شفتي تنفر أغانٍ بلغات قديمة بائدة. فجأة .. أنا والحلم كنا أمام جدلية بليغة تخرج من رحم القبس المعرفي .. قال قاتلي: التاريخ كله يترهل على زمني، ألا تحس شيئاً؟ ورائحة القابع أبداً هنيهات من جهينة تتقمصني .. إني أرى الأجساد المالكة المملوكة حتى في جلجامش تتقاسم في فضاء يساقط .. إني أراني أرفع الأغاريد ونافلة القول والكتابة .. فهات الربابة .. هات الربابة الأقصى إلى وجعي كي لا أتلاشى .. إني مكبل بالوهج .. فأنقذني. m.mutasim@i-media.ae

أخبار ذات صلة