اتسعت دائرة البشرية على الكوكب مكونة أجناساً وسحنات مختلفة، فنشأت الأعراق والأثنيات، وتعددت المذاهب الأيديولوجية لتعبر عن ثلاثية حوارية تمثلت في التحاور، والتصارع، والتجاذب، ساعدت على تطور الإنسان الحضاري المعتمد على مبدأي العنصرية والمساواة وفق اللون والجنس ما استقدح النظام الطبقي «السادة والعبيد» منذ أقدم الفلسفات «الفلسفة اليونانية» في القرن الرابع قبل الميلاد لدى فلاسفتها. واعتمدت حضارة روما القديمة عام 275 ق.م على نظام هرمي ينص على أن العبيد في القاع، والمعتقين فوقهم، والمواطنين المولودين أحرار في القمة. وقد وجد هذا التصنيف في بلاد العرب أيام الجاهلية إلى أن جاء الإسلام محارباً ومحرماً للعبودية بأن جعل الناس سواسية كأسنان المشط ليصبح الفرق بينهم في التقوى، وليؤكد على الحل الجذري لهذه القضية أعلى مبدأ «عتق الرقة» ككفارة لبعض المعاصي التعبدية. وفي المسيحية المتمثلة في الإنجيل، نجد أنها مملوءة بالتعاليم التي تلزم المسيحيين بالتعامل مع بقية أبناء الأديان الأخرى وجميع البشرية بالمحبة، التسامح، وعدم نبذ الآخر المختلف عقيدة، لون، وشكل، فالمحبة شعار البشر. وفي المقابل، نجد الديانة اليهودية المحرفة فإننا نجد أخطر منظومة أخلاقية تظهر العنصرية بشكلها الفج والقائمة على مبدأين «المشباه» وهي تعبر عن علاقة اليهودي مع اليهودي فحرم عليه أن يسرقه أو يقتله، «والنكري» فتعبر عن علاقة اليهودي بغير اليهودي فحلال عليه أن يسرقه أو يقتله، على اعتبار أنهم شعب الله المختار وما تبقى من البشرية كلها عبارة عن حيوانات. وقد تطورت هذه العنصرية لتقسم اليهود إلى قسمين داخل الدولة الواحدة «الشرق والغرب» أو الإشنكانزي والسفرديم. وامتداداً لهذه النظرية العنصرية هناك النازية، فهي حركة سياسية تأسست في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، إذ تمكن المنتمون للحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني تحت زعامة أدولف هتلر من الهيمنة على السلطة عام 1933م لتدل على سيادة الجنس الآري وتفوقه والتشدد ضد الأجناس الأخرى. وتفشت سياسة التمييز العنصري في أوروبا وأمريكا ضد الأفارقة السود «قوانين الفصل العنصري» في جنوب أفريقيا، والحركة الصهيونية ضد سكان العرب في فلسطين المحتلة، الحركة العنصرية ضد اليابانيين في أمريكا خلال الحرب العالمية الأولى. وكانت الدول الاستعمارية هي من عملت على التمكين لقضية التميز العنصري كما فعلت إنجلترا في الهند أيام استعمارها فمكنت لنظام الطبقات الموجود الآن في الهند. وفي ذات الوقت، لهذا التيار العنصري نجد التيار المنادي بالمساواة، أمثال المهاتما غاندي 1869- 1948م، سياسي بارز وزعيم روحي للهند، خلال حركة استقلال الهند نادى بسياسة اللاعنف «أقوى قوى تدل على براعة الإنسان» في مواجهة التفرقة العنصرية «المقاومة السلمية»، مركزاً على قيم الشجاعة، الحقيقة، واللاعنف، متخذاً وسائل الصيام، المقاطعة، والعصيان المدني. ونيلسون مانديلا المولود 1918م، الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب أفريقيا، أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التميز العنصري التي كانت متبعة في جنوب أفريقيا، فقد كان الحكم الإنجليزي الاستعماري ينكر الحقوق السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية للأغلبية السود في حنوب أفريقيا. ومارتن لوثر كنيخ 1929- 1968م، زعيم أمريكي من أصول أفريقية، قس وناشط سياسي من المطالبين بإنهاء التميز العنصري ضد بني جلدته الذين بعوا للأمريكيين لخدمة السيد الأبيض، والكثيرون يرون أن رسالة مارتن لوثر قد حققت في اليوم الذي فاز فيه باراك أوباما الأفريقي الأصل في الانتخابات الرئاسية 20 يناير 2009م للوصول إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية ليعبر عن تحطم وتمزق النظرية العنصرية القائمة على أن السود في كل العالم أقل ذكاء من البيض وهم خلقوا للأعمال الشاقة ولخدمة البيض. m.khedr@alroeya.com