الرؤية

توقعت الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، في تقرير أمس، يسلط الضوء على سوق النفط العالمي أن يصل معدل أسعار النفط ما بين 60 و70 دولاراً للبرميل الواحد بحلول منتصف عام 2019.

وشهدت الأسواق العالمية للنفط ظروفاً صعبة خلال الربع الأخير من العام الماضي، وذلك بعد الارتفاع الحاد لأسعار النفط التي وصلت إلى 85 دولاراً للبرميل الواحد في أكتوبر 2018، ومن ثم شهدت تراجعاً كبيراً مع نهاية العام لتنخفض إلى نحو 54 دولاراً للبرميل الواحد.

وقال مصطفى الأنصاري، الباحث الاقتصادي الأول في أبيكورب «يعتمد اتزان السوق على توافر نطاق واسع من الأسعار، وستتواصل الضغوط على أسعار النفط حتى ظهور مؤشرات على انخفاض حجم المخزون في السوق. ومع عودة الأسواق إلى وضعها الطبيعي، فإن أسعار النفط ستتعافى من بعض الخسائر الحالية، حيث نتوقع أن تصل أسعار النفط إلى نطاق يراوح بين 60 و70 دولاراً للبرميل الواحد مع بداية النصف الثاني من العام إلا إذا حدث تباطؤ حاد في الاقتصاد العالمي. ومع دخول العام الجديد، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن البيئة الكلية والسياسات الحمائية التي من شأنها أن تؤثر على مستوى الطلب في النفط».

وأشار الأنصاري إلى أن المحركات الرئيسة لتحديد أسعار النفط في عام 2019 ستعتمد بشكل كبير على مدى فاعلية «أوبك» وحلفاؤها من الدول المنتجة للنفط المعروفة بـ «أوبك +» في تنفيذ خطط خفض الإنتاج، الأمر الذي يسهم بدوره في اتزان الأسواق ويعزز مصداقية مؤشراتها.

وشهدت أسواق النفط حالة من عدم الاستقرار والتذبذب في مايو 2018 عندما أعلن الرئيس ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، الأمر الذي أدى إلى عدم وضوح حالة السوق، خصوصاً حجم الخسارة المحتملة لإنتاج النفط الإيراني. وإلى جانب الانخفاض المستمر التي تشهده كل من فنزويلا وليبيا وكندا، بدت الصورة العامة للإنتاج غير إيجابية، خصوصاً بالنظر إلى التوقعات القوية لنمو الطلب في النصف الثاني من عام 2018. ونتيجة لذلك تزايدت وتيرة ارتفاع أسعار برنت في شهري مايو ويونيو لتصل إلى أكثر من 75 دولاراً للبرميل مع نهاية يونيو وبداية يوليو.

ولكبح جماح الارتفاع الحاد بالأسعار، قررت دول «أوبك +» إرسال إشارة قوية من خلال ضخ المزيد من الإنتاج في السوق. وحدثت الزيادة الأولى في الإنتاج في مايو 2018، حيث شهدت السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وروسيا زيادة بمقدار 0.7 مليون برميل في اليوم خلال مايو ويونيو. وساعد ذلك على تخفيف مخاوف السوق وتراجع مؤقت في الأسعار لشهري يوليو وأغسطس لتصل إلى 70 دولاراً للبرميل في منتصف أغسطس.

أخبار ذات صلة

سوق أبوظبي يستقر أعلى 9400 نقطة عند الافتتاح
سلطان الجابر: الأمن والاستقرار وجودة الحياة أحد أهم ممكناتنا الصناعية


ووفقاً للتقرير، كانت الاستجابة الأولية إيجابية، ولكن سرعان ما تغيرت الظروف مع دخول السوق في حالة من الانحدار مدفوعة بتصفية من قبل صناديق التحوط والمستثمرين الماليين. وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تخفض أوبك إنتاجها في عام 2019 في محاولة لتحقيق التوازن في السوق، من المتوقع أن يحافظ الإنتاج الأمريكي على زخمه المتصاعد.

بينما خفضت وكالة «إس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية» توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بمقدار عشرة دولارات أمريكية للبرميل إلى 55 و50 دولاراً أمريكياً للبرميل على التوالي لعام 2019، وبمقدار خمسة دولارات أمريكية للبرميل إلى 55 دولاراً أمريكياً و50 دولاراً أمريكياً على التوالي لعام 2020 مع بقاء التوقعات المستقبلية طويلة الأجل لعام 2021 عند 55 دولاراً أمريكياً للبرميل لكل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط. ولم تُجرِ الوكالة أي تغيير على توقعات لأسعار الغاز الطبيعي، وبقيت عند ثلاثة دولارات أمريكية لكل مليون وحدة حرارية بريطانية حتى عام 2021.

وقبل بضعة أشهر فقط توقع الخبراء في سوق النفط أن يصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار أمريكي للبرميل، ولكن اجتماع عوامل عدة أدى إلى تحول مفاجئ في هذا التوجه والتوقعات بشأن أسعار النفط.

إن استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكذلك الأخبار المتعلقة بتباطؤ النمو الاقتصادي للصين أدت إلى مخاوف بشأن توقعات الطلب العالمي. علاوة على ذلك، كانت منظمة أوبك، وتحديداً المملكة العربية السعودية، إضافة إلى روسيا، تنتجان بمستويات قياسية للتخفيف من الانخفاض الكبير الذي كان متوقعاً في الإمدادات العالمية بسبب إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران. ولكن العقوبات ذاتها لم تكن بحجم التوقعات عندما أُعلن في الثاني من نوفمبر 2018 أنه سيتم استثناء ثماني دول من العقوبات المفروضة على استيراد النفط من إيران مدة ستة أشهر. ونتيجة لهذا الإعلان من المتوقع أن يكون هناك زيادة كبيرة بكميات النفط في السوق. وفي ظل ذلك استمر إنتاج الولايات المتحدة بالإرتفاع، بدعم من النمو القوي للنفط الصخري.

وفي ظل الحديث عن احتمال انخفاض سعر برميل النفط إلى ما دون 40 دولاراً أمريكياً للبرميل، اتقفت أوبك وروسيا في السادس من ديسمبر 2018 على خفض الإنتاج مدة ستة أشهر بدءاً من يناير 2019، بمقدار 1.2 مليون برميل عن مستويات أكتوبر 2018 لتحقيق التوازن في السوق. ولكن هذا لم يوقف التراجع في أسعار النفط لأن المخاوف بشأن الطلب العالمي وما إذا كانت أوبك ستحترم خفض الإنتاج واصل الضغط على الأسعار. وبالفعل، تراجع سعر خام برنت، الذي اقترب من 86.07 دولار أمريكي في الرابع من أكتوبر 2018، إلى 51.49 دولار أمريكي للبرميل في 27 ديسمبر 2018.

إن خفض الإنتاج - على الأقل - سيوازن النمو المتوقع من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2019. توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه إذا كان سعر خام غرب تكساس الوسيط 54 دولاراً أمريكياً للبرميل، فإن إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية سيرتفع إلى 1.18 مليون برميل يومياً، وهو قريب جداً من حجم الانخفاض اليومي للإنتاج البالغ 1.2 مليون برميل الذي أعلنته «أوبك» سابقاً، ما سيقوض بشكل كبير جهودها لتحقيق التوازن في السوق. ومن المتوقع أن يأتي معظم هذا الإنتاج من حوض بيرميان، المقيد حالياً بسبب نقص السعة في خط الأنابيب. وصل الإنتاج من المنطقة إلى 3.4 مليون برميل يومياً، والذي يشكل كامل طاقة الاستيعاب الإقليمية لأنابيب نقل النفط. ولكن شركة «إس آند بي جلوبال بلاتس» تتوقع أن يضاف 2.6 مليون برميل على سعة الأنابيب خلال عام 2019 وبداية 2020.