محمد فايت

لم تشهد النسخة الجارية من بطولة كأس آسيا 2019 والتي تستضيفها الإمارات حالياً ميلاد عدد من النجوم الجدد، مثلما كما كان متوقعاً قبل انطلاق المسابقة، حيث ترشيح العديد من الأسماء للتوهج وكتابة أمجاد خالدة من بوابة الملاعب الإماراتية.

عملياً، وعلى أرض الواقع خيبت غالبية تلك الأسماء الظن، واكتفت بظهور خجول، وهو أمر تزامن أيضاً مع شح في مواهب جديدة يمكن أن تصنف في خانة كونها وليداً شرعياً من رحم البطولة المشتعلة بالإثارة، مثلما كان يحدث في سابق المسابقات والتي كان أغلبها بمنزلة منصات لانطلاق اللاعبين الصغار وجواز عبورهم نحو ساحات النجومية.

والمتابع لمنافسات كأس آسيا 2019 التي تدخل اليوم محطتها قبل الأخيرة يجد أن هناك أسماء قليلة برزت بشكل مميز، ولكنها لا ترتقي لدرجة النجومية المطلقة من بينهم لاعب المنتخب الأسترالي أوير مابيل ولاعب منتخب فيتنام نيغوين كونغ فونغ الملقب بميسي فيتنام، حيث أسهم في وصول بلاده لدور الثمانية، والأردني موسى التعمري الذي ظهر في مباراتين واختفاء بعدها، إضافة إلى السعودي هتان باهبري والقطري المعز علي والعراقي مهند علي.

وفي المقابل، لم يحالف الحظ لاعبين توقع الكثيرون أن يصنعوا الفارق مع منتخباتهم وتكون لهم كلمة الحسم في المسابقة، قبل أن يخذلوا كل من راهن عليهم، خصوصاً جماهير بلادهم التي طالما عولت عليهم وأطلقت العنان لطموحاتها في المضي قدماً في البطولة.

ومن أبرز هؤلاء الثنائي السوري عمر السومة وعمر خربين اللذين قدما مستوى باهتاً مع نسور قاسيون، عجل بمغادرة بلادهما المسابقة مبكراً.

وبالرغم من التحاقه بمنتخب بلاده متأخراً إلا أن لاعب المنتخب الكوري الجنوبي سون هيونغ مين القادم نجم توتنهام الإنجليزي لم يقدم الأداء المنتظر منه وجاءت مشاركته عادية في ظل الإمكانات الفنية التي يمتلكها ليغادر الشمشون الكوري من محطة ربع النهائي بعدما كان أحد أبرز المرشحين لنيل اللقب.

أخبار ذات صلة

test
عنوان


غياب واضح

افتقدت كأس آسيا في نسختها الحالية لمسات العديد من النجوم المميزين على رأسهم لاعب منتخب الإمارات عمر عبد الرحمن الذي غيبته إصابته بقطع في الرباط الصليبي عن الظهور مع الأبيض، الذي أسهم في نيله المركز الثالث في النسخة الماضية في أستراليا، والنجم الياباني الشهير هوندا الذي اعتزال لعب كرة القدم والأسترالي تيم كاهيل للسبب نفسه، والحارس العماني المميز علي الحبسي أحد أبرز الوجوه الآسيوية التي مثلت الكرة الآسيوية في الملاعب الإنجليزية لفترات طويلة حيث تسببت الإصابة التي ألمت به في حرمانه من الظهور بنسخة الإمارات.

وكذلك مثل غياب نجم المنتخب الياباني ولاعب بروسيا دورتموند الألماني عن المشاركة مع الساموراي لعدم استدعائه من قبل الجهاز الفني ضربة قوية على صعيد النجوم الكبار الذين كان الجميع ينتظرهم في كأس آسيا بجانب غياب الموهوب السعودي نوافد العابد عن الأخضر بسبب الإصابة، التي حرمت النجم المخضرم السوري فراس الخطيب من المشاركة مع نسور قاسيون بعد عودته للظهور بقميص بلاده في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018 وساهم في بلوغ سوريا للمحلق بفضل قدراته الفنية داخل الملعب والقيادية خارجه.

المطاوع: الطابع الكلاسيكي سيطر على البطولة

رأى الناقد الرياضي الأردني الدكتور محمد المطاوع أن الشكل الكلاسيكي سيطر على البطولة شكلاً ومضموناً حيث لم يحدث شيء جديد بخلاف ما هو متوقع سواء من ظهور اللاعبين الجدد أو النجوم المعروفين مع منتخباتهم سلفاً ورغم ذلك لم يقدموا أداء مبهراً حسب رأيه.

وأضاف «على صعيد المنتخبات غير المعروفة آسيوياً برز بشكل نسبي عدد من المواهب منهم الفيتنامي نيغوين كونغ فونغ فهو من اللاعبين الذين سيكون لهم مستقبل متميز حال احترافه في الدوريات الكبيرة».

وأردف «هذا يعتمد على حلّ الإشكالات التي تعيق احترافه في ظل القوانين المحلية في بلاده التي تمنع الاحتراف الخارجي علماً بأنه وصلته العديد من العروض ولكنه لن يستطيع الذهاب خارج فيتنام فقوانين كرة القدم هناك تحتاج لمراجعات ضرورية للارتقاء بنشاط اللعبة الشعبية لديهم وهذا دور اتحاد الكرة ومنظومته في حل مثل تلك التعقيدات والثغرات القانونية».

وتابع «من الوجوه الجديدة التي لفتت نظري لاعب منتخب الأردن المحترف في الدوري القبرصي موسى التعمري ولكن عدم التوظيف السليم لقدراته جعل ظهور بخلاف ما هو متوقع، فاللاعب قدم نفسه بصورة ممتازة في مواجهتي أستراليا وسوريا ولكنه تراجع في بقية البطولة».

وزاد «الحال نفسه ينطبق على المنتخبين الإماراتي والسعودي اللذين لم يقدما نجوماً جدداً بخلاف هتان باهبري في صفوف الأخضر حيث منحته البطولة الفرصة ليكون أساسياً في جميع مباريات المنتخب السعودي، وأيضاً العراقي الواعد مهند علي الذي ظهر بشكل جيد وأكد على موهبته الفنية».

واسترسل المطاوع «من اللاعبين الذين تألقوا بشكل لافت الأسترالي أوير مابيل وأتوقع له بعد البطولة أن يذهب لنادٍ كبير بخلاف ناديه الحالي في الدوري الدنماركي فهناك عيون كثيرة تراقبه حالياً خصوصاً وأنه يتمتع بقدرات فنية عالية ويمتاز بالسرعة وصغير في السن علماً بأنه جاء لكأس آسيا متحمساً جداً باعتبارها أولى مشاركاته مع الكنغارو وقال إنه يريد أن يرد الدين لأستراليا التي آوته وقدمت له الكثير بعد قدومه من جنوب السودان بسبب الحرب والظروف الأسرية الصعبة التي عاشها هناك»

تراجع

لعل تراجع مستوى العديد من النجوم في النسخة الحالية، ظل الهمّ الأبرز الذي يؤرق الجميع، وهو ما عبر عنه المطاوع «من الأشياء الملاحظة في هذه النسخة تراجع مستوى العديد من النجوم المعروفين واختفاء بريقهم تحديداً المنتخب الياباني الذي لم يرفد الملاعب الآسيوية بأي لاعب جديد في البطولة الحالية ولاعبوه قدموا أقل مجهود مقارنة بالسنوات الماضية».

وأضاف «الوضع ذاته نجده في المنتخب الكوري الجنوبي فنجمه سون هيونغ كان حذراً خلال المباريات التي لعبها وبان عليه الخوف من حدوث إصابة تعيقه عن مشواره مع فريقه الإنجليزي فغاب عن التألق والنجومية فكثيراً ما يتجنب الاحتكاكات والالتحامات القوية».

شجاعة وثقة

أرجع المطاوع التراجع في ظهور نجوم جدد إلى عدم تواجد المدربين أصحاب التجارب والخبرات في اكتشاف وتقديم المواهب خصوصاً في غرب آسيا «جميعهم مدربون عاديون ولا يستطيعون تغيير أداء المنتخبات بتكتيك عالٍ أو جديد في كرة القدم بل يعمدون إلى اللعب التقليدي وانتهاج الأساليب المتعارف عليها وهذا لا يصب في صالح المواهب الجديدة التي تحتاج لعيون فاصحة تكتشفها وتؤمن بها وتمنحها الثقة الكاملة».

وأكمل «انعكس ذلك على عدم وجود أي مفاجآت في تأهل المنتخبات للمربع الذهبي أو دور الثمانية بالرغم من حالة التفاؤل الكبيرة التي سادت عقب نهاية الدور الأول وتوقعنا وصول منتخبات جديدة لم يسبق لها التواجد في تلك الأدوار المتقدمة ولكن سرعان ما عادة الوضع لطبيعته وتأهلت المنتخبات التي دائماً ما تصل لهذه المرحلة، ويعود ذلك لامتلاكها النفس الطويل عكس المنتخبات الأخرى التي رمت بثقلها في الدور الأول فقط».

نجاح تسويقي

في معرض تعليقه على قرار زيادة عدد المنتخبات المشاركة في البطولة لـ24 منتخباً والإضافة التي كان متوقعاً لها على المستوى الفني ومنح الفرصة للعناصر الشابة من المنتخبات غير المعروفة آسيوياً في البروز، قال المطاوع «لم نشهد أي تأثير يذكر على المستوى الفني بل كانت عبارة زيادة في عدد المباريات».

وأضاف «بخصوص المواهب الجديدة لم نر جديداً والمنتخبات التي شاركت للمرة الأولى أشبه بضيوف الشرف تحديداً منتخب كوريا الشمالية الذي كان بمثابة الحصالة للفرق في تجميع النقاط وعدد الأهداف وأيضاً المنتخب اليمني واللبناني فلم يظهروا بصورة إيجابية عدا قيرغيزستان التي قدمت أداء ملفتاً في ظهورها الآسيوي الأول ووصلت لدور الـ16 وكانت قريبة من التأهل لربع النهائي».

وختم «التأثير الإيجابي كان في الجانب الجماهيري والتسويقي للبطولة بحضور عدد كبير الجماهير للمباريات، خصوصاً أن الجاليات الآسيوية بمختلف دولها متواجدة في الإمارات الأمر الذي جعل نجاح البطولة جماهيرياً أمراً سهلاً والمشهد نفسه سيتكرر في كأس العالم عند زيادة المنتخبات لـ48 منتخب، حيث تغادر الفرق الجديدة مبكراً وتبدأ المنافسة من دور الـ32 وتواصل المنتخبات الكبيرة خط السير نحو المراحل النهائية».