محمد الدويري

«الرؤية» تحلل عينة في مختبرات هيئة حماية البيئة والتنمية

يعاني سكان في مناطق متفرقة من رأس الخيمة وصول مياه الصنابير إلى منازلهم ملوثة ومائلة إلى اللون الأحمر، الأمر الذي ينذر بمخاطر صحية.

وأكدوا أن المياه الملوثة تتسبب في عطب فلاتر التصفية وتغييرها كل ثلاثة أسابيع في أغلب الأحيان، دون أن يعرفوا السر وراء الأمر، متسائلين عن السبب رغم أنهم فحصوا الخزانات الخاصة بهم ونظفوها ويقطنون منازل جديدة؟

أنابيب الحديد المجلفن

«الرؤية» نقلت القضية إلى الجهات المعنية، وبدأنا بالهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه، التي أكدت على لسان المدير العام محمد صالح خلو المياه ضمن القنوات المسؤولة عنها من خطوط النقل الرئيسة حتى عدادات المياه الواصلة إلى الأبنية من أي ملوثات بكتيرية أو كيميائية، عبر فحص عينات لعدة مناطق من إمارة رأس الخيمة.

وأفاد أن من الممكن أن تكون خطوط المياه الداخلية لبعض المنازل أو المباني والمجمعات السكنية من أنابيب الحديد المجلفن أو سخانات المياه الرديئة، التي تتحول المياه بداخلهما إلى أكسيد الحديد الذي يصبغ باللون البني أو الأحمر المياه وفلاتر التصفية.

وأضاف صالح أنه يمكن أيضاً أن تكون شبكات المياه داخل المنازل قديمة، الأمر الذي يحتم على أصحاب المنازل تغييرها أو صيانتها للتخلص من أي تفاعلات كيميائية، كما أنه يجب على أصحاب المباني السكنية أو الشركات التي تديرها تنظيف خزانات المياه بشكل دوري، أو تجديد شبكات المياه التي تتشكل فيها تفاعلات كيميائية تزيد من نسبة الحديد في الماء.

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة


معايير لنظافة الخزانات

تصريحات الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه قادتنا إلى وضع القضية أمام دائرة البلدية في رأس الخيمة، التي حددت دورها في الحفاظ على جودة المياه داخل المباني السكنية والمنازل، عبر فرق تفتيش يحق لها دخول أي مبنى بهدف إجراء التفتيش على خزانات المياه والتأكد من مطابقتها للشروط الصحية والفنية.

وقالت «بداية يجب التأكيد على استخدام خزانات المياه المصنوعة من مواد غير قابلة للصدأ أو التآكل، كي لا تؤثر في الخواص الطبيعية والكيميائية للمياه، وألا تحدث أي تغيير في لونها أو طعمها أو رائحتها، وألا تتأثر بالحرارة أو الرطوبة، وأن تكون منفذة للضوء، وليس لها أي تأثير على صحة الإنسان».

وأكدت البلدية أن خزانات مياه الشرب يجب أن تزود بفتحات للتنظيف بمقاس مناسب، بحيث تناسب دخول شخص لإجراء النظافة الدورية، كما أن ماسورة التهوية مصممة بطريقة تمنع دخول أي مواد أو حشرات قد تلوث المياه داخل الخزانات، ومصنوعة من مواد غير قابلة للصدأ، مشيرة إلى ضرورة تنظيف خزانات المياه مرة كل ستة أشهر على الأقل.

ارتفاع نسبة الحديد

ولتحديد ما تحمله المياه الحمراء في رأس الخيمة من مخاطر، أخذت «الرؤية» عينة منها إلى مختبرات هيئة حماية البيئة والتنمية، ليبين الفحص الميكروبيولوجي أن احمرار لون المياه يشير إلى احتمالية وجود تلوث بأكاسيد الحديد وبتركيز مرتفع، إذ أظهرت نتيجة التحليل المأخوذة من خزان منزل ارتفاع مقياس أكسيد الحديد في المياه بدرجة تصل إلى 2.44 ppm (مليغرام من الحديد لكل لتر ماء)، بما يفوق الحد الطبيعي الذي يبلغ 0.3 مليغرام لكل لتر ماء، وخلو العينة من أي ملوثات ميكروبيولوجية.

وقال مصدر في مختبرات الهيئة إن النتيجة أظهرت بداية نمو الطحالب بواسطة التحليل المجهري، مرجحاً أن لون المياه الأصفر المخضر سببه عدم تنظيف خزانات المياه بشكل دوري.

هواجس من تلوث المياه

ما كشفته الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه وكذلك بلدية رأس الخيمة لم يقنع أصحاب القضية، متسائلين كيف يمكن أن تكون الخزانات أو خطوط المياه في الأبنية مسؤولة عن الأمر، وبعضهم يسكن في مناطق جديدة تماماً وخطوطها لم تستهلك بعد، إلى جانب آخرين لديهم خزانات مياه جديدة أيضاً؟ مؤكدين أن المشكلة في الخطوط الرئيسة.

وقال عبدالله العويد إن المياه التي تصل إلى منزله شديدة الحمرة، رغم تجديد كل تمديدات الأنابيب الداخلية للمنزل وتركيب فلاتر تصفية يستبدلها بشكل دوري كل ثلاثة أسابيع.

وأعاد سبب احمرار المياه وتلوثها إلى خطوط نقل المياه في منطقة البريرات التي يسكنها، مشيراً إلى أنها قديمة وتعود إلى سبعينات القرن الماضي، مؤكداً أن تلوث المياه ظاهر في العديد من مناطق رأس الخيمة.

من جانبه، قال أحمد الطنيجي من منطقة الرمس، إنه استغنى عن فلاتر تصفية المياه لتكرار تعطلها بسبب الرواسب الموجودة في المياه، ما يسبب توقف عملية ضخ الماء، مضيفاً أنه يعتمد على شراء المياه بتنكات خاصة لغايات الاستخدام، وغالونات مياه صحية لاستعمالها في الطبخ والشرب، الأمر الذي يحمله عبئاً مالياً إضافياً، مقابل تفادي الأضرار الصحية التي من الممكن أن تلحق بأفراد أسرته بسبب تلوث المياه.

من جهته، أكد أيمن أبو السمن أن لون مياه الصنابير، في منزله الواقع ضمن مجمع سكني في منطقة خزام، أحمر بسبب التلوث الذي يجهل مصدره، مشيراً إلى أنه عمل على تغيير خزان التسخين (الجيزر) عدة مرات، وطلب من مسؤولي البناية عمل صيانة شاملة لكل التمديدات علهم يتخلصون من الهواجس التي تنتابهم بسبب المياه الملوثة.

مخاطر صحية مقبلة

حول المخاطر الصحية للمياه بعد معرفة النتائج المخبرية، قال اختصاصي باطني الدكتور شبيب سليم، إن شرب المياه التي يميل لونها إلى الحمرة يسبب ارتفاع منسوب أكسيد الحديد الذي يؤثر على صحة الإنسان بشكل تراكمي، ما يؤدي إلى تفاعلات كيميائية قد تفاقم أو تزيد بشكل غير مباشر مرض السرطان. وأضاف أن شرب ماء فيه صدأ أو طحالب خضراء بشكل متكرر يؤدي إلى مشكلات في الكلى، تصل إلى الفشل الكلوي، بالإضافة إلى مشاكل في المعدة.

المسؤولية مشتركة

استشاري الاستدامة والمسؤولية المجتمعية، الدكتور عماد سعد، قال إن المسؤولية هنا مشتركة في إيجاد حلول لسر تلوث المياه، إذ من الضروري أن تضمن الجهات الرسمية الموردة للمياه سلامة شبكات النقل وتجدد التالف منها لتجنب حصول عمليات الأكسدة داخل الأنابيب، بالإضافة إلى دور الأجهزة الرقابية المسؤولة عن تطبيق القوانين الضابطة للجهات المسؤولة عن عمليات صيانة المباني السكنية.